أحيا الآلاف من الناشطين العراقيين والمتعاطفين معهم، الذكرى الثالثة لـ«حراك أكتوبر» (تشرين الأول) 2019، الذي صادف يوم أمس (السبت).
المتظاهرون الذين كرروا إعادة شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، فضّلوا الانطلاق في وقت مبكر من الصباح من مكانين في جانبي الكرخ والرصافة ببغداد، بهدف توسيع مساحة الاحتجاج وتشتيت جهود القوى الأمنية في حال رغبت بتفريع المتظاهرين. وتجمّع القسم الأكبر من المتظاهرين في ساحة التحرير، معقل الاحتجاج الرئيسي بجانب الرصافة، فيما تجمع القسم الآخر في ساحة النسور بجانب الكرخ. وكلا التجمعين قريبان من المنطقة الرئاسية الخضراء.
وكان رئيس الوزراء والقائد العام للقوات مصطفى الكاظمي، أصدر 10 توجيهات مشددة لقواته، ومن ضمنها «المنع البات لاستخدام الرصاص الحي والعيارات النارية والقنابل المسيلة للدموع».
وأمر الكاظمي كذلك أن «تتولى هيئات التنفتيش في الأجهزة الأمنية والعسكرية تفتيش القطعات المكلفة بحماية المظاهرات والتأكد من عدم حملهم أي سلاح ناري أو وسيلة جارحة». إلى جانب نشر «مفارز تفتيش تحسباً لوجود أي سلاح خارج القانون ومصادرته». كما شدد على ضرورة حماية مؤسسات الدولة، وطلب من المتظاهرين التزام الهدوء والسلمية.
وعلى الرغم من تعليمات الكاظمي المتشددة، فإنَّ ذلك لم يحُل دون وقوع بعض الصدامات بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية.
وتحدثت خلية الإعلام الأمني في وقت مبكر من يوم أمس، عن «إصابة 19 ضابطاً ومنتسباً من القوة المكلفة بتأمين الحماية للمتظاهرين، فيما أصيب 9 مدنيين وذلك منذ انطلاق المظاهرات».
وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان، إنه «على الرغم من الدعوات المتكررة من قبل الأجهزة الأمنية لعدم السماح للمندسين بالدخول إلى وسط المتظاهرين، فإننا ومع شديد الأسف نلاحظ أن هناك عناصر خارجة عن القانون وجدت خلال هذه المظاهرات واستخدمت أدوات ومواد غير قانونية أثناء المظاهرات».
كما أوضح البيان أن «هذه الإصابات في صفوف الأجهزة الأمنية جاءت نتيجة استخدام الحجارة والكرات الزجاجية وقنابل المولوتوف».
وأشار البيان إلى أن القوات الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على متهمين من المندسين بحوزتهما كرات زجاجية وأدوات لرمي هذه الكرات على القوات الأمنية.
ثم عاد قائد عمليات بغداد، الفريق الركن أحمد سليم، عصراً، ليؤكد أنَّ «خطة تأمين المتظاهرين تسير كما هو مرسوم لها في جانبي الكرخ والرصافة، تحديداً في ساحتي التحرير والنسور».
وأضاف سليم في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، أنَّ «احتكاكاً حدث مع جزء من المتظاهرين في ساحة التحرير، ويتوقع أن هناك مندسين حاولوا إثارة الشغب، وهناك إصابات طفيفة».
وعلى الرغم من الدعوات التي انطلقت، سواء من الناشطين أو من الجماعات المرتبطة بـ«التيار الصدري»، منذ أيام، لزيادة أعداد المتظاهرين في الذكرى الثالثة، فإنَّ أعدادهم لم تكن بالكثرة المتوقعة في بغداد، وقد خرجت مظاهرات مماثلة في عدة محافظات وسط وجنوب البلاد.
بدوره، قدّم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بنكين ريكاني، تفسيراً حول «قلّة أعداد المتظاهرين» ببغداد، عبر تغريدة، قال فيها إن «قلّة عدد المتظاهرين لا تعني زيادة مؤشر الرضا عن المنظومة السياسية، وإنما لعلم الغالبية الناقمة بأن الاحتجاجات يتم تسييسها واستغلالها من أجل السلطة من قبل بعض من ركب موجتها».
وغداة الذكرى الثالثة، لم يغِب الحديث الطويل عن إخفاق السلطات الرسمية عن محاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين خلال موجة المظاهرات الأولى عام 2019، والسنوات التي تلتها. وفي هذا الاتجاه، يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي، في تغريدة عبر «تويتر»، إن «اللجان (المتعددة) التي تشكلت بعد أكتوبر 2019، تسلمت 8160 شكوى حول قضايا تتعلق بعنف داخل المظاهرات أو المرتبطة بها من قتل واختطاف واغتيال. لكن اللجان الحكومية اكتفت ببيانات الاستنكار والإقالات، ولم تتم إدانة الجناة إلا في حالتين فقط وعلى مستوى منتسبين برتب متدنية».
وفي السياق ذاته، قال تيار «الوعي الوطني» المنبثق عن «حراك أكتوبر» (تشرين الأول) في بيان: «مع حلول الذكرى الثالثة لانطلاق ثورة أكتوبر، ما زال هناك أكثر من 800 شهيد ينادون من مثواهم الأخير بشعار أكتوبر (نريد وطن)، وما زالوا في انتظار القصاص العادل من قاتليهم، وعدم الإفلات من العقاب وكشف الحقيقة عن الجناة ومرتكبي الأفعال الإجرامية».
وأضاف: «إننا على الوعد الذي قطعناه، لن يهدأ لنا بال ولا ننال قسطاً من الراحة إلا بتحقيق العدالة لشهداء العراق وانتشال وطننا من المأساة التي يعيش بها، خصوصاً حالة الفساد المستشري وغياب القانون أمام السلاح المنفلت الذي يستمر في قتل أبناء العراق الغيارى».