ضمن جهود المملكة العربية السعودية التي تقودها وزارة الصحة في مجال حماية ووقاية مواطنيها من الإصابة بالأمراض المعدية التي بتنا، اليوم، نشهد زيادة في نسب الإصابة بها وخصوصاً لدى فئة البالغين ممن هم فوق 50 عاما فأكثر، وتزامنا مع إدراج وزارة الصحة السعودية برنامج التطعيم ضد مرض الهربس النطاقي أو الحزام الناري (Herpes Zoster) ليصبح جزءاً من برنامج التطعيم الخاص بالبالغين، دار حديث بيني وبين مجموعة من أفراد المجتمع الذين تخطوا سن الخمسين عاما، سعوديين ومقيمين، عاملين ومتقاعدين، حول أهمية التطعيمات وضرورة أخذها للحماية من الهجمات المباغتة للميكروبات والفيروسات المختلفة ومن المضاعفات التي تخلفها الإصابة بها بعد أن تمكن العلماء والباحثون من إيجاد لقاحات واقية منها. انقسمت المجموعة إلى مؤيد منتظر تلقي اللقاح ولكنه متخوف من عدم توفره (وهم الغالبية)، ورافض للفكرة من أساسها ممن ما زالوا مؤيدين لنظرية المؤامرة ضد البشرية (وهم أقلية والحمد لله). خلص الحوار بتوجهي إلى أحد المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة للاستفسار عن توفر اللقاح ومن ثم أخذه، وكان برفقتي مواطن سعودي ومقيم عربي، وبداخلي تساؤل حول توفر اللقاح وما إذا كان سيعطى لغير السعوديين أيضاً أم أنه مقتصر على مواطني البلاد. تم استقبالنا من قبل الطبيب والممرضة المسؤولين عن التطعيم بالمركز، وأخذنا جميعنا التطعيم، وأعني بذلك أنه متاح حتى لإخواننا المقيمين أيضاً. من هنا تولدت فكرة مقال هذا الأسبوع ليكون تعريفا بالهربس النطاقي (الحزام الناري) وأهمية أخذ اللقاح المضاد له.
الهربس النطاقي
ويسمى أيضاً الحزام الناري والقوباء المنطقية، وهو عدوى فيروسية تحدث بسبب فيروس الحماق النطاقي (varicella – zoster virus)، وهو نفس الفيروس الذي يسبب جدري الماء (chickenpox). يظهر على شكل مجموعة من الطفح الجلدي المؤلم أو البثور عادةً في جانب واحد، غالباً في الوجه أو الجذع. يتكون الطفح الجلدي من بثور تتقشر عادة خلال 7 – 10 أيام وتختفي في غضون 2 – 4 أسابيع. يصف بعض الناس الألم بأنه إحساس حارق شديد. بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يستمر الألم لأشهر أو حتى سنوات بعد اختفاء الطفح الجلدي. يسمى هذا الألم طويل الأمد بالألم العصبي لما بعد الهربس (post – herpetic neuralgia (PHN))، وهو أكثر المضاعفات شيوعاً وأشدها. يزداد خطر الإصابة بالهربس النطاقي وألم ما بعد الإصابة (PHN) مع التقدم في العمر.
وتحدث الإصابة عندما يصاب شخص بجدري الماء في طفولته، ويقاوم جسمه فيروس الحماق النطاقي وتختفي العلامات الجسدية لجدري الماء، لكن الفيروس يبقى كامنا في الجسم. في مرحلة البلوغ، عند إعادة التنشيط، يتكاثر الفيروس في الخلايا العصبية، وينتشر عبر الأعصاب إلى منطقة الجلد التي تغذيها تلك العقدة العصبية مسببا حدوث التهاب وتقرح موضعي. يرجع الألم الذي يسببه النطاقي إلى التهاب الأعصاب المصابة بالفيروس.
> هل يمكن الإصابة بالهربس النطاقي أكثر من مرة؟ نعم، وفقاً لمؤسسة كليفلاند كلينيك (Cleveland Clinic)، يمكن الإصابة بالهربس النطاقي أكثر من مرة، ولكن في الإصابة الثانية لا يظهر عادة الطفح الجلدي في نفس المكان.
> هل يمكن الإصابة بالهربس النطاقي إذا لم تسبق الإصابة بجدري الماء؟ لا، لن تصاب بالهربس النطاقي إذا لم تكن قد أصبت سابقا بجدري الماء مطلقاً، ولكن يمكنك الإصابة بجدري الماء من شخص مصاب بالهربس النطاقي. إذا لم تكن هناك إصابة بجدري الماء من قبل وحدث أن تلامست بشكل مباشر مع طفح جلدي ناز يشبه البثور لشخص مصاب بالهربس النطاقي، فإن فيروس الحماق النطاقي يمكن أن يصيبك وقد تصاب بالجدري المائي.
