أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية في صنعاء أخلت مسؤوليتها من أي تدخلات أو استجابة طارئة لتقديم العون والمساعدة لـ3 آلاف أسرة يمنية متضررة في 10 مديريات في العاصمة، إلى جانب 300 أسرة أخرى لا تزال منازلها مهددة بالسقوط جراء سيول الأمطار وبحاجة إلى تدخلات عاجلة من قبيل عملية الإخلاء والإيواء وتقديم الغذاء وغيرها.
ويأتي تخلي الانقلابيين عن مسؤولياتهم حيال وقوع أي كوارث سابقة أو لاحقة في صنعاء العاصمة ومدن أخرى متزامنا مع سلسلة تحذيرات أطلقها خبراء أرصاد حذروا فيها من منخفض جوي قادم من باكستان قد يلتقي مع منخفض جوي آخر ويجتاح في الأيام المقبلة مناطق يمنية عدة.
وقالت المصادر إن قادة الميليشيات أعلنوا صراحة في لقاء جمعهم مع ممثلي منظمات دولية عاملة بمناطق سيطرتهم إخلاء كامل مسؤوليتهم من أي تدخلات حيال وقوع أي أضرار في أرواح وممتلكات السكان جراء الأمطار والسيول التي تضرب صنعاء وبقية مدن السيطرة الحوثية.
وذكرت المصادر أن قادة في الجماعة يتصدرهم حسين مقبولي المعين نائبا لرئيس الوزراء بحكومة الانقلاب غير المعترف بها، وحمود عباد المعين أمين العاصمة وقيادات أخرى، برروا تنصلهم عن القيام بواجباتهم تجاه السكان المتضررين بأن ذلك ليس من ضمن مسؤولياتهم، بل من المهام والواجبات المقتصر تنفيذها على الوكالات الدولية.
وكشفت المصادر عن أن القيادي الحوثي حمود عباد شن خلال الاجتماع هجوما شديد اللهجة ضد ممثلي المنظمات الدولية، مهددا بوقف جميع أنشطتها في المناطق تحت سيطرة الجماعة وعدم السماح لها بالعمل في أي مجالات بعيدا عن المشاريع والأهداف والتوجهات التي رسمتها الميليشيات.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت عن تخصيص 44 مليون دولار للتصدي لكارثة الأمطار الغزيرة والفيضانات والسيول الجارفة، التي يشهدها اليمن حاليا وأدت إلى تضرر مئات الآلاف من اليمنيين.
وقال مكتب الأمم المتحدة، لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» في اليمن بتقرير حديث، إن صندوق اليمن للصحة العامة خصص 44 مليون دولار للاستجابة المنقذة للحياة.
وأضاف أن خطة المساعدات الإنسانية في اليمن لعام 2022، تم تمويلها من المانحين الدوليين بمبلغ 1.3 مليار دولار فقط، أي أقل من 26 في المائة من المبلغ المطلوب وقيمته 4.27 مليار دولار.
في سياق ذلك، قالت المصادر إن الميليشيات اشترطت على المنظمات الدولية بعد حشدها للدعم عدم مباشرة عملها في مجال إنقاذ وإغاثة المتضررين من السيول إلا بعد الرجوع والتنسيق مع ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية في صنعاء» وهو (كيان تم إنشاؤه لغرض نهب وسرقة الجماعة المساعدات الإنسانية).
على الصعيد ذاته ، أكد مصدر قريب من دائرة حكم الجماعة الانقلابي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الهجوم الحوثي الأخير ضد المنظمات ما هو إلا حلقة ضمن سلسلة ممارسات تستهدف كل ما يرفع عن اليمنيين تداعيات وآلام الحرب على المستويين الخدمي والمعيشي.
وقال المصدر «إنه ورغم التصعيد الكبير في حملات الابتزاز وأساليب التحريض التي قادتها الجماعة طوال سنوات سابقة ضد المنظمات والوكالات الدولية واتهامها بأنها مجرد أدوات استخباراتية وعسكرية تعمل ضد مصالح الشعب اليمني (حد زعمها)، فإن كثيرا من الوقائع تؤكد أنها لا تزال مستمرة في ذلك النهج غير المبرر».
وعلى مدى سنوات الانقلاب الماضية ارتفعت وتيرة التهديدات الحوثية للمنظمات الدولية العاملة في اليمن على لسان عدد من قادة الجماعة الذين يرجح أنهم يهدفون من وراء ذلك إلى المزيد من «ابتزاز» هذه المنظمات وتطويعها لخدمة أهدافهم الانقلابية.
وسبق للميليشيات أن منعت قبل فترة إصدار تراخيص جديدة لعمل المنظمات المحلية باستثناء المنظمات التابعة لعناصرها وتحت إشرافها، في حين عمدت إلى إنشاء ما يسمى «الهيئة الوطنية لتنسيق شؤون الإغاثة ومواجهة الكوارث»، ومنحتها صلاحيات التحكم بعمل المنظمات الدولية الإنسانية وتحت إشراف جهازها الأمني.
وبحسب تقارير أممية، يذهب أغلب الدعم الإنساني لمصلحة الجماعة وميليشياتها، فضلا عن تسخير الجماعة لجميع أنواع الدعم الأممي للحصول على شكل من أشكال الدعاية السياسية لسلطاتها الانقلابية.
وكانت الجماعة الحوثية كثفت على مدى الأيام والأسابيع القليلة الماضية من عقد لقاءات مع ممثلي البرامج الإنسانية الدولية وممثلي المنظمات الأممية، في سياق مساعيها للإشراف المباشر على الأنشطة التي تنفذها المنظمات من جهة، وتعزيز قبضتها على كل أنواع المساعدات وتوجيهها لتحقيق أهدافها وخدمة المجهود الحربي من جهة أخرى.