قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إن بلاده «تأمل في علاقات عادية مع الجزائر، كما هو الحال مع بقية البلدان المجاورة»، وذلك في أول رد فعل من الحكومة الإسبانية على قرار الجزائر رفع الحظر عن العمليات التجارية مع مدريد، وذلك بعد تجميدها في التاسع من يونيو (حزيران) الماضي، إثر إعلان دعمها مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء.
ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية «إيفي»، مساء الجمعة، عن ألباريس قوله إن إسبانيا «تريد أن تكون علاقاتها مع الجزائر تماماً كما كانت قبل الحادثة»، في إشارة إلى تعليق الجزائر «معاهدة الصداقة» التي تربطها مع إسبانيا منذ 2002، تعبيراً عن غضبها من تغير الموقف الإسباني من نزاع الصحراء المتنازع عليها بين الرباط و«بوليساريو»؛ مبرزاً أن العلاقات الثنائية التي تأمل بها مدريد «تكون مبنية على الصداقة والاحترام والمساواة في مسألة السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية». ويفهم من الجملة الأخيرة لرئيس الدبلوماسية الإسبانية أن بلاده تعتبر تأييدها خطة الحكم الذاتي المغربية «قضية سيادية»، بينما أعلنت الجزائر أن ذلك «يتنافى مع التزامات إسبانيا القانونية والأخلاقية والسياسية، كقوة مديرة لإقليم الصحراء سابقاً».
وتحدث ألباريس بخصوص موضوع انفراجة العلاقات التجارية مع الجزائر، بمناسبة لقائه مع زميلته وزيرة السياسة الإقليمية إزابيل روديغيز، ومسؤولي المقاطعات ذات الحكم الذاتي، في إطار التحضير لرئاسة إسبانيا للاتحاد الأوروبي في السداسي الثاني لعام 2023. وقال بهذا الخصوص: «لقد بلغني حديث عن تطبيع في العلاقات التجارية مع الجزائر… ونتمنى أن يتجسد ذلك على الأرض».
وفي مذكرة مفاجئة، طالبت «الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المصرفية»، التابعة لوزارة المالية الجزائرية، الخميس، مديري ومسيري البنوك الحكومية بإلغاء العمل بتوجيهات وصلتهم في التاسع من يونيو الماضي، تأمرهم بـ«الوقف الفوري» لإجراءات توطين العمليات التجارية والخدمات التي كانت جارية بين الشركات والمتعاملين الاقتصاديين من الجزائر وإسبانيا. وأكدت أن قرار رفع الحظر بات ساري المفعول في اليوم نفسه.
وجاء في المذكرة الجديدة أن «جمعية البنوك» أجرت تقييماً لتدابير تجميد التجارة مع إسبانيا: «وبعد التشاور مع الفاعلين في مجال التجارة الخارجية، تم التخلي عن الإجراءات التحفظية»؛ مبرزة أنه «من البديهي أن التوطين البنكي لعمليات التجارة الخارجية، يبقى خاضعاً للتدابير والشروط المقررة في النصوص والتنظيمات التي تضبط هذا المجال».
وأكدت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفاعلين في التجارة الخارجية» الذين أشارت إليهم «الجمعية»، نقلوا لها أن وقف التجارة مع الشريك المتوسطي «ألحق أضراراً مادية كبيرة» بالشركات التي تتعامل مع الإسبان في مجال الاستيراد؛ خصوصاً منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهي بالعشرات، التي توقف نشاطها بشكل شبه كامل منذ قرابة شهرين.
وما يبرز في عودة العلاقات التجارية إلى سابق عهدها، أن مدريد لم تعدل عن موقفها من نزاع الصحراء كما كانت تريد الجزائر. وكانت الأزمة قد بلغت ذروتها عندما سحبت الجزائر سفيرها من مدريد في 19 مارس (آذار) الماضي، ولاحقاً نقلته إلى باريس.
إلى ذلك، نشرت الرئاسة الجزائرية أمس مقتطفات من حوار تلفزيوني للرئيس عبد المجيد تبون، يبث اليوم (الأحد)، تحدث فيها عن ازدهار العلاقات مع إيطاليا، إذ أكد: «إننا لم نر أي مشكل أو سوء فهم أو نزاع مع إيطاليا، وسندخل معهم في عمليات إنتاج مشترك (في قطاعات تم الاتفاق عليها)، وهم مستعدون للإنتاج بالتعاون معنا في مجال ميكانيك السيارات والبواخر وغيرها». ولم يخلُ كلام تبون من إيحاءات باتجاه إسبانيا، وعقد المقارنات بين العلاقات معها والعلاقات مع روما.
كما تناول تبون القمة العربية المرتقبة بالجزائر مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقال إن بلاده «تحظى بالمصداقية والقدرة على جمع الأسرة العربية… والجزائر أولى بلم شمل العرب».