لا تكاد الميليشيات الحوثية تفرغ من الاحتفال بمناسبة ذات صبغة طائفية حتى يتفاجأ اليمنيون في مناطق سيطرتها بإقامة مناسبة أخرى، تضاف إلى قائمة المناسبات المبتكرة التي تستغلها الميليشيات لابتزاز التجار وتكريس العنصرية والطائفية، والتحشيد إلى مختلف جبهات القتال.
وكانت الجماعة الحوثية قد أقامت خلال الأسابيع الماضية العديد من المناسبات؛ حيث بددت من أجلها المال العام، من خلال إقامة مئات الفعاليات والندوات والأمسيات في عديد من المدن تحت سيطرتها.
في هذا السياق، رصدت «الشرق الأوسط» قيام الميليشيات في أغسطس (آب) الماضي بالاحتفال بثلاث مناسبات، هي: ذكرى مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب، وذكرى مقتل زيد بن علي، وذكرى قدوم الجد الأول لزعيم الجماعة الحوثية إلى اليمن؛ حيث نظمت الميليشيات أكثر من 370 فعالية وندوة واجتماعاً.
ورغم استمرار وتيرة مناسبات الميليشيات المقامة حالياً تحت أسماء متعددة، فإن قيادة الجماعة فاجأت السكان في الثالث من سبتمبر (أيلول) الجاري، ببدء مناقشتها لما تسمى خطة فعاليات المولد النبوي لهذا العام.
وتداولت وكالة «سبأ» بنسختها الحوثية خبراً أفاد بمناقشة قادة الميليشيات لخطة فعاليات ذكرى المولد النبوي لهذا العام، والبدء في تجهيز قافلة متنوعة إلى الجبهات، ومنح مخصصات مالية شهرية لمعمميها وخطبائها، بهدف مواصلة تسخير المنابر في بث الأفكار الطائفية في أوساط اليمنيين.
على الصعيد نفسه، شكا تجار ومواطنون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد معاناتهم جراء تعدد المناسبات الحوثية التي يصاحب كل مناسبة منها قبيل انطلاقها حملات ابتزاز ونهب وجباية، تحت مزاعم توفير التمويل لإقامتها.
وأشاروا إلى تسلط عناصر الميليشيات عليهم في كل مناسبة خاصة بالجماعة، وتسببهم في خسائر مالية كبيرة نتيجة الإتاوات والجبايات المتواصلة التي يفرضونها عليهم، ومن بينها الضرائب والزكاة والمجهود الحربي ودعم المناسبات المتعددة طيلة العام.
ويقول «ن. صادق» وهو صاحب متجر تجزئة: «عادة ما تترقب الميليشيات الحوثية المناسبات التي فرضتها على اليمنيين لجمع الأموال بشتى الطرق وتوزيعها بين كبار قادتها، وهو مشهد بات يتكرر سنوياً؛ حيث لا تزال الميليشيات تبذل قصارى جهدها لابتكار وزيادة مثل تلك المناسبات بغية تقاسم عائداتها».
من جهته، يؤكد «ب. سمير» وهو معلم ثانوية عامة في صنعاء، أن الجماعة «لم تكتفِ بمحاولة طمس هوية المجتمع اليمني بدس المناسبات الطائفية؛ لكنها تواصل ابتكار مناسبات جديدة تقوم عادة باستغلالها وتحويلها إلى مواسم للجباية، ونهب مزيد من الأموال».
وأفاد بأنه مع بداية كل عام وقبل الشروع في أي مناسبة طائفية، تعمد الجماعة إلى تدشين مشروع واسع لجباية الأموال؛ سواء من خلال مؤسسات الدولة التي تخضع لسيطرتها، أو عبر ممارسات ابتزازية أخرى ضد التجار والمواطنين؛ مضيفاً: «لم نكد نتنفس الصعداء من انتهاء مناسبة حوثية صاحبتها حملات إتاوات، حتى فوجئنا بتدشين مناسبة أخرى جديدة وحملات ابتزاز جديدة».
وعلى الرغم من استمرار تجاهل الانقلابيين لمعاناة اليمنيين بمناطق سيطرتهم عقب حرمانهم منذ الانقلاب من الحصول على أبسط الحقوق وأقل الخدمات الأساسية، فإن مصادر مطلعة في صنعاء تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن تصاعد موجة غضب في الشارع الخاضع للميليشيات، جراء تعدد المناسبات الطائفية ومواصلة تسخير المال العام والمنهوبات من قوت وجيوب اليمنيين لصالح الاحتفال بها.
ووسط سوء الأوضاع المعيشية والحياتية الذي لا يزال يعصف بملايين السكان في مناطق سيطرة الجماعة، زادت المعاناة مع ارتفاع الأسعار ونسب الجوع والفقر والبطالة، وانعدام الخدمات الأساسية، وعودة افتعال الميليشيات لأزمة الوقود وغاز الطهي.
وكان تقرير أممي حديث قد حذر من زيادة عدد الأطفال المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي في 6 دول عربية، جاء اليمن في أعلى مستوياتها.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في تقرير لها، إن النزاعات النشطة وتدهور الأوضاع الإنسانية في: اليمن، والعراق، وليبيا، وسوريا، والسودان ولبنان، خلفت أكثر من 58 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال.
التقرير أكد أن الأطفال في اليمن عرضة لخطر مواجهة تأثير انعدام الأمن الغذائي الحاد؛ مشيراً إلى أن اليمن يبقى في أعلى مستويات التأهب.
وأبدى التقرير مخاوفه من ارتفاع الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك خطر المجاعة في بعض المناطق بشكل حاد.