أعلن فصيل مسلح يطلق على نفسه اسم «أصحاب الكهف»، أمس الثلاثاء، مسؤوليته عن قتل مواطن أميركي وسط بغداد الليلة قبل الماضية. وذكر الفصيل المسلح، في منشور صحافي، أن عملية قتل المواطن الأميركي ستيفن ترول جاءت «انتقاماً لمقتل الجنرال قاسم سليماني قائد (فيلق القدس)، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس (هيئة الحشد الشعبي)»، وذلك وفق تقرير لوكالة الأنباء الألمانية. غير أن لجنة التحقيق لم تنشر نتائج تحقيقاتها في الحادث، لتحديد ما إذا كان جنائياً لأغراض مادية، أم إرهابياً نفذته جماعة مسلحة تقف خلفها جهة سياسية. وقالت مصادر إنه إذا اتضح أن الحادث إرهابي؛ فسيكون مؤشراً على بداية خلاف مع السوداني، خصوصاً بعد أن أبدت واشنطن مباركة كاملة لحكومته منذ تشكيلها في الشهر الماضي. وأعلنت «خلية الإعلام» في «قيادة العمليات المشتركة» العراقية أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وجّه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، بتشكيل لجنة من أجهزة الوزارة التخصصية والجهات الأمنية الأخرى للتحقيق في ملابسات الحادث. وأوضح «البيان» أنه «تم تشكيل اللجنة فور وقوع الحادث للوقوف على تفاصيله وأسبابه والوصول إلى الجناة بأسرع وقت».
– واشنطن تراقب
وكانت وسائل إعلام محلية ذكرت أن مسلحين أطلقوا الرصاص على المواطن الأميركي وهو يقود سيارته في حي الكرادة في بغداد، وأنه توفي في «مستشفى زايد». كما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدر في الشرطة العراقية قوله: «وفقاً لتحرياتنا المبدئية وشهود العيان؛ فقد حاول مسلحون اختطاف المواطن الأميركي» قبل إطلاق النار عليه، مضيفاً أن «الضحية كان يحمل بطاقة هوية تبين منها أنه يعمل مدرساً للغة الإنجليزية»، فيما قالت مصادر إنه كان يعمل في إحدى وكالات الإغاثة. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، أمس الثلاثاء، وفاة المواطن الأميركي ستيفن ترويل في بغداد، بعد يوم من إعلان الشرطة العراقية عن مقتله. وقال مسؤولون أميركيون: «نحن نراقب من كثب تحقيق السلطات المحلية في سبب الوفاة».
وبعد يوم من مقتل المواطن الأميركي وسط العاصمة العراقية بغداد، أعلنت السفيرة الأميركية لدى العراق، آلينا رومانوسكي، أن بلادها تبحث عن شراكة أكبر مع حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وقالت وزارة المالية العراقية في بيان عقب استقبال الوزيرة طيف سامي للسفيرة رومانسكي، إن السفيرة الأميركية «قدمت التهاني لوزيرة المالية بمناسبة تسلم مهام الوزارة، وأكدت على استمرار دعم حكومة الولايات المتحدة لحكومة وشعب العراق، وتطلعها إلى إيجاد مساحات أوسع من الشراكة والتعاون بين البلدين».
من جانبها، أشادت الوزيرة طيف سامي «بمستوى العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وأكدت على أهمية مواصلة البناء على ما تحقق من منجزات وتعزيزها بما يساهم في فتح آفاق أرحب على كافة الأصعدة؛ ومنها جوانب المال والاقتصاد». وأضافت الوزيرة أنه جرى «بحث مسارات الشراكة التنموية التي تربط البلدين الصديقين وأهمية استمرارها والارتقاء بها لتحقيق التطلعات والأهداف المشتركة، إلى جانب مناقشة عدد من الموضوعات المالية والاستثمارية».
