وسط قلق البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) من التحركات العسكرية للحوثيين، كثف المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لقاءاته بقيادات الشرعية اليمنية ضمن مساعيه الرامية إلى توسيع الهدنة العسكرية والإنسانية وتثبيتها، ومحاولة احتواء التصعيد الناجم عن الهجوم الحوثي الأعنف غرب مدينة تعز.
في هذا السياق، قالت البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة في بيان موجز على حسابها على «تويتر» إنها «لاحظت بقلق بالغ الوجود العسكري الكبير في مدينة الحُديدة خلال الأيام الماضية».
وشددت البعثة المنشأة عقب اتفاقية استوكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018 على أنه «يجب أن تبقى الحُديدة خالية من المظاهر العسكرية، كما تم الاتفاق عليه في استوكهولم» وحضت قادة الميليشيات الحوثية «على احترام بنود اتفاق الحُديدة والامتناع عن الأعمال التي قد تسهم في التصعيد، وذلك لصالح جميع اليمنيين».
بيان البعثة جاء بعد أن دفعت الميليشيات بالآلاف من عناصرها المسلحين إلى مدينة الحديدة خلال الأيام الماضية في سياق سعيها لاستعراض القوة، والتلويح بتفجير القتال مجددا وتهديد الملاحة في جنوب البحر الأحمر.
في غضون ذلك، واصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لقاءاته مع قادة الشرعية الموجودين في العاصمة السعودية الرياض، حيث يأمل في أن تفضي محاولاته إلى تمرير مقترحه بتوسيع الهدنة في عدة اتجاهات، وهو الأمر الذي لا تزال الشرعية اليمنية تتحفظ عليه لجهة استمرار الحصار الحوثي على تعز وعدم موافقتها على فتح الطرقات بموجب اتفاق الهدنة التي بدأت في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، وتم تجديدها مرتين حتى الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وفي ظل المخاوف من أن يؤدي التصعيد الحوثي الأخير لنسف الهدنة وتعقيد مهمة غروندبرغ، ذكرت المصادر اليمنية الرسمية أنه التقى في الرياض (الأربعاء) وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك كما التقى رئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي ونائبه، وذلك غداة لقاء ثالث جمعه مع رئيس البرلمان سلطان البركاني.
وأوردت المصادر أن الوزير بن مبارك ناقش مع المبعوث «مسار الهدنة الأممية وجهود السلام في ضوء الهجمات الأخيرة لميليشيات الحوثي الانقلابية بمنطقة الضباب في تعز وخروقها المستمرة لوقف إطلاق النار وأساليبها الهمجية والاستفزازية في التعاطي مع المساعي الدولية لإيقاف الحرب وتحقيق السلام».
ونقلت وكالة «سبأ» عن بن مبارك قوله «إنه في الوقت الذي ينتظر فيه أبناء اليمن عموما وتعز خصوصا التزام الميليشيات بفتح الطرق الرئيسية إلى تعز بعد سبع سنوات من الحصار، أعلنت الميليشيات الحوثية تحديها للمجتمع الدولي محاولة قطع الشريان الوحيد لمدينة تعز، وهو ما يعكس مدى استخفاف الميليشيات بالجهود الدولية والأممية وسوء حساباتها لموقف الحكومة اليمنية والشعب اليمني التواق لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب».
وحذر وزير الخارجية اليمني من أن سلوك الحوثيين «يضع الهدنة القائمة والمبادرات والمساعي المبذولة لتوسيعها وتمديدها على المحك، ما لم تكن هناك مواقف حازمة إزاء هذه الممارسات». وشدد على أن المحافظة على ما تحقق تتطلب إلزام الميليشيات بتنفيذ بند فتح الطرقات وإيقاف جميع الخروق والتعبئة والتحشيد ومنع استغلال التزام الحكومة والتحالف الداعم لها لتحقيق مكاسب حوثية على حساب الشعب اليمني.
