دخلت دار الإفتاء المصرية على خط جدل «قائمة الزواج» الذي سيطر أمس على معظم منشورات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تغليفه بإطار كوميدي ساخر. وقالت في بيان لها عبر حسابها الرسمي على «فيسبوك» إنه «لا يوجد حرج شرعي في الاتفاق على قائمة المنقولات الزوجية عند الزواج، فلا بأس بالعمل بها على كونها من المهر». واستشهدت بقوله تعالى: «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَة»، وأضافت أن «المرأة إذا قامت بإعداد بيت الزوجية في صورة جهازٍ؛ فإن هذا الجهاز يكون مِلكا لها ملكاً تامّاً بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول، على أنَّه يراعى في ذلك عَدَم إساءة استخدام القائمة حال النزاع بين الزوجين».
وتعتبر القائمة من التقاليد التي تحرص الأسر المصرية على تضمينها ضمن إجراءات الزواج، حيث تُدرج في وثيقة خاصة المنقولات وقطع الأثاث والأجهزة الكهربائية في بيت الزوجية، ويقوم الزوج بالتوقيع عليها كنوع من الضمان لحقوق الزوجة. وانقسم المتابعون بين الرفض من جهة، والترحيب بـ«إلغائها» من جهة أخرى باعتبارها «أداة ضغط في يد الزوجة تستخدمها عند الخلاف مع زوجها عند الطلاق لا سيما أن «تبديد المنقولات» قد يتسبب بدخول الزوج إلى السجن في بعض الحالات».
وقد تصدرت قضية قائمة المنقولات اهتماماً اجتماعيا واسعا، في أعقاب إصدار محكمة النقض حكما بإلغاء الحبس في إحدى القضايا المتعلقة بتبديد منقولات الزوجية، ما فتح باب التكهنات في ما إذا كانت تلك خطوة في طريق إلغائها. وما أعقبها من تداول هاشتاغات حول «سقوط القائمة في مصر».
وحسب المستشارة القانونية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة دينا المقدم، فإن «أي حديث يقال عن سقوط القائمة غير صحيح، ولا يزال العمل بها قانوناً. ولا زالت جريمة تبديد المنقولات الزوجية معاقبا عليها بالحبس والغرامة»، كما تقول لـ«الشرق الأوسط».
وتضيف المقدم «أنا ضد القائمة بشكل عام، والأفضل من وجهة نظري أن يُقر الزوج في عقد الزواج أن أثاث البيت بالكامل من حق الزوجة بدون نزاع، وطبقاً للشرع فإن المرأة ليس مطلوباً منها المشاركة في تأثيث البيت، فالقائمة عرف وعادة مصرية بحتة، وقانونا من حق الزوجة أن تحصل على حماية كاملة لمسكن الزوجية ومستلزماته».
وتعتبر المستشارة في محكمة الاستئناف أن قائمة المنقولات تعد بمثابة عقد من عقود الأمانة المنصوص عليها في قانون العقوبات، وإقرار صادر من الزوج إلى الزوجة بأنه قام باستلام منقولات الزوجية، على سبيل الأمانة، كما أنه ملتزم التزاما كاملا بردها متى طلبت منه ذلك، ويتم كتابة تلك المنقولات وتوقع من قبل الزوج، على حد تعبيرها.
ويأتي هذا الجدل في مناخ عام يتصاعد فيه الحديث عن تيسير إجراءات الزواج، ومحاولة التصدي لارتفاع معدلات الطلاق، وهو نقاش مفتوح، تدرجه مؤسسات الدولة المصرية في برامجها، وسبق أن طرحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابات وتصريحات متفرقة لعل آخرها في مايو (أيار) الماضي، وذلك بدعوته الأزهر والحكومة إلى إعداد قانون الأحوال الشخصية، مؤكدا أن نسب الطلاق زادت بشكل كبير في آخر 20 عاماً. وقال خلال مداخلة مع برنامج «صالة التحرير» بالتلفزيون المصري: «نريد عقد زواج يحل مسألة الطلاق»، مؤكداً أن «العقد لا بد أن يكون الحاكم والمنظم لهذه القضية وأن يكون القانون الجديد متوازنا ومتزنا».
كما أطلق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في يونيو (حزيران) الماضي في مؤتمر خاص مبادرة موسعة لمواجهة التكاليف الباهظة للزواج في مصر بعنوان «لتسكنوا إليها». وسعت المبادرة إلى فتح باب الحوار حول ما وصفتها بالعادات الاجتماعية والمتبعة في الزواج، أملاً في تيسير الأمور المتعلِّقة به، ومواجهة المغالاة في تكاليفه بخاصة في مثل هذه الظروف الاقتصادية الحرجة.
وبلغ عدد حالات الطلاق عام 2021 نحو 245 ألف حالة وفق تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بزيادة 13 في المائة على عام 2020 حيث بلغ العدد 222 ألف حالة.