سألت «الشرق الأوسط» مصطفى نعمان وكيل الخارجية اليمنية الأسبق عن: «ماذا يجدر بكل الأطراف فعله لتحقيق هدنة أطول وببنود أكثر شمولية من البنود السابقة؟»، فقال: «إن عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب هي ضرب من الأوهام، ولا يمكن التعويل على حسن النوايا من الطرف الحوثي لأنه يمتلك حالياً من عناصر القوة ما يمكنه من فرض شروطه. في المقابل عجزت الحكومة عن خلق نموذج جاذب ومقبول يسمح للناس باللجوء إليه. هذه هي عقدة الصراع الحالي ومجلس القيادة لم يتمكن حتى اللحظة من منح الناس الأمل بالأفضل… ١٢٠ يوما مرت ولم يشعر الناس بأي تحسن في الخدمات والأمن وهذا أمر يجب تداركه بسرعة».
أمام ذلك، اتفق مصدر يمني مع ما قاله الدبلوماسي المخضرم جزئياً، وقال: «إنه قد يكون مناسباً للتطبيق على دولة مؤسسات عمرها ثلاثة عقود على سبيل المثال… لكن ليس على اليمن الذي عادت فيه السلطات الرئاسية منذ نحو 100 يوم فقط للعمل من الداخل».
وفي رسالة لـ«الشرق الأوسط» قال المصدر الذي فضل حجب هويته: «هل يمكن أن نتحدث عما يحتاجه اليمن أولاً لتأمين المناطق التي تعمل منها الحكومة والمجلس الرئاسي، هل يمكن أن نتحدث عن الأمن كأولوية على طريق بناء الأنموذج الأمثل والآمن لجميع اليمنيين؟ لهذا نجد أن تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة كان في صدارة الإنجازات، وقد يحتاج ذلك بضعة أشهر لطرح تصورها بشأن تكامل القوات المسلحة والأمن تحت إدارة وطنية موحدة».
وتشكل مجلس القيادة الرئاسي اليمني نتيجة لمشاورات الرياض التي عقدت تحت مظلة خليجية بين 29 مارس (آذار) و7 أبريل (نيسان)، وذلك بناءً على تسليم الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي السلطة لمجلس قيادة رئاسي يقوده الدكتور رشاد العليمي ويضم سبعة نواب.
ويقول المصدر إن «الضمان الوحيد للمضي قدماً في بناء النموذج هو تأمين سلطة إنفاذ القانون، بمن في ذلك المعنيون بمكافحة الفساد وقادة الإصلاحات، وصولاً إلى رجال الأعمال والمستثمرين. ومع ذلك لا يمكن لزائر إلى مدينة عدن على سبيل المثال إلا أن يجدها ورشة عمل، حيث تبدو آليات الأشغال تعمل على مدار الساعة في شوارع المدينة ومداخلها الرئيسة ضمن خطة شاملة لتحديث بناها التحتية ووضعها في المكانة التي تستحق كعاصمة مؤقتة».
ولم يكن النعمان الوحيد الذي ينتقد مجلس القيادة الرئاسي، وهو يمثل طيفاً يمنياً يعد أكثر استقلالاً بحكم خبرته وعدم ممارسته أي أعمال حكومية.
لكن المصدر اليمني فضل التأكيد على أن «التغييرات التي أجراها مجلس القيادة الرئاسي في الحكومة والسلطة القضائية على صلة بالتوجهات الشاملة لتحسين الإدارة الحكومية، وتوسيع قاعدة الشراكة في صنع القرار وتنفيذه، وترشيده مع كافة القوى والشركاء المحليين والإقليميين والدوليين، مضيفاً: «نعتقد أن تحسين الإدارة الحكومية، وتشارك الخبرات مع دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، وحماية التوافق القائم بين القوى المناهضة للميليشيات المدعومة من النظام إيراني، هو إنجاز لا يمكن الاستهانة به بالمقارنة مع التوقعات والتكهنات التي كانت قائمة».
«بالعودة إلى الوضع الطبيعي في أي بلد فإن التقييمات تتركز حول العام الأول أو فترة الولاية» يضيف المصدر: «ومع ذلك تتحدث البرامج المزمنة لدى مجلس القيادة الرئاسي عن إمكانية إحداث التحول نحو المحافظة والمنطقة والمدينة الأفضل نسبياً في غضون عام على الأقل، ما لم تحدث أي التزامات على صعيد المواجهة العسكرية مع الميليشيات التي تتقدم كل الأولويات».
يعود مصطفى نعمان في سياق حديثه مع «الشرق الأوسط» ليقول: «ما يجب أن يدركه اليمنيون هو أن انشغالات العالم والأقاليم بقضايا داخلية وخارجية كثيرة ستجعل الملف اليمني مهملاً أو، على أقل تقدير، بعيداً عن الاهتمامات التي نراها اليوم»، يقول نعمان إن «هذه الهدنة يمكن الاستفادة منها للبدء في الحديث الجاد عن مشاورات أو مفاوضات وإلا فإن المأساة الإنسانية التي أنتجتها الحرب الطويلة ستتضاعف وسيدخل البلد في مرحلة متقدمة من التشظي في كل الاتجاهات».