بينما كان زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، يلقي خطابه ليل الاثنين – الثلاثاء، الذي رفض فيه شرط الزعيم الشيعي الأبرز مقتدى الصدر بحل البرلمان، كانت الفعاليات السياسية، من بينها قوى في «الإطار التنسيقي»، تختبر نموذجاً للتسوية قد يطيح برئيس الوزراء الأسبق.
وقال المالكي، «لا يمكن فرض رؤية» عليه، إلا «بموافقة المكونات العراقية عبر المؤسسات الدستورية (…) لا حل للبرلمان، ولا تغيير للنظام، ولا انتخابات مبكرة إلا بعودة مجلس النواب إلى الانعقاد».
ويبدو أنه بات مهووساً، بالمعنى السياسي، بالمواجهة مع زعيم «التيار الصدري» من دون تكتيك سياسي، أو فرضيات قابلة للتنفيذ. وبعض المقربين منه يرون أن زعيمهم «بات لا يفكر سوى بالتفوق على الصدر».
وعلى المستوى الاستراتيجي، فإن هذا النوع من السياسيات قد يطيح بمشروع «الإطار التنسيقي»، ويشكل قلقاً كبيراً لإيران ولمكتب «المرشد» علي خامنئي، ولهذا تمكنت فعاليات سياسية شيعية من إشراك ممثلين لطهران في نقاشات حول «إمكانية إطفاء الحريق في البيت الشيعي».
وبالنسبة إلى إيران، فإنها تدرك تداعيات استمرار النزاع الشيعي، الذي يقوض المبادئ المتفق عليها، التي تعد ضرورية لضمان المصالح الإيرانية في العراق. وفي هذه الأجواء، يبدو المالكي غير مستعد ليكون جزءاً من نقاشات «الإطفاء» والتهدئة، لكن إيران تواجه معادلات معقدة بشأن التعامل مع الصدر، الذي يرفع السقف إلى درجة احتكار القوة، وهذا ما قد يفسره الإيرانيون بأنه «يريد تفاهماً مباشراً مع مكتب المرشد».
وطُرحت على الصدر، منذ اقتحام أنصاره البرلمان، عروض تهدئة، أبرزها «تصحيح وضع البرلمان بدل حله، بإبطال قانونية اليمين الدستورية للنواب البدلاء للكتلة الصدرية»، وهو ما رفضه الصدر «قولاً واحداً»، كما يقول مقرب منه. ويجري الآن إحياء فرضية تقضي بتشكيل حكومة مؤقتة لمدة سنة واحدة لا يشترك فيها «التيار الصدري» والمالكي. ويعمل قادة شيعة وسنة وكرد على تقوية هذه الفرضية وإقناع الصدر بها. ويقول مصدر سياسي رفيع، إن ممثلين إيرانيين اثنين شاركا في أجواء هذه النقاشات. ولم تكن هناك أي ضمانات بأن الصدر سيقبل هذه الصيغة، لأنه يريد ما هو أكثر من الحكومة وصولاً إلى تصحيح النظام، لكن المناخ الجديد داخل الإطار قد يحدث تغييراً طفيفاً في موقفه.
ويعتقد سياسيون عراقيون أن المالكي لم يعد يتحكم بمصيره السياسي، لا سيما بعد نضوج النقاشات بين الإيرانيين، منهم الجنرال إسماعيل قاآني، وقادة من «الإطار التنسيقي». ويقول مصدر رفيع، «قد يُترك للمالكي اختيار الطريقة المناسبة له للخروج من معادلة تشكيل الحكومة». وستكون تلك لحظة تقدمية في الأزمة القائمة مع الصدر، وحينها سيحصل الفاعلون على فرصة لالتقاط الأنفاس والخوض في مسار للحل، لكن مسألة التكيف مع شروط الصدر تبقى حاسمة في إنهاء الأزمة. ويقول منخرطون في النقاشات الشيعية، «إن فكرة الحكومة المؤقتة، التي تستثني الصدر والمالكي، باتت مرحبة أكثر من أطراف عديدة، سوى أن الصدر قد يريد التحكم بها لضمان تنفيذ ما يقول إنه مشروع إصلاحي». ما يعني أن «الإطار التنسيقي» مضطر لتغيير مرشحه محمد شياع السوداني، لأن الإصرار عليه يناقض الهدف من النقاشات الحالية، لذا يعود مصطفى الكاظمي خياراً آمناً، خصوصاً أن الأخير يحاول أن يكون «وسطياً» بين معسكري النزاع.