بمجرد إصابتك بجدري الماء، يمكن أن تصاب بالهربس النطاقي في مرحلة ما من حياتك. هذا لأن فيروس الحماق النطاقي لا يختفي تماماً بعد إصابتك بجدري الماء، بل يقبع بهدوء «غير نشط» في أنسجة الأعصاب. في وقت لاحق من الحياة، قد يصبح الفيروس نشطاً مرة أخرى ويظهر على شكل الهربس النطاقي.
> ما هي الأعراض المبكرة؟ قد تشمل الأعراض المبكرة ما يلي:
– حمى، قشعريرة، صداع، تعب، حساسية للضوء، اضطراب المعدة.
– بعد أيام قليلة يحدث شعور بحكة أو وخز أو حرقان في الجلد مع احمراره، طفح جلدي بارز في منطقة صغيرة، بثور مملوءة بالسوائل تنفتح ثم تتقشر، ألم خفيف إلى شديد في منطقة الجلد المصابة.
– قد يستغرق الأمر من 3 – 5 أسابيع من وقت بدء الشعور بالأعراض حتى يختفي الطفح الجلدي تماماً.
انتشار المرض
تشير الدراسات إلى أن نسبة الإصابة بالهربس النطاقي مرتفعة نسبيا، ويتم تشخيص حوالي مليون حالة كل عام في الولايات المتحدة. يتراوح معدل الإصابة بالهربس النطاقي من 1.2 إلى 3.4 لكل 1000 شخص سنوياً بين الأفراد الأصحاء الأصغر سناً، بينما تتراوح الإصابة من 3.9 إلى 11.8 لكل 1000 شخص سنوياً بين المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً. وتكون النكسات أكثر شيوعاً في المرضى الذين يعانون من كبت المناعة. وفقاً للمكتبة الوطنية للطب (nlm)، والمركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (NCBI).
– من هم المعرضون لخطر الإصابة؟ الأشخاص الذين أصيبوا بجدري الماء والذين هم أكثر عرضة للإصابة بالهربس النطاقي كالتالي: من هم تحت الضغوط والتوتر النفسي والعاطفي. المعانون من ضعف الجهاز المناعي (لوجود ورم خبيث، التعرض للفيروسات كنقص المناعة البشرية، العلاج الكيميائي ومثبطات المناعة). من هم فوق سن الخمسين. المعانون من الأمراض المزمنة والحادة. الذين عانوا من الصدمة.
لا يوجد علاج شافٍ يقضي على الحزام الناري، ما عدا علاجات للتحكم في الأعراض كمضادات الفيروسات، ومسكنات الألم، واللقاح لتقليل احتمالات الإصابة وتخفيف حدتها.
لقاح الهربس النطاقي
لقاح الهربس النطاقي (Shingles (Herpes Zoster) Vaccine) هو لقاح يقلل من حدوث المرض الذي يسببه عودة نشاط فيروس الهربس النطاقي والمسؤول أيضاً عن الجدري المائي (Chicken Pox).
ويعتبر التطعيم ضد الهربس النطاقي هو الطريقة الوحيدة للوقاية منه ومن الألم العصبي التابع له (PHN)، وهو أكثر المضاعفات شيوعاً للهربس النطاقي، ويعطى اللقاح كحقنة في أعلى الذراع.
> المستهدفون باللقاح. توصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) الأميركية البالغين الذين يبلغون من العمر 50 عاماً فأكثر بالحصول على جرعتين من لقاح الهربس النطاقي المسمى شينجريكس (Shingrix)، مفصولة بشهرين إلى ستة أشهر، لمنع الهربس النطاقي ومضاعفاته. وتتزايد في هذه الفئة العمرية معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري وأمراض القلب وغيرها، الأمر الذي يجعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية، وذلك لضعف المناعة الذاتية وقصور الاستجابة الفاعلة للجسم للتصدي بكفاءة ضد هذه النوعية من الأمراض المعدية.
كما يجب أن يحصل البالغون من العمر 19 عاماً أو أكبر، والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بسبب المرض أو العلاج، على جرعتين من شينجريكس، لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض والمضاعفات ذات الصلة.
ويتعين على الأشخاص الذين سبق لهم الحصول على اللقاح السابق (Zostavax) في الماضي، أيضاً الحصول على اللقاح الجديد شينجريكس.
> الفعالية. بالنسبة للبالغين من عمر 50 عاماً أو أكبر ولديهم جهاز مناعة سليم، يكون اللقاح فعالاً بنسبة تزيد عن 90 في المائة في الوقاية من الهربس النطاقي والألم التابع له (PHN)، وتظل المناعة قوية لمدة 7 سنوات على الأقل بعد التطعيم.
أما البالغون الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، فقد أظهرت الدراسات أن اللقاح فعال بنسبة 68 في المائة – 91 في المائة في الوقاية من الهربس النطاقي، اعتماداً على الحالة التي تؤثر على الجهاز المناعي.
