في وقت انشغلت الأوساط الرسمية والشعبية بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤتمر الأمن والتنمية في المملكة العربية السعودية، عكفت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية في بغداد على محاولة تخطي عقبة اختيار مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، بعد نحو عشرة أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية العامة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كُسرت خلالها جميع التوقيتات الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة.
واجتمع قادة «الإطار التنسيقي»، مساء أول من أمس (الجمعة)، للتباحث بشأن انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلف بدوره مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر لتولي منصب رئاسة الوزراء.
وذكر بيان صدر عقب الاجتماع أن «الإطار التنسيقي أقر انعقاده الدائم في جلسة مفتوحة ومستمرة لاختيار رئيس الوزراء خلال الأيام القليلة المقبلة وفق الآليات التي وضعها لذلك».
ودعا «الإطار التنسيقي» رئاسة مجلس النواب إلى عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية خلال (هذا الأسبوع) لغرض إكمال الاستحقاقات الدستورية».
ووجه طلباً إلى «الأطراف الكردية بتكثيف حواراتهم والاتفاق على شخص رئيس الجمهورية، أو آلية اختياره، قبل عقد جلسة مجلس النواب من أجل الإسراع في إكمال متطلبات تشكيل الحكومة».
معروف أن الحزبين الكرديين: «الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي» الكردستاني، يتمسك كل منهما بمرشحه لمنصب رئاسة الجمهورية، إذ ما زال الرئيس الحالي المنتهية ولايته برهم صالح مرشحاً عن «الاتحاد الوطني»، فيما يترشح عن «الديمقراطي» وزير الداخلية في إقليم كردستان ريبر أحمد خالد.
وكشف القيادي في حركة «عصائب أهل الحق»، نعيم العبودي، عن قرب تسمية رئيس الوزراء. وقال في تغريدة عبر «تويتر»: «المعلومات الواردة تقول إن الأجواء التي رافقت اجتماع الإطار التنسيقي اليوم جاءت إيجابية والأمور ماضية باتجاه الحسم خلال 48 ساعة حول شخصية رئيس الوزراء». وأضاف: «المطلوب ألا تكون الحكومة المقبلة حكومة جدلية، وأن تمثل كل تطلعات العراقيين».
وكان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي دعا، أول من أمس، القوى السياسية إلى حسم الحوارات للمضي بانتخاب رئيس الجمهورية.
وقال الحلبوسي في بيان: «مع انتهاء العطلة التشريعية للفصل الأول لمجلس النواب وعطلة عيد الأضحى المبارك وبدء الفصل التشريعي الجديد، أدعو الإخوة والأخوات رؤساء القوى السياسية والكتل النيابية إلى تحمُّل المسؤولية وحسم الحوارات؛ للمضي بانتخاب رئيس الجمهورية». واعتبر أن «ذلك سيسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة، عملاً بأحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس في تحديد موعد جلسة الانتخاب، وإكمال الاستحقاقات الدستورية لتشكيل الحكومة المرتقبة».
يقول الأكاديمي ورئيس «مركز التفكير السياسي» إحسان الشمري: «يبدو أن الإطاريين تحت ضغط كبير يمثل الجزء الأكبر منه مقتدى الصدر الذي منحهم بعد انسحابه من البرلمان فرصة تشكيل الحكومة، وهناك أيضاً التسجيلات الصوتية للمالكي التي يبدو أنها حسمت الكثير من الجدل والعناد السياسي الذي مارسه المالكي الذي كان طامحاً لتولي منصب رئاسة الوزراء».
ويرى الشمري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإطاريين يريدون إثبات قدرتهم السياسية على تشكيل حكومة طال انتظارها، وهم يدركون أنهم أمام لحظة اختبار، لذلك فمسألة إعلان مرشح لرئاسة الوزراء من قبلهم أمر وارد جداً، لكن العقبة الكبيرة في برنامج الحكومة وطبيعتها وقدرتها على الصمود من عدمه، إلى جانب مسألة القبول الذي ستحظى به الشخصية المختارة للمنصب من قبل بقية الأطراف السياسية». ويضيف: «ولا تنسَ أن الصدر لن يكون بعيداً عن مراقبة ما يجري، المشكلة لا تكمن باختيار الرئيس، إنما بمرحلة ما بعد تشكيل الحكومة وتداعياتها».
كان مقتدى الصدر وضع خلال كلمة أمام الحشود في خطبة، أول من أمس (الجمعة)، شروطاً قاسية أمام قوى الإطار للقبول بحكومتهم المزمعة، وضمنها طلبه عدم ترشيح نوري المالكي أو أي شخصية لا يقبل بها لمنصب رئاسة الوزراء، إلى جانب مطلب حصر السلاح بيد الدولة ومواجهة الميليشيات المنفلتة ومحاربة الفساد، وهي شروط من الصعب الالتزام بها من قبل قوى الإطار الذي يضم معظم الفصائل المسلحة الموالية لإيران والمتقاطعة مع الصدر. من هنا، فإن ترجيحات معظم المراقبين تميل إلى استبعاد قدرة الإطاريين على تشكيل الحكومة حتى لو تمكنوا من طرح مرشحهم لرئاسة الوزراء خلال الساعات القليلة المقبلة، بالنظر للتعقيدات والصراعات العميقة بين القوى الشيعية من جهة، وبقية القوى السياسية الكردية والسنية من جهة أخرى، وسبق أن قام الصدر بترشيح ابن عمه جعفر الصدر لمنصب رئاسة الوزراء، لكنه لم يتمكن من تمريره نتيجة الممانعة التي أبدتها قوى «الإطار» المدعومة بقرار «الثلث المعطل» الصادر عن المحكمة الاتحادية.