إلى ذلك، نقلت الوكالة الرسمية اليمنية عن المبعوث الأممي أنه «أكد إدانته لكل أعمال التصعيد وحرصه على معالجة كل الخروق من خلال آلية مشتركة تضمن الالتزام بوقف إطلاق النار». وأشار إلى مواصلة جهوده الرامية للتوصل إلى هدنة موسعة وإيجاد طريق للمضي قدما في عملية السلام خدمة لتطلعات اليمنيين بعد أن أعطتهم الهدنة فسحة من الأمل لإنهاء الحرب.
وفي سياق تحركات غروندبرغ نفسها، التقى رئيس هيئة التشاور والمصالحة اليمنية محمد الغيثي ونائب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي في العاصمة السعودية الرياض.
ونقلت المصادر الرسمية أن الغيثي «أكد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي والمبعوث الأممي المسؤولية أمام ممارسات ميليشيات الحوثي التي تثبت اعتداءاتها الأخيرة على طريق الضباب في تعز نيات واضحة لرفض وتعطيل جهود السلام، والتنصل من الالتزامات الواردة في الهدنة».
وفي حين أشار الغيثي إلى أن «عرقلة الجهود الإنسانية يؤكد طبيعة ونهج وفكر الميليشيات الانقلابية التي تعيش على دماء المدنيين الأبرياء» شدد على «أهمية تقديم إطار شامل للعملية السياسية». كما أكد الغيثي أن «الإطار هو الاختبار الحقيقي للنيات تجاه السلام، مع ضرورة أن يتضمن جميع الالتزامات والاتفاقات الوطنية والإقليمية والدولية ذات الصلة، وأهمية تشكيل الوفد التفاوضي لمجلس القيادة الرئاسي». مضيفاً أن الاستمرار في التعامل مع الملفات بشكل مجزأ لن يؤدي إلى أي تقدم حقيقي في الحل، بحسب ما أوردته وكالة «سبأ».
ونسبت الوكالة إلى غروندبرغ أنه أكد على أنه يبذل جهودا مضاعفة لضمان عدم عودة الحرب خلال المرحلة القادمة.
وكان رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني أكد للمبعوث الأممي أن الهدن المتتالية إن لم تكن جدية وموصلة للسلام فلا قيمة لها، متهما الحوثي بأنه «غير جاد في عملية السلام بدليل مئات الخروقات التي قام بها». لافتاً إلى ما حدث من هجوم عسكري خلال اليومين الماضيين على تعز بغرض إغلاق الشريان الوحيد للمدينة وهو طريق الضباب الموصل إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وقال البركاني «إن ذلك الأمر يثبت أن الحوثي ما زال يفكر بوسائله العدوانية وبدلاً من فتح الطرق والمعابر بتعز خلال الهدنة الأولى ها هو يريد أن يغلق ما تبقى من طرقات».
وأضاف بالقول «الحوثي ليس شريكاً في صناعة السلام». كما دعا المبعوث الأممي والمجتمع الدولي إلى أن «يتحملوا مسؤولياتهم في ردع الحوثي وإيران» وفق ما ذكرته المصادر الرسمية. وكان ممثلو الحكومة في اللجنة العسكرية المشتركة علقوا مشاركتهم في النقاشات التي يرعاها المبعوث الأممي ومكتبه في عمّان إلى أجل غير مسمى، إثر الهجوم الحوثي الواسع غرب تعز والذي أدى إلى مقتل وجرح العشرات.
يشار إلى أن المبعوث غروندبرغ يأمل من خلال جهوده في أن يمرر اتفاقا يتيح توسيع الهدنة الهشة القائمة مع تضمينها بنودا جديدة تتعلق بآلية لصرف الرواتب وإضافة وجهات جديدة من مطار صنعاء وإليه، مع السماح بتدفق كميات أكثر من الوقود إلى ميناء الحديدة، إلا أن ذلك لا يزال تحقيقه رهنا بموافقة الميليشيات الحوثية على تخفيف حصار تعز وهو الحد الأدنى الذي تطلبه الحكومة اليمنية للشروع في نقاش الملفات الأخرى.