– عقارات «المنطقة الخضراء»
إلى ذلك؛ قالت مصادر إن السوداني، الذي أصدر منذ توليه المنصب العديد من الأوامر والقرارات في محاولة منه للحد من مظاهر الترهل والفساد في الدولة على مدى السنوات الماضية، يبدو واثقاً بالخطوات التي يقوم بها أو ينوي القيام بها. ومع أن المراقبين يخشون أن تصطدم خطواته في مرحلة لاحقة بالقوى السياسية التي تقف خلفه الآن فيما لو حاول التصدي لنفوذها في الدولة أو قص أجنحة الأطراف المالية أو السياسية أو المسلحة التي يمكن أن يعلن الحرب عليها في مرحلة لاحقة في جزء من إعادة بناء الدولة. وفي هذا السياق لوح السوداني بفتح واحد من أخطر الملفات التي كانت من المسكوت عنه طوال السنوات الماضية، وهو ملف عقارات الدولة، خصوصاً في «المنطقة الخضراء» المحصنة والتي تضم القصر الحكومي والبرلمان وعدداً كبيراً من مؤسسات الدولة والسفارات، وفي مقدمتها السفارة الأميركية، فضلاً عن قصور صدام التي يشغلها الآن كبار المسؤولين.
وأكد السوداني أثناء زيارته إلى أمانة بغداد، أمس، وجود تجاوزات كبيرة على عقارات «مهمة» في بغداد؛ بما في ذلك «المنطقة الخضراء». وقال رئيس الوزراء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه الإعلامي، إنه «في بلد إيراداته كبيرة، نجد أن الواقع الخدمي في العاصمة متردٍّ لا يليق باسمها وتاريخها». وأضاف أن «مشاهداتي في بغداد كمواطن متابع تكشف أن المنجز لا يوازي ما يُصرف من الأموال الكبيرة. فقد شخّصنا حالة من التقاطع في الواجبات والأداء بين أمانة بغداد وباقي الوزارات، وأثر ذلك في مستوى الخدمات، ونرحب بكل شخص يرفدنا بحلول لهذه المشاكل، وبتوقيت زمني معلوم». وتابع رئيس الوزراء قوله إن «هناك تجاوزات في كل مناطق بغداد، بما فيها (المنطقة الخضراء)، وهناك تجاوزات كبيرة على عقارات مهمة كان من الممكن أن تحقق إيرادات لأمانة بغداد». واختتم السوداني حديثه قائلاً: «آن الأوان لإحداث تغيير حقيقي في منهج إدارة الدولة، بأن يكون القطاع الخاص هو من ينفذ المشاريع الخدمية وفق رؤية وتخطيط الدولة».
– «أصحاب الكهف»
وتعتبر الجماعة المسلحة المعروفة باسم «أصحاب الكهف» فصيلاً غامضاً منذ أن ظهرت للمرة الأولى عام 2019، ورغم أنها تمثل واجهة لإحدى الفصائل الشيعية النافذة، لكن غالبية التحليلات تشير إلى أنها «جندي» ينفذ أجندة تشكل جميع الجهات المسلحة التي ترفع شعار «المقاومة» في البلاد. وتبنت «أصحاب الكهف» هجمات عنيفة بعبوات ناسفة على قوافل منذ مارس (آذار) 2020، وهجوما صاروخيا واحدا على الأقل على السفارة الأميركية، في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وكثفت الفصائل عموماً هجماتها منذ اغتيال سليماني والمهندس، لكن غالبية الهجمات تركز على قوافل الدعم اللوجيستي التابعة للقوات الأميركية، حتى في أثناء نقل معداتها لأغراض الانسحاب من العراق.
وزعم معهد «واشنطن للدراسات» أن أدلة أظهرت تبعية «أصحاب الكهف» لـ«عصائب أهل الحق»، استناداً إلى «تحليل المنشورات والحسابات التي تروج لنشاط أصحاب الكهف، وفيما يبدو أن منصات العصائب على علاقة وثيقة بشكل خاص بأصحاب الكهف، كما أن الهجمات التي تتبناها أصحاب الكهف تكون منفذة بالقرب من مناطق سيطرة الفصيل الذي يقوده قيس الخزعلي».
ويبدو أن الهجمات التي نفذتها «أصحاب الكهف» تراجعت إلى حد ما بعد سبتمبر (أيلول) 2020، بسبب ما قالت الجماعة نفسها عبر حسابات في «تويتر» و«تيلغرام» إنها «تعرضت للخيانة، وتشعر بخذلان شديد جراء موقف بقية الفصائل بالبراءة منها».