توتر أمني وسياسي في إقليم كردستان العراق يهدد الكيان الدستوري لإقلیم کردستان
الاتحاد الوطني يتهم الحزب الديمقراطي بدفع الأوضاع إلى تصعيد أكثر الديمقراطي يصرّ على تسليم قيادات أمنية من الاتحاد إلى القضاء بتهم تتعلق بالإرهاب لاهور الشيخ جنكي يحذِّر من عواقب الخلافات بين الحزبين الحاكمين مراقبون : لدى الاتحاد مخاوف كبيرة بشأن التقارب بين الشيخ جنكي و البارزاني
مراقب سياسي: خلافات الحزبين قد تفكك الكيان الدستوري للإقليم
تشهد الساحة السياسية في إقليم كردستان، شمالي العراق، أوضاعا متأزمة تنذر بتصعيد أكثر في ظل تفاقم الخلافات والمشكلات بين الحزبين الرئيسيين “الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني” في وقت تجري وساطات داخلية ودولية للتهدئة، لاسيما بعد اشتداد لغة الخطابات و كيل الاتهامات بين الطرفين بشأن الإيرادات المالية واحتكار المناصب الحكومية والتفرد بالسلطة في الحكم، الأمر الذي دفع برئيس الفريق الوزاري للاتحاد الوطني قوباد طالباني وعدد من وزراءه عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء في حكومة إقليم كردستان التي يرأسها مسرور البارزاني.
بافل طالباني يدير دفة المواجهة مع غريمه الحزب الديمقراطي
بهدف عقد إجتماعات لقاءات مع ممثلي البعثات الدبلوماسية في أربيل، أجرى بافل طالباني رئيس الاتحاد الوطني زيارة الأربعاء الماضي إلى أربيل كان يرافقه قائد قوات مكافحة الارهاب التابعة للاتحاد الوطني”وەهاب هەڵەبجەیی”، المطلوب قضائيا من قبل “مجلس أمن إقليم كردستان” بتهمة التورط في قضية إغتيال الضابط الأمني في جهاز مكافحة الارهاب” هاوكار جاف”، الذي تم اغتياله أكتوبر الماضي في أربيل عبر زرع عبوة لاصقة بالمركبة التي كان يستقلها، وبحسب معلومات تناقلتها وسائل إعلام كردية فإن قوات حكومية كانت قد منعت دخول “وهاب هلبجي” إلى أربيل تحت ذريعة أمر القبض عليه قضائيا الإ أن بافل طالباني قد أصرّ على إدخاله إلى أربيل لإحضاره في الإجتماعات مع البعثات الدبلوماسية، ليتدخل نيجرفان البارزاني رئيس إقليم كردستان لاحقا بعد أن كاد الوضع أن يخرج عن السيطرة بحسب معلومات صحافية.
خطوة مفاجئة يراها المراقبون تصعيدا جديدا في العلاقات المتوترة أصلا بين طرفي النزاع، ويعتبرها استفزازا وتحديا يثير غضب الحزب الديمقراطي الكردستاني و في النهاية قد يعمق الأزمة السياسية بين الحزبين، خاصة بعد أن صعَّدت قيادات الاتحاد الوطني من لهجة الخطاب والإعلام عنوانها العريض وقف الإستفراد بالقرارات والحكم ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني ذات الأغلبية البرلمانية في الإقليم وبغداد على مستوى الكتل الكردية.
وتشير وسائل إعلام تابعة للاتحاد الوطني أن بافل طالباني قد ناقش مع مملثي البعثات الدبلوماسية مستجدات الأوضاع الراهنة وعلاقات حزبه المتوترة مع الديمقراطي الكردستاني كما عرض أدلة مصورة بشأن عملية اغتيال الضابط الأمني هاوكار جاف إلى الممثلين خلال الاجتماع بهدف تفنيد ودحض المعلومات والاعترافات للمتهمين المقبوض عليهم من قبل القوات الأمنية والتي نشرها مجلس أمن كردستان حول القضية.
في الاثناء أكد حاجي مصيفي عضو المجلس القيادي للاتحاد الوطني في لقاء متلفز أن الحزب الديمقراطي يدفع الأوضاع نحو إقتتال داخلي على غرار ماحصل في التسعينات من القرن الماضي، لذا حان الوقت لكي نبعث برسالة الى جميع الاطراف مفادها أن الاتحاد الوطني لن يقبل بالاستفراد بالقرارات في الحكم وإحتكار السلطات في الإقليم.
مشيرا إلى أن الاتحاد الوطني لن يقبل من أي طرف كائنا ماكان تحريك قوات مسلحة في إشارة إلى تطويق منزل قوباد طالباني نائب رئيس حكومة إقليم كردستان في أربيل مؤخرا الأمر الذي أدى إلى تعقيد المشهد السياسي وتأزيم العلاقات أكثر بين الحزبين الرئيسيين “الاتحاد الوطني، الديمقراطي الكردستاني”، متهما الحزب الديمقراطي بإيواء أعضاء ومسؤولين أمنيين كبار منشقين بينهم رئيس وكالة الأمن والمعلومات “ئەژی أمين “عن الاتحاد الوطني ليستخدمهم ورقة ضد الاتحاد الوطني بحسب تعبيره.
أما الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يراقب الأوضاع الداخلية المتأزمة في الاتحاد الوطني فيبدو أنه قد يجنب المواجهة وينأى بنفسه من أي خطوات لتفادي مواجهات قد تجلب عواقب وخيمة لايحمد عقاباها في الظرف الراهن ، كما أن الحزب الديمقراطي يلاحق قيادات أمنية في صفوف الاتحاد الوطني قضائيا على خلفية ملفات تتعلق بالإرهاب.
