في أحدث دراسة صدرت من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركي CDC، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حذر الباحثون من خطورة زيادة احتمالية إصابة الأطفال المرضى بأنيميا الخلايا المنجلية sickle cell anemia (فقر الدم المنجلي) بالسكتة الدماغية، نظراً لأن أقل من نصف عدد المصابين به فقط، يتناولون الدواء اللازم للحد من حدوث الجلطات المتعددة في أماكن مختلفة، وبشكل خاص في المخ. ويُعد دواء «هيدروكسي يوريا» Hydroxyurea ضرورياً للأطفال المصابين لدرء المضاعفات المعتادة في هذا المرض.
– خلايا منجلية
من المعروف أن مرض أنيميا الخلايا المنجلية من الأمراض الوراثية التي تحدث نتيجة لوجود خلل جيني يؤدي إلى وجود نوع مختلف من الهيموغلوبين (Hb S)، المكون الرئيسي لكريات الدم، تتغير خصائصه عند التعرض لنقص الأكسجين، وبالتالي يتغير شكل كرية الدم من الشكل الدائري أو البيضاوي إلى شكل مثل المنجل أو الهلال، ما يؤدي إلى التصاق كريات الدم بعضها ببعض نتيجة لتغير شكلها. وهذا ما يعوق سريان الدم بانسياب في الأوعية الدموية، ويمكن أن يؤدي إلى حدوث جلطات في الأعضاء التي لا يصل لها الدم بسهولة، وأهمها المخ. وعلى الرغم من أن المرض يصيب ذوي البشرة السمراء بشكل أساسي فإنه يمكن أن يصيب أي طفل آخر.
وكانت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP قد أوصت في عام 2014 بضرورة فحص الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و16 عاماً المصابين بأنيميا الخلايا المنجلية، بشكل سنوي، للوقاية من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية عن طريق استخدام نوع معين من الموجات الصوتية عبر الجمجمة (TCD)، كما أوصت أيضاً بتقديم العلاج بإعطاء «هيدروكسي يوريا» للأطفال، بداية من 9 أشهر فما فوق، لتقليل الألم الشديد الذي يحدث نتيجة للتجمعات الدموية وكذلك المضاعفات الأخرى بما فيها الجلطة.
ولمعرفة إلى أي مدى يلتزم المرضى بهذه التوصيات، قام الباحثون بتحليل البيانات الخاصة بـ3300 طفل من المصابين بأنيميا الخلايا المنجلية المسجلين في برنامج Medicaid المخصص لتلقي الدعم الطبي؛ سواء بتوفير العلاج أو المتابعة أو إجراء التشخيصات اللازمة، وذلك لمعرفة تطور الحالة. وقاموا بفحص هذه السجلات بداية من عام 2019، وتبين أن نسبة بلغت 50 في المائة فقط من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و9 سنوات هم الذين خضعوا لفحوصات دورية مسحية متقدمة، عن طريق عمل «دوبلر» بالموجات فوق الصوتية عبر الجمجمة transcranial Doppler ultrasound. وبالنسبة للفئة العمرية الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و16 عاماً كانت نسبة من خضعوا للفحص هي 38 في المائة فقط.
وتعتبر هذه الفحوصات الدورية بالنسبة لمرضى أنيميا الخلايا المنجلية مهمة؛ لأنها تحدد الإجراءات الوقائية اللازمة للحد من حدوث الجلطات. وإذا كانت نتائج هذا الموجات فوق الصوتية غير طبيعية بأي شكل، ففي الأغلب يقوم الأطباء بالتدخل عن طريق تكثيف جرعة العلاج، أو بعملية نقل دم للطفل المريض للمساعدة بشكل أساسي في منع السكتة الدماغية، أو حدوث نوبات شديدة من الألم، نتيجة لالتصاق كريات الدم واحتمالية تعرضها للتكسير، وبالتالي حدوث الأنيميا.
– علامات الجلطة الدماغية
وتبعاً للبيانات، كان هناك اثنان فقط من كل 5 أطفال هم الذين يخضعون للفحوصات بشكل دوري، أو يتناولون العقار الواقي من الجلطات (هيدروكسي يوريا) بانتظام، وكان الأطفال الذين خضعوا للفحوصات بشكل مستمر وتناولوا العقار بانتظام هم الذين ترددوا على الأطباء بشكل مستمر، وأيضاً الذين كان لهم تاريخ مرضي لحدوث المضاعفات.
وأوضحت الدراسة أن نسبة كبيرة من المرضى لا يتناولون الدواء بشكل منتظم، بسبب الخوف من حدوث أعراض جانبية للعلاج، وأهمها الغثيان وتساقط الشعر، ويفضلون العلاج في حالة الإحساس بالألم فقط. وأيضاً هناك نسبة من المرضى لا يتناولون الدواء بسبب العنصرية التي تتم ممارستها معهم؛ خصوصاً أن غالبيتهم من الأصول الأفريقية. وهناك بعض المرضى لا يتناولون العلاج بسبب عدم وجودهم بجوار مراكز تقدم الدعم الطبي، كما أن العلاج يحتاج إلى متابعة مستمرة لتحاليل الدم، وهو أمر يمكن أن يكون مرهقاً للطفل وذويه.
يجب على الآباء أن يدركوا أن الفحص الدوري شديد الأهمية للوقاية من السكتة الدماغية. وعلى وجه التقريب فإن حوالي 10 في المائة من الأطفال المصابين سوف تحدث لهم جلطة في المخ. والأمر ليس قاصراً فقط على الأطفال ذوي البشرة الداكنة. وتحدث الإصابة بالمضاعفات أيضاً لدى نحو 10 في المائة من الأطفال ذوي البشرة البيضاء. ويجب أن تكون الفحوصات كل عام بدءاً من عمر عامين وحتى بلوغهم سن 16 عاماً.
وهناك بعض العلامات التي تشير إلى احتمالية حدوث السكتة، مثل:
– ظهور ضعف مفاجئ في طرف معين؛ خصوصاً إذا حدث ذلك في جانب واحد من الجسم.
– حدوث تلعثم وعدم القدرة على الحديث بشكل واضح، بجانب وجود صعوبة في فهم الكلام.
– صعوبة مفاجئة في الرؤية بإحدى العينين أو بكلتيهما.
– عدم القدرة على المشي بشكل سليم أو في خط مستقيم، مع دوار وفقدان للاتزان.
– صداع حاد بشكل مفاجئ من دون وجود سبب محدد لحدوثه.
– في بعض الأحيان تحدث ما تسمى «السكتة الدماغية الصامتة» silent stroke، وهي التي تحدث من دون أي علامات أو أعراض أخرى، ولا يمكن تشخيصها إلا عن طريق عمل رنين مغناطيسي (MRI) على المخ، لمعرفة حجم التلف الذي حدث في أنسجة المخ، ولذلك يعتبر الالتزام بالعلاج أمراً بالغ الأهمية.
– استشاري طب الأطفال