مع استمرار تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الأفارقة إلى اليمن، وعدم وجود مخيمات لإيوائهم، وترحيل ميليشيات الحوثي لآلاف منهم إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، فقد باتوا يعيشون ظروفاً إنسانية بالغة البؤس. وإذا تمكن بعضهم من إنشاء مخيمات من الصفيح والأشجار في مساحة من الأرض بالقرب من ساحل البحر في مدينة عدن، فإن مجاميع أخرى لا تجد مكاناً تأوي إليه، ولهذا تحولت حدائق وجزر الشوارع الرئيسية في المدينة إلى مأوى لهم؛ حيث يستخدمون نوافير المياه وأنابيب ري الأشجار للاستحمام وغسل الملابس.
ففي المدينة التي تتخذها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد، يمكنك في الصباح الباكر وعند حلول المساء مشاهدة مجاميع من اللاجئين في التقاطعات الرئيسية وهم يغتسلون، لا سيما في مديرية خور مكسر؛ حيث توجد أغلب مكاتب المنظمات الدولية.
كما يمكن مشاهدة النساء وهن ينظفن أطفالهن، ويغسلن ملابسهن، وينشرنها على الأشجار، والأمر كذلك في مديرية المنصورة؛ حيث يتجمع اللاجئون الذين رحَّلتهم ميليشيات الحوثي. كما أن ساحة العروض الرئيسة في عدن أصبحت مأوى لكثير منهم؛ حيث يستظلون تحت منصتها المجاورة لمكاتب الأمم المتحدة.
يقول سليم -وهو بائع مواد غذائية في عدن- لـ«الشرق الأوسط»، إن هؤلاء اللاجئين يعيشون في بؤس، ويحصلون على وجبات غذائية بسيطة من المطاعم والمقاهي، ويعمل عدد منهم في غسيل السيارات، ويشكون من انقطاع المساعدات المقدمة من المنظمات الإغاثية لأشهر عديدة. ويضيف: «نتعاطف معهم ونعطيهم مياه شرب نظيفة أنا وغيري من أصحاب المحال؛ لكن أعدادهم كبيرة ولا يجدون مكاناً يأوون إليه».
ويوضح بشير الذي يسكن بالقرب من تجمعات اللاجئين، أن محال بيع الخضراوات والمواد الغذائية والمطاعم، وفاعلي الخير، يساعدونهم بقدر استطاعتهم، ولكنهم يشكون من غياب المساعدات لفترات طويلة. ويقول إن المخيم المقام من الأشجار وقطع القماش توجد به خزانات مياه وعدد محدود من دورات المياه فقط.
ويؤكد أن اللاجئين يكونون عرضة للحشرات والزواحف، ويفتقدون المواد الغذائية، ومع ذلك يختلفون كل فترة بسبب معتقداتهم الدينية؛ حيث يضطر السكان إلى طلب الشرطة لفض الاشتباكات بينهم.
من جهته، شكا مدير صندوق النظافة في عدن من استخدام اللاجئين لجزر الشوارع والتقاطعات للإقامة فيها، وطلب من مديري عموم المديريات الحفاظ «على تقاطعات الشوارع والمساحات الخضراء».
ويقول إنه «نظراً لما تعانيه المساحات العامة وبعض الدوارات والمساحات الخضراء في عموم مديريات المحافظة من تشويه المنظر الجمالي، وانتشار الروائح الكريهة وتكدس القمامة والمخلفات الآدمية، نتيجة إقامة اللاجئين في تلك المواقع، وامتهانهم غسيل السيارات، وترك معداتهم تحت الأشجار، بات من الضرورة إخلاء تلك المواقع، وبما يساعد في الحفاظ على جمال ونظافة المدينة، وضمان عدم عودة اللاجئين إليها للحفاظ عليها؛ خصوصاً وأنها توجد في مناطق مهمة وحيوية».
وبالتزامن مع ذلك، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن 28 مهاجراً إثيوبياً على الأقل باتوا في عداد المفقودين، بعد تحطم قارب وغرقه في 30 أكتوبر (تشرين الأول) قبالة ساحل اليمن؛ حيث البحث مستمر عن المهاجرين المتبقين.
وقالت المنظمة إن القارب غادر مدينة أوبوك بجيبوتي منتصف الليل، لعبور مضيق باب المندب متجهاً إلى نقطة وصول معروفة في اليمن، وعلى متنه ما لا يقل عن 30 شخصاً؛ لكن القارب المكتظ لم يستطع تحمل ارتفاع المد وتجنب الصخور، فغرق في نهاية المطاف.
وبناء على ما ذكرته المنظمة، فقد سافر أكثر من 54 ألف مهاجر على طريق الممر الشرقي الذي يمتد من القرن الأفريقي إلى دول الخليج منذ بداية العام الحالي؛ حيث يخوض المهاجرون رحلات صعبة ييسرها المهربون الذين يُعرضونهم لمجموعة مختلفة من المخاطر، بما في ذلك رحلات على متن مراكب مزدحمة وغير صالحة للإبحار، فضلاً عن الاستغلال والإساءة والعنف.
وتواصل المنظمة الدولية للهجرة تقديم مساعدات العودة الإنسانية الطوعية من عدن إلى إثيوبيا، كما تبذل جهوداً لتسهيل عودة عشرات الآلاف الموجودين في صنعاء إلى بلدانهم؛ إذ يقدر أن 43 ألف مهاجر ما زالوا عالقين هناك بعد أن قيدت الميليشيات الحوثية حركتهم، وحرمتهم من أي مساعدات، فضلاً عن فرضها قيوداً مشددة على عمل ووصول المنظمات الإغاثية إليهم.