تنعقد اليوم (الأربعاء) في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الدورة الـ19 للجنة العليا المشتركة الجزائرية – الموريتانية للتعاون، برئاسة الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، ونظيره الموريتاني محمد ولد بلال، فيما يرغب البلدان في تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمعادن والتجارة والصحة.
الوزير الأول الجزائري يزور نواكشوط على رأس وفد حكومي رفيع، يضم وزراء الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، والعدل، والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين والتعليم المهنيين، والأشغال العمومية والري والمنشآت القاعدية، والصيد البحري والمنتجات الصيدلية.
ورغم أن اجتماع اللجنة العليا المشتركة للتعاون سيستمر ليوم واحد فقط، فإن مجموعة خبراء من البلدين عكفت منذ الأحد الماضي على دراسة الملفات المطروحة على الطاولة، وتجهيز الاتفاقيات التي من المفترض أن يتم تفعيلها أو التوقيع عليها. وحسب مصادر رسمية فإن أبرز الملفات يتعلق بقطاعات الطاقة والمعادن والصناعة الصيدلانية.
وقال أوفا سفيان، وهو مدير علاقات التعاون العربي والأفريقي في وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية، إن «تموين السوق الموريتانية بالمواد البترولية، إحدى أهم النقاط التي نوقشت من طرف الخبراء»، مشيراً في السياق ذاته، إلى أن هؤلاء الخبراء عكفوا على صياغة «بروتوكول تعاون بين شركة سوناطراك الجزائرية وشركة المحروقات الموريتانية».
وتعاني موريتانيا من أزمة في توفير المحروقات في السوق المحلية، بسبب تداعيات الأزمة الأوكرانية، وأيضاً بسبب خلافات حادة مع شركة خاصة كانت تتولى تموين السوق بالمشتقات البترولية منذ سنوات، ما أرغم الحكومة على مراجعة الاتفاقية مع الشركة لرفع قيمة الصفقة، وهو ما أسفر في النهاية عن رفع أسعار المحروقات في البلد، ما أثار موجة غضب واسعة في الشارع.
وفيما تراهن موريتانيا على الجزائر لحل أزمة تموين السوق بالمشتقات البترولية، التي تؤثر سلباً على قطاع الكهرباء، قال خبير جزائري: «انتهينا من الصياغة النهائية لمذكرة تفاهم جديدة، ترمي إلى مناقشة سبل التعاون والشراكة بين شركتي (سونلغاز) ونظيرتها الموريتانية، في مجال الربط الكهربائي والتكوين وكذا إمكانية بيع بعض المواد المصنعة في الجزائر والتي تخص قطاع الكهرباء».
من جانبهم، ينظر الجزائريون إلى السوق الموريتانية على أنها بوابة دخول إلى أسواق غرب أفريقيا، وذلك ما دفع الخبراء خلال اجتماعاتهم لمناقشة «مشاريع لإجراء دراسات جدوى اقتصادية لدخول (سونلغاز) إلى السوق الموريتانية، حيث تبحث الشركة عن إمكانية دخول أسواق جديدة في منطقة غرب أفريقيا لتصدير فائضها من إنتاج الكهرباء»، على حد تعبير مدير علاقات التعاون العربي والأفريقي في وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية.
ومن الملفات البارزة المطروحة على طاولة التعاون بين البلدين، ملف المناجم، إذ أعلن الطرفان عن زيارة سيقوم بها وفد من الديوان الموريتاني للمناجم إلى الجزائر في غضون أيام قليلة، للبحث في إمكانيات التعاون المتاحة في هذا المجال. وقال خبير في هذا السياق، إن الجزائر «ترغبُ في الاستعانة بالخبرة الموريتانية في مجال استغلال مناجم الحديد والذهب».
وتملك الجزائر واحداً من أغنى مناجم أفريقيا بالحديد على الحدود مع موريتانيا، ولكنها تواجه مشكلات لوجستية وفنية في استغلاله. فيما تستغل موريتانيا منجماً مشابهاً منذ النصف الأول من القرن العشرين. وتملك واحداً من أطول قطارات العالم، لنقل خام الحديد من عمق الصحراء نحو ميناء معدني على المحيط الأطلسي، وهو خيار يفكر فيه الجزائريون لنقل خامات الحديد من مناجمهم.
من جانبهم يرغب الموريتانيون في الاعتماد على الجزائريين في تطوير قطاع الصناعة الصيدلانية. وقال مدير رفيع في وزارة الصحة الجزائرية إن المباحثات تركزت على «الاعتراف المتبادل والتلقائي لتسجيل الأدوية والمصادقة على المستلزمات الطبية، بغية تسهيل ولوج المنتوجات الوطنية من هذا النوع إلى السوق الموريتانية ومنها إلى الدول المجاورة لها».
وأضاف المسؤول الجزائري أن مؤسسة (صيدال) الجزائرية «تسعى إلى توسيع قائمة أدويتها المسجلة في موريتانيا، لتشمل جميع الأدوية المنتجة من طرفها، والبالغ عددها إلى غاية الآن نحو 150 دواءً»، فيما يرغبُ الموريتانيون في «الاستفادة من التكوين ومرافقة المخبر الموريتاني لمراقبة جودة الأدوية، بخاصة في ما يتعلق بإجراء التحاليل وصيانة الأجهزة والعتاد».
ويأتي انعقاد اجتماع اللجنة العليا المشتركة الموريتانية – الجزائرية للتعاون، بعد زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الجزائر في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حين التقى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، واتفقا على أن تعقد اللجنة العليا اجتماعها بنواكشوط.
ويعملُ البلدان منذ سنوات على تعزيز مستوى التعاون، بخاصة فيما يتعلق بالتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي. وافتتح البلدان معبراً برياً عام 2018، ويخططان منذ سنوات لتشييد طريق سريع يربطهما من أجل تسهيل وتسريع التبادل التجاري، في ظل رغبة الجزائر بدخول أسواق أفريقية عبر الأراضي الموريتانية.
وفي السياق ذاته افتتح البلدان أول خط بحري تجاري يربط البلدين، وذلك بعد الصعوبات التي أجّلت تشييد الطريق السريع، والمشكلات التي واجهت شاحنات نقل البضائع الجزائرية نحو السوق الموريتانية.