مع استمرار النتائج المتشابهة لاستطلاعات الرأي، التي تبيّن أن قوة أحزاب اليمين المعارض بقيادة رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو، ستزيد في الانتخابات البرلمانية القادمة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، ولكن حجم هذه الزيادة لا يمكّنه من تشكيل حكومة، وأن قوة معسكر الحكم الحالي بقيادة يائير لبيد، لا تنجح في تعويض خسائرها وهي أيضاً لا تحصل على ما يكفي من مقاعد لتشكيل حكومة. لذا فقد بات الهدف لدى معسكر لبيد منع نتنياهو من توفير 61 مقعداً بأي ثمن، ومنعه مع العودة إلى الحكم، والتوجه إلى الانتخابات مرة أخرى بعد ستة أشهر، تتم أيضاً في ظل هذه الحكومة.
وحسب مقرب من لبيد فإن الجمهور الإسرائيلي لا يتجه لمنح الثقة من جديد بمعسكره، بعدما فشل في الحفاظ على ائتلافه الحكومي وفي أحسن الأحوال يحصل على 55 مقعداً، مقابل 59 لمعسكر نتنياهو. وهكذا ستظل أزمة الحكم مستمرة. وهذا يصب في صالح لبيد، إذ إنه في هذه الحالة سيتقرر إجراء انتخابات أخرى، لتكون السادسة في غضون أربع سنوات. وأهميتها تعود إلى أن لبيد سيبقى رئيس حكومة. فحسب تحليل نتائج الاستطلاعات، يؤكد الخبراء أن الغالبية الساحقة من الجمهور لا تقتنع بعد بأن لبيد قادر على أداء مهمة رئيس وزراء وأظهرت نتائج آخر استطلاع أن 43 في المائة من المشاركين فيه يرون في نتنياهو أنسب السياسيين لتولي رئاسة الحكومة، بينما قال 33 في المائة إن لبيد هو الأنسب لهذا المنصب. ولذلك فإنه يصب جل اهتمامه ليبقى في رئاسة الحكومة حتى يعتاد عليه الجمهور ويبدأوا في تفضيله على نتنياهو.
وحتى ذلك الحين يحاول لبيد لملمة أطراف معسكره، ويسعى لتوحيد حزبي العمل وميرتس اليساريين في قائمة انتخابية واحدة، حتى لا يسقط أحدهما ولا يعبر نسبة الحسم. كما يسعى لرفع نسبة التصويت بين صفوف الناخبين العرب، الذين يعدّون جزءاً من معسكره، حيث إن «القائمة الموحدة» للحركة الإسلامية بقيادة منصور عباس تشترك معه في الحكم، و«القائمة المشتركة» بقيادة النواب أيمن عودة وأحمد الطيبي وسامي أبو شحادة، تحارب من صفوف المعارضة ضد اليمين المتطرف وضد نتنياهو. وكلتاهما تعمل على رفع نسبة تصويت العرب.
لكن من جهة أخرى، يعود وزير الدفاع ورئيس قائمة «المعسكر الوطني»، بيني غانتس، لطرح نفسه كمنقذ لإسرائيل من أزمتها السياسية. فيقول إنه في حال عدم تمكن نتنياهو ولبيد من تشكيل حكومة، لا يكون الحل بالضرورة إجراء انتخابات أخرى. وأنه هو شخصياً، يستطيع تشكيل حكومة وحدة تضم قوى من اليمين ومن الوسط واليسار. ومع أن الاستطلاع الأخير يعطيه فقط 17 في المائة تأييد ليكون رئيس حكومة، فإنه باشر حملته الانتخابية يوم الجمعة تحت شعار: «رئيس الحكومة المنقذ». وحسب مقربين منه، فإنه لا يمانع في إعادة التجربة الفاشلة ومستعد لتشكيل حكومة مع نتنياهو تعمل طيلة أربع سنوات، بشرط أن يكون هو، أي غانتس، رئيساً لهذه الحكومة في النصف الأول، ويستبدله نتنياهو بعد سنتين. حسب منطق غانتس فإن المفترض أن تنتهي محاكمة نتنياهو بتهم الفساد في غضون السنتين. فإذا أُدين يتم استبعاده عن العمل السياسي ويحل مكانه قائد آخر من الليكود، وإذا تمت تبرئته يتولى رئاسة الحكومة.
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو أطلق حملته الانتخابية وفيها يركز حالياً على ثلاثة اتجاهات: الأول هو زيادة نسبة التصويت بين الناخبين اليهود، خصوصاً في مناطق الريف حيث يحظى بتأييد أكبر من الأحزاب الأخرى. والثاني هو الاختلاط بالناس يومياً، عبر زيارة كل الأسواق الشعبية. والثالث هو عمل ما يلزم لإبقاء نسبة التصويت بين الناخبين العرب منخفضة.
وكانت صحيفة «معريب»، قد نشرت نتائج استطلاع الرأي الأسبوعي الذي تجريه منذ شهرين، في كل يوم جمعة، واتضح منه أنه لو جرت انتخابات الكنيست الآن فسيحصل معسكر نتنياهو على 59 مقعداً، موزعة كالتالي: «الليكود» 31 مقعداً (له اليوم 30)، و«الصهيونية الدينية» 13 مقعداً (له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين 8 مقاعد (له اليوم 9)، وحزب «يهدوت هتوراه» للمتدينين الأشكناز 7 مقاعد، كما هي قوته اليوم.
في المقابل، حصلت أحزاب الائتلاف الحالي على 55 مقعداً، موزعة كالتالي: «ييش عتيد» بقيادة لبيد 25 مقعداً (له اليوم 17 مقعداً)، و«المعسكر الوطني» بقيادة غانتس 12 مقعداً (له اليوم 14)، و«يسرائيل بيتينو» 5 مقاعد (له اليوم 7)، و«ميرتس» 5 مقاعد (له اليوم 6)، و«العمل» 4 مقاعد (له اليوم 7)، و«القائمة الموحدة الإسلامية» 4 مقاعد، كما هي قوتها اليوم.
ولا تزال «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية مستقرة عند 6 مقاعد. ولم تتجاوز قائمة «الروح الصهيونية» برئاسة وزير الداخلية أييليت شاكيد، نسبة الحسم. ولذلك تدور معركة في داخل صفوفها لتغيير تركيبة هذه القائمة وجعلها أكثر يمينية. وسيعقد رئيس الوزراء، لبيد، لقاءً مع رئيستي حزبي «ميرتس» زهافا غلئون، و«العمل» ميخائيلي، مساء اليوم (السبت)، في محاولة لإقناعهما بخوض الانتخابات بقائمة واحدة، خوفاً من سقوط أحد الحزبين.