تواصل الميليشيات الحوثية منذ مطلع الأسبوع الحالي إخضاع مسؤولين وأعضاء في حكومتها الانقلابية غير المعترف بها، لتلقي دورات فكرية وطائفية تحت إشراف معممين ينتمون إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي؛ حيث جرى استقدام بعضهم من محافظة صعدة (معقلها الرئيسي)؛ وفق تأكيد مصادر مطلعة في صنعاء.
وكانت الجماعة الانقلابية أقرت منذ السبت الماضي إقامة دورات ودروس زعمت أنها «ثقافية وفكرية» تستهدف وزراء ونواباً ووكلاء وزارات بحكومة الانقلاب غير المعترف بها.
وحددت الميليشيات زمن الدورة الواحدة بنحو ساعة ونصف من صباح كل يوم وتستمر لأسبوعين، حيث تبدأ من التاسعة صباحاً وحتى العاشرة والنصف، وتضم برنامجاً مكثفاً للتعبئة والمحاضرات، ويتضمن شروحاً لمناهج إيرانية ولملازم مؤسس الجماعة الصريع حسين الحوثي.
وتوعدت الميليشيات المسؤولين الموالين لها في صنعاء من المتغيبين دون عذر أو الرافضين المشاركة في الدورات بالإقالة من المناصب والإحالة إلى المحاسبة؛ وفق المصادر.
وعادة ما تعطي الجماعة الأولوية لدوراتها التعبوية لغرض استمرار بث الأفكار ذات الصبغة الطائفية في الأوساط المجتمعية، غير أن دعواتها الطوعية لم تلق مؤخراً أي استجابة، مما جعلها ترغم السكان تحت التهديد على الحضور قسراً لتلقي أفكارها المتطرفة.
وفي السياق ذاته، قال مصدر حقوقي في صنعاء إن معظم السكان من موظفين ومسؤولين وأكاديميين وبرلمانيين وأدباء وكتاب ومثقفين وغيرهم في مناطق سيطرة الجماعة ضاقوا ذرعاً من ممارساتها وسعيها المتكرر لإجبارهم على الانخراط في مشروعها الآتي من طهران.
وتطرق المصدر في حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى بعض ما يتعرض له القابعون بمناطق سيطرة الميليشيات؛ وتحديداً المنضوين تحت سلطتها غير الشرعية، من تعسفات وانتهاكات ومضايقات يومية مستمرة واتهامات مباشرة بسبب امتناعهم عن حضور الدورات التي تعدّها الجماعة إلزامية على الجميع. وأشار المصدر إلى أن غالبية السكان في مدن سيطرة الجماعة لا يزالون يشكون من تعسفات قادة ومشرفي الجماعة، «حيث يجبرونهم بين فينة وأخرى وبخلاف رغباتهم على حضور اجتماعات وفعاليات ودورات يعقدونها بشكل مستمر».
ويعدّ ذلك السلوك امتداداً لدورات سابقة أجبرت فيها الجماعة مسؤولي وموظفي المؤسسات في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها على المشاركة في دورات «التطييف» الحوثية، تمثلت أخراها في إقامة دورة خاصة قبل أشهر استهدفت وزراء في صنعاء عبر تلقينهم أفكاراً ودروساً عن كيفية التعامل مع مصادرة الممتلكات العامة والخاصة.
ووفق المصادر؛ فإن الميليشيات تسعى في مقبل الأسابيع والأيام إلى تلقين أفكارها التعبوية في أوساط أعضاء مجالس النواب والشورى والقضاء الموالين لها في صنعاء وجميع القيادات الأمنية والعسكرية.
وسبق للانقلابيين الحوثيين أن أجبروا على مدى السنوات الماضية عامة الموظفين والمسؤولين والتربويين وغيرهم على المشاركة في الدورات الطائفية مقابل تسليمهم نصف راتب كل 4 أشهر.
وفي ظل ما يشهده قطاع التعليم بمناطق سيطرة الميليشيات من تدهور غير مسبوق، بفعل استمرار فرض كامل سيطرتها عليه وتغيير بنيته كاملة، أفادت مصادر تربوية في صنعاء «الشرق الأوسط» بأن الجماعة مستمرة منذ أسبوعين في إقامة دورات طائفية شملت نحو 150 معلماً وقيادياً تربوياً بمدارس عدة في صنعاء العاصمة.
وتركز الميليشيات؛ كعادتها كل مرة عند استهداف التربويين، على حضور مدرسي مادتي القرآن الكريم والتربية الإسلامية من أجل إقناعهم بمحتوى مقرراتها، وبهدف تغيير فكر التلاميذ وهويتهم اليمنية، وفق ما تقوله المصادر التربوية.
وأوضح تربويون في صنعاء ممن شاركوا قسراً في دورات حوثية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الدورة التي أقيمت مؤخراً بإحدى مدارس مديرية معين في العاصمة ألزمتهم بضرورة إقامة إذاعات في مدارسهم تروج للطائفية في أوساط الطلاب وتحثهم على ترديد «الصرخة الخمينية» بدلاً من النشيد الوطني.
وذكروا أن الميليشيات طلبت منهم توثيق تلك الإذاعات ورفعها تباعاً إلى قسم الإعلام التربوي الذي تشرف عليه الجماعة في المديرية.