أوضح الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن عُلماء الإسلام كتبوا في السيرة النبوية «ما يصعب استيعابُه، وأوضحوا من خلال شروحهم وتحليلاتهم المعاني الجليلة في فصول السيرة، ولم يكن لأي إنسانٍ على وجه الأرض (مُنْذُ أنْ خلق اللهُ الخلقَ إلى يومنا هذا) أن أُحصيتْ تفاصيلُ حياتِه سوى نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم»، مؤكداً أن كل مسلم على شوق كبير لمعرفة هذه التفاصيل عن نبيه الكريم، وهو ما حصل «بحمد الله» حيث حَفِظَ اللهُ تلك السيرة العطرة بما حفظ به سبحانَهُ دينَهُ القويم، إذ هي مِنَ الدينِ، وقد أمرنا اللهُ تعالى أن نكون على هديه الكريم.
جاء ذلك، خلال كلمة ألقاها العيسى لدى انطلاق المؤتمر الدولي للقيم الأخلاقية في السيرة النبوية في نسخته الجديدة، برعاية الرئيس الموريتاني السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وحضور مفتين وكبار علماء من أكثر من خمسين دولة.
وتابع العيسى قائلا: «لقد تشرفت رابطة العالم الإسلامي بإطلاق متاحف السيرة النبوية (حول العالم)، انطلاقاً من مقرها الرئيسي بالمدينة المنورة، واشتملت هذه المتاحفُ على إبراز تفاصيل سيرة سيدنا ونبينا صلى الله عليه وسلم موثقة توثيقاً دقيقاً من خلال عرضٍ اعتمد أفضلَ الوسائلِ التقنية المعاصرة تحت شِعَار (السيرة النبوية كأنك تعيشها، نعم: قدمت هذه المتاحفُ وصفاً شاملاً للسيرة النبوية بأساليب حديثة تنقلك وجدانياً إلى تلك الرحاب المباركة، بتجاوز العرض المعتاد من خلال الكتب والمحاضرات، إلى التقنية الحديثة، وكأنك تعيش تلك الأجواء العطرة من خلال عروض متقدمة».
ولفت إلى أن المتحف في نسخه المتقدمة سيشهد المزيد من إبراز مشاهد الجمال والجلال النبوي في قيمه الأخلاقية الداعية للسلام والوئام، «ومن ذلك إبراز تفاصيل أهم وثيقة في التاريخ الإنساني، وهي وثيقة المدينة المنورة، التي أمضاها نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع التنوع الديني وقتئذ، واشتملت على مواد حافلة بالسماحة الإسلامية ابتداء بتجاوز المفهوم المتبادل لدلالة التسامح المجرد»، منوهاً إلى أن ذلك كله يرسخ الاستيعاب الكامل لسنة الخالق سبحانه في حتمية الاختلاف والتنوع والتعدد بين البشر، وحتمية التعايُش بين الجميع لصالح الجميع ولكل دينه، فالإسلام هو أول من نقض أطروحة حتمية الصدام الحضاري المنادى بها مع بالغ الأسف من منصات أكاديمية عليا «في جامعات عالمية». وأضاف رئيس الرابطة بالقول إن «الإسلام مع إيمانه بحتمية الاختلاف والتنوع داعٍ إلى السلام والتعايُش والوئام، وهو مرسخٌ لإمكانية ذلك بالقول والعمل، وفي تلك الوثيقة شاهد ماثل، فضلاً عن نصوصٍ شرعية مُبينة؛ ولذا فنحن أحوجُ ما نكون إلى أن نذكر الشاهد الماثل الموثقَ؛ بدلاً من الطرح المجرد، وفي هذا السياق لعلي أشير إلى أن في تلك الوثيقة التاريخية معاني عظيمة تأتي على افتراءاتٍ عدة، تأتي عليها من قواعدها».
وتابع «على هدي هذه الوثيقة صدرت وثيقة مكة المكرمة التي أمضاها أكثر من ألفٍ ومائتي مفتٍ وعالم، وأكثر من أربعة آلافٍ وخمسمائة مفكر إسلامي، وتعد أهم وأشمل وأقوى وثيقة إسلامية (من نوعها) بعد وثيقة المدينة المنورة».
وفي اللقاء قلد الرئيس الموريتاني، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وسام الاستحقاق الوطني الموريتاني نظير جهوده الدولية في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، وتم ذلك عبر مراسم توسيم حضرها عدد من الوزراء وكبار المسؤولين الموريتانيين، تلا ذلك تكريم العيسى من قبل رئيس وأعضاء هيئة كبار علماء موريتانيا.