أفادت مصادر يمنية حقوقية بأن محافظة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، شهدت، خلال الآونة الأخيرة، تنامياً جديداً لظاهرة اختفاء الأطفال والشبان، بالتزامن مع استمرار حالة التدهور والفوضى والفلتان الأمني بالمحافظة ذاتها التي تُعدّ من بين أعلى المحافظات سكاناً.
وفي حين اتهم تقرير دولي الجماعة الحوثية بتورطها باختطاف الأطفال وممارسة أبشع الانتهاكات تجاههم والزج بهم في جبهات القتال، إلى جانب استخدامهم في الأعمال غير المشروعة، أكدت المصادر المحلية في محافظة إب أن حالات الاختفاء الغامضة للأطفال والشبان تزايدت بشكل ملحوظ مُسببةً حالة من الذعر والهلع بأوساط السكان في مركز المحافظة وعدد من مديرياتها.
وكشف مصدر حقوقي لـ«الشرق الأوسط» عن تسجيل إب وعدد من مديرياتها ما يزيد على 12 حالة اختفاء لأطفال وشبان بغضون أسبوعين ماضيين، بعضها تم الإعلان عنها على منصات التواصل الاجتماعي من قِبَل الأهالي.
وقال المصدر إن أحدث تلك الحالات تمثلت باختفاء شاب وطفلين بحوادث منفصلة خلال اليومين الماضيين؛ الأول يُدعى غسان علي العماري من أهالي قرية السروة بمديرية بعدان (شرق إب)، والثاني طفل يدعى ياسر أحمد قحطان (14 عاماً) من أهالي مدينة إب القديمة بمديرية المشنة، فيما اختفي الطفل بندر محمد الحميدي بالقرب من سوق القات بمديرية الظهار عاصمة المحافظة.
واعتبر المصدر أن جريمة اختطاف الأطفال ما هي إلا حوادث تأتي ضمن عشرات الحالات التي تُسجل باستمرار في المحافظة، دون أن تعلن عنها أجهزة الميليشيات الحوثية الأمنية.
في السياق نفسه، يتهم سكان في إب الانقلابيين بالوقوف وراء تنامي ظاهرة اختطاف الأطفال والشبان خلال الآونة الأخيرة في المحافظة بدافع التجنيد والابتزاز والاستغلال، وغيرها من الممارسات غير المشروعة.
ويشير بعض السكان إلى تصاعد الظاهرة على نحو مخيف؛ سواء في مركز المحافظة (مدينة إب) أو في 22 مديرية أخرى، في ظل انفلات أمني غير مسبوق تحت حكم الميليشيات التي يهيمن عناصرها على جميع مفاصل الأجهزة الأمنية والاستخبارية.
ويقول أحمد، وهو من سكان مدينة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن المحافظة تحولت أخيراً، في ظل استمرار حكم وسيطرة الميليشيات إلى مسرح لظاهرة اختفاء واختطاف الأطفال والشبان، حيث تقودها عصابات تجنيد قسري وعصابات جريمة منظمة مرتبطة بقيادات في الجماعة.
وتأتي عمليات اختفاء الأطفال والشبان بمناطق سيطرة الحوثيين عامة، وفي محافظة إب على وجه الخصوص، متزامنة مع ارتفاع وتيرة التجنيد الإجبارية للميليشيات التي تسعى جاهدة لاستقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.
بدوره، كشف أحد السكان في إب عن تعرُّض طفله (4 سنوات) قبل يومين للاختفاء المفاجئ في منطقة الثلاثين، وسط المدينة، وأنه ظل أزيد من 3 ساعات برفقة أهالي وأطفال المنطقة يبحثون عن طفله المختفي تحت ظروف غامضة منذ خروجه من المنزل دون عِلم أهله.
وتحدث عن إبلاغه فور احتفاء ابنه مباشرة أحد الأقسام الأمنية التي تديرها عناصر حوثية بالمنطقة ذاتها، لكنها لم تحرك أي ساكن حيال الشكوى. وقال إن مساعدة الأهالي مكنته بعد ساعات من البحث من العثور على طفله داخل منزل يقطنه عدد من الشبان ليس لديهم أي عائلات أو أطفال بالمنطقة ذاتها.
ويتهم السكان عصابات منظمة تتبع قادة في الجماعة الحوثية في إب بأنها وراء تفشي جرائم الاختطاف بحق الشبان وصغار السن في المحافظة، حيث تحول الأمر إلى واحدة من الظواهر التي باتت تؤرق السكان وتقض مضاجعهم.
وإلى جانب هذه الحالات، تواصل الميليشيات، في المحافظة نفسها، عمليات خطف السكان والناشطين في سياق أعمال القمع والإرهاب بحق المعارضين لحكمها الانقلابي.
وتواصل الميليشيات، منذ نحو أسبوعين، في أحد سجونها، بمدينة إب، احتجاز الدكتور فضل اليماني، أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، حيث اختطفته من نقطة تفتيش بمحيط مدينة القاعدة جنوب المحافظة لحظة عودته مع والدته من رحلة علاجية من العاصمة المحتلة صنعاء، صوب العاصمة المؤقتة عدن.
وأعقب ذلك بأيام قليلة اختطاف الجماعة اثنين من الناشطين الحقوقيين بمركز المحافظة؛ الأول يُدعى مراد البنا، والآخر خالد الأنس، على خلفية آراء لهما نُشرت بمواقع التواصل، وفق ما أكدته تقارير محلية.
وكان تقرير أممي كشف، في وقت سابق، عن تورط الميليشيات في اختطاف الأطفال وممارسة أبشع الانتهاكات تجاههم، والزج بهم في جبهات القتال.
وقال تقرير الأمم المتحدة، حول الأطفال والنزاع المسلح في اليمن، إنه تم رصد عمليات اختطاف الأطفال من قبل ميليشيا الحوثي لأغراض التجنيد والاستخدام وأشكال الاستغلال والفدية الأخرى.
وأشار إلى أنه تم التحقق من قيام الميليشيات باختطاف 17 صبياً تتراوح أعمارهم بين 10 و17 سنة، منهم 11 صبياً في عام 2015، وأربعة في عام 2016، واثنان في عام 2017.