تجددت «المناكفات السياسية» في ليبيا بين الحكومتين المتصارعتين على السلطة حول قطاع النفط، حيث اعترض فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، على ما قاله خصمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة»، وقال إن هذا الأخير يعمل على تغيير نسبة المشاركة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة «إيني» الإيطالية في شركة «مليتة للنفط والغاز» الوطنية.
ولا يزال قطاع النفطي الليبي محل اشتباك سياسي وأمني بين الأفرقاء في البلاد، كما يعده البعض «ورقة رابحة» لاستقطاب دول غربية، بقصد دعم المتصارعين في معادلة استحواذهم على السلطة.
وحذر باشاغا، المدعوم من معسكر شرق ليبيا، مساء أمس، من استغلال «المجلس الأعلى للطاقة»، الذي أسسه الدبيبة ويترأسه، في «صفقات مشبوهة دون دراسة جدوى، ومعرفة منافعها على الدولة، ما ستكون عواقبه وخيمة على الجميع».
وأعاد الدبيبة تشكيل المجلس الأعلى لشؤون الطاقة تحت رئاسته، على أن يتكفل بجميع مصادر الطاقة واستخدامها، كما يشرف على القضايا السيادية المتعلقة بأنشطتها، التي تضم النفط والغاز والمنتجات والبتروكيماوية والطاقة الذرية، والطاقة المتجددة والطاقة الكهربائية، وقد عقد المجلس اجتماعاً الأحد الماضي، تناول فيه مناقشة استراتيجية تطوير الإنتاج بالمؤسسة الوطنية للنفط، إضافة إلى التعاون مع شركة «إيني» الإيطالية.
واعتبر باشاغا التوسع في نسبة الشريك الأجنبي، على حساب الشركة الوطنية، «حلقة أخرى في مسلسل رهن مقدرات الوطن وأهله للأجنبي، مقابل الاستمرار في السلطة»، وقال إن حكومته «رصدت ما وقع داخل اجتماع مجلس الطاقة، الذي تأسس من طرف رئيس وزراء الحكومة؛ وتم تداول مقترح بشأن تغيير نسب المشاركة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني، بحيث تزيد حصة الشريك الأجنبي على حساب الشريك الوطني». ورأى أن هذه الأعمال «ترقى لأن تكون جرائم يحاسب عليها القانون الليبي… وستكون هناك ملاحقات قضائية لكل من يثبت ضلوعه فيها».
وزاد باشاغا من وعيده قائلاً: «نحذر الشريك الأجنبي (إيني الإيطالية) من التعامل بانتهازية مع مصادر دخل الليبيين باستغلال الانقسام السياسي… وهذه الرهانات التي تقفز على المصلحة الليبية العليا لا تصب في خانة تطوير المصالح الاستراتيجية والشراكة طويلة الأمد».
في المقابل، استغرب مسؤول سياسي مقرب من حكومة الدبيبة، من حديث باشاغا، مشيراً إلى أنه فور اختيار حكومته ومنحها الشرعية البرلمانية «سارع لعرض خدماته على الدول الغربية، وأبدى مساعدته للدول الغربية لتعويض نقص إمدادات النفط الروسي على خلفية الحرب على أوكرانيا»، مضيفاً أن باشاغا «انتظر الدعم الأوروبي لحكومته، لكنها لا تزال حتى الآن تراوح مكانها، دون تقديم جديد».
وتعد شركة «مليتة» واحدة من المؤسسات الليبية المهمة في قطاع الطاقة، حيث تضطلع بإدارة عدد من الحقول النفطية والمنصات البحرية، فضلاً عن إمداد البلاد بجزء كبير من الغاز الطبيعي، الذي يوجه إلى محطات توليد التيار الكهرباء.
ومع ذلك يشتكي شرق وجنوب ليبيا مع عدم وجود عدالة في توزيع موارد النفط، ولذلك يتهم سكانه الدبيبة بـ«الإغداق على التشكيلات المسلحة التي توفّر له الحماية الأمنية»، لكن الأخير يعد هذه الاتهامات «محض كذب»، ويقول إن الموازنة العامة يتم إنفاقها على جميع المدن والبلديات الليبية بـ«التساوي».
وعرض الدبيبة خلال لقاء جمعه بالمبعوث الأممي عبد الله باتيلي، منتصف الأسبوع، آليات حكومته «لضمان التوزيع العادل للموارد الوطنية، والإنفاق الحكومي، وإجراءات الشفافية والإفصاح المعتمدة». فيما قال باتيلي إنه أثار مع الدبيبة «قضية الاستياء المزداد في شتى أنحاء البلاد بشأن التوزيع غير المتكافئ لعائدات ليبيا من النفط والغاز، وأكدتُ على الحاجة الملحة إلى التزام الشفافية والمساءلة لمنع مزيد من الانقسام»، مشدداً «على ضرورة وجود آلية مستقلة، يقودها ويملك زمامها الليبيون للإشراف على نظام الإيرادات والإنفاق العام».