القيادي في الحزب الديمقراطي بلند إسماعيل أكد في مقابلة تلفزيونية أن الحزب الديمقراطي الكردستاني ليس هناك أي مشكلة سياسية مع الاتحاد الوطني ويجب عليه تسليم جميع المسؤولين الضالعين في قضية إغتيال الضابط الأمني هاوكار جاف ، مضيفا أن القضاء أصدر مذكرات إعتقال بحقهم لابدّ من تنفيذ القرارات القضائية، أما إذا كان لدى الاتحاد الوطني شكوك حول القضية فإن حكومة الإقليم مستعدة لإحالة الملف إلى جهة دولية لإجراء تحقيقات بخصوص العملية وصفها بالإرهابية والتي تم تنفيذها في أربيل الشهرالماضي، وتابع بالقول إن الاتحاد الوطني يعمل على خلط الأوراق لتعقيد المشهد السياسي في إقليم كردستان.
الأحداث السياسية في إقليم كردستان تسير على وتيرة متسارعة ليدخل لاهور الشيخ جنكي الرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني على الخط لتخفيف حدة التوترات السياسية والأمنية في الإقليم من جهة و لتوجيه رسالة مفادها أنه لايزال سياسيا مؤثرا على الساحة وأن له كلمته الخاصة، إذ أكد خلال بلاغ صدر عن مكتبه الإعلامي أن السياسة ممارسة لن تُبنى على أسس الأحقاد الشخصية، خاصة في الظروف الراهنة التي يمرّ بها إقليم كردستان حيث أن مسؤولين كبارا من الحزبين الرئيسيين “الاتحاد الوطني، الديمقراطي الكردستاني” ينذرون بالإنقسامات السياسية وإنشطار إقليم كردستان إلى إدارتين على غرار التقسيم في التسعينات من القرن الماضي، مشددا على ضرورة إيجاد حلول ناجعة للمشكلات والخلافات السياسية على أساس الوحدة الوطنية بعيدا عن الأحقاد الشخصية.
ويرى مراقبون أن لدى قيادات الاتحاد الوطني مخاوف كبيرة بشأن التقارب الذي حصل مؤخرا بين عدوّي أمس لاهور الشيخ جنكي ومسرور البارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان ونائب رئيس الحزب الديمقراطي لاسيما بعد أن بعث الشيخ برسالة تهنئة إلى البارزاني بمناسبة نجاح المؤتمر التنظيمي الرابع عشر للحزب، متمنيا أن تكون أهداف ونتائج المؤتمر عاملا أساسيا في تخفيف التوترات وحل المشكلات المعقدة القائمة بين الأطراف السياسية والعمل من أجل رصف الصف الوطني خدمة لإقليم كردستان.
يشار إلى أن لاهور الشيخ جنكي الرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني يتمتع بقاعدة شعبية وجماهيرية واسعة على مستوى إقليم كردستان وکان قد حصل على أغلبیة أصوات المؤتمر التنظيمي الرابع للاتحاد الوطني والذي انعقد بداية عام 2020 لكن قد تم إبعاده من منصب الرئاسة المشتركة من قبل إبن عمه بافل طالباني في الثامن من تموز عام 2021 بتهمة محاولته لتسميم بافل طالباني النجل الأكبر للرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني كما تم إلغاء نظام الرئاسة المشتركة لاحقا ليصبح بافل طالباني رئيسا للاتحاد الوطني الأمر الذي دفع بالشيخ جنكي الى اللجوء للقضاء في حسم الملف بعد أن رفض الاتهامات الموجهة إليه.
وفي تصريح خاص أكد ريبين أحمد هردي الكاتب الكردي في الشؤون السياسية، أن الاوضاع الحالية قد تجرّ إقليم كردستان نحو الهاوية، كما أنها تهدد الكيان الدستوري لإقليم كردستان خاصة مع غياب لغة عقلانية وحكيمة لإيجاد حلول جذرية للأزمات التي تعصف بإقليم كردستان، مؤكدا أن إقليم كردستان يدفع ثمن مثل هذه الصراعات والخلافات المحتدمة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني اللذان شريكان أساسيان في توزيع إدارة الحكم ونهب الثروات والإيرادات المالية أصلا طوال إدارتهما على مدى ثلاثة عقود متواصلة من الحكم.
كما أشار هردي الذي يُعرف بتوجهاته المعارِضة للسلطات في إقليم كردستان إلى أن الجيل الجديد لقيادات الأحزاب التقليدية خاصة داخل الحزبين الرئيسيين “الاتحاد الوطني ، الديمقراطي الديمقراطي الكردستاني” تفتقر إلى الحنكة السياسية وإتخاذ قرارات صائبة لمصلحة الإقليم والمواطنين، لافتا أنه من الضروري أن يراجع كل من الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني سياساتهما الخاطئة والتي استشاطت غضب المواطنين طوال السنوات الثلاثين الماضية، مردفا بالقول إن إنقاسم إقليم كردستان إلى إدارتين منفصليتن أمر قائم في أي لحظة، تتوزعان على المنطقة الخضراء للاتحاد الوطني والمنطقة الصفراء التي ستكون خاضعة لسلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني وأن هذا الأمر قد يؤدي إلى تفكيك الكيان الدستوري كما أنه بات هشا حاليا إلا أنه بسبب المعادلات الدولية والإقليمية لايزال إقليم كردستان إقليما مستقلا حتى الآن.
بقلم محمد بزرج