والحصول على اللقاح لا يوفر حماية بنسبة 100 في المائة من المرض، تماماً مثل معظم اللقاحات. ومع ذلك، فإنه يقلل من خطر الإصابة بالهربس النطاقي، وإن حصلت ستكون حالة خفيفة. أيضاً، ستكون أقل عرضة للإصابة بالألم العصبي التالي للهربس، وهي حالة مؤلمة جدا.
إن ضعف الجهاز المناعي يمكن أن يؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بالهربس النطاقي، لذا يعد هذا سبباً أكثر للحصول على لقاح شينجريكس المصنوع من مكونات الفيروس الميت وليس من الفيروس الحي المضعف مثل اللقاح الأقدم – والذي لا يزال متاحاً في بعض البلدان – ولا ينبغي إعطاؤه للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
> من الذي لا يجب أن يحصل على اللقاح؟ ويشمل ذلك من سبق له أن عانى من رد فعل تحسسي شديد تجاه أي من مكونات اللقاح أو بعد أخذه للجرعة الأولى. أو خلال فترة الإصابة بمرض الهربس النطاقي. أو خلال فترة الإصابة بمرض معتدل أو شديد، مصحوباً بحمى أو بدونها، فيجب الانتظار عادة حتى يتم التعافي قبل الحصول على اللقاح. أو المرأة الحامل.
الآثار الجانبية
تشير الدراسات إلى أن لقاح شينجريكس آمن، وأنه يساعد الجسم على تكوين دفاع قوي ضد الهربس النطاقي. والآثار الجانبية مؤقتة، وعادة ما تستمر من يومين إلى ثلاثة أيام، وقد يستمر الشعور بالألم لبضعة أيام، لكن الألم سيكون أقل حدة من الإصابة بالهربس النطاقي وألم مضاعفاته. قد تؤثر الآثار الجانبية على القدرة على القيام بالأنشطة اليومية العادية لمدة يومين إلى ثلاثة أيام. ومن واقع ما تم تسجيله بعد الحصول على اللقاح وجد التالي:
– أصيب معظم الناس بألم خفيف أو متوسط في الذراع بعد الحصول على اللقاح.
– عانى البعض أيضاً من احمرار وتورم في مكان الحقنة.
– شعر البعض بالتعب، أو آلام العضلات، الصداع، الارتعاش، الحمى، آلام المعدة أو الغثيان.
– عانى بعض الأشخاص من آثار جانبية منعتهم من القيام بأنشطة منتظمة.
واختفت جميع الأعراض المذكورة من تلقاء نفسها في حوالي يومين إلى ثلاثة أيام، وكانت الآثار الجانبية أكثر شيوعاً لدى الأصغر سنا من الناس. كانت الاستجابة جيدة لمسكنات الألم مثل إيبوبروفين أو أسيتامينوفين، وتم التغلب على تلك الآثار الجانبية.
أخيرا: إذا كنت قد أصبت بجدري الماء، فأنت معرض لخطر الإصابة بالهربس النطاقي في وقت لاحق من حياتك، وهو مرض يسبب طفحا جلديا معديا ومؤلما. ويمكن أن يكون لهذا المرض مضاعفات خطيرة. إن أفضل ما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر هو الحصول على لقاح الهربس النطاقي. اللقاحات آمنة وفعالة.
حقائق عن اللقاح
> يجب الحصول على لقاح شينجريكس للفئات المستهدفة حتى لو سبق أن أصيب أحدهم بالهربس النطاقي أو الحزام الناري، أو يكون قد تلقى التطعيم القديم زوستافاكس (Zostavax)، أو لقاح الجدري المائي، علما بأنه لا يوجد حد أقصى لسن الحصول على اللقاح.
> الإصابة السابقة بالهربس النطاقي في الماضي، يمكن أن تساعد لقاح شينجريكس في منع حدوث المرض في المستقبل.
> لا توجد مدة زمنية محددة يجب أن تنتظرها بعد الإصابة بالهربس النطاقي قبل أن تتمكن من تلقي اللقاح، ولكن بشكل عام يجب أن تتأكد من اختفاء الطفح قبل التطعيم.
> يرتبط جدري الماء مع الهربس النطاقي لأن المسبب لكليهما هو الفيروس نفسه (الفيروس النطاقي الحماقي varicella – zoster virus). عليه، فبعد أن يتعافى الشخص من جدري الماء، يظل الفيروس كامناً (غير نشط) في الجسم. ويمكن عودة نشاطه بعد سنوات مسببا الهربس النطاقي من جديد.
> يمكنك الحصول على اللقاح سواء كانت هناك إصابة بجدري الماء في الماضي أم لا.
> أكثر من 99 في المائة من الأميركيين الذين ولدوا في عام 1980 أو قبله أصيبوا بجدري الماء، حتى لو لم يتذكروا إصابتهم بالمرض.
> للتأكيد، فإن لقاح الهربس النطاقي القديم المسمى لقاح النطاقي الحي (Zostavax) لم يعد متاحاً للاستخدام في الولايات المتحدة وعدد من الدول اعتباراً من 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020. ويفضل لمن أخذه سابقا أن يحصل على اللقاح الجديد.
* استشاري طب المجتمع