أثارت الهزات الأرضية المتكررة وآخرها التي حدثت في السويس، مخاوف المصريين، وسط تأكيدات رسمية بأن «هذه الهزات ليس لها علاقة بزلزال تركيا».
فلا يتوقف المصريون يوماً بعد الآخر عن التعبير عن الخوف من زلزال آتٍ، عبر ربط أحداث عادية، كانت تمر في السابق من دون أي اهتمام، بالزلزال المدمر الذي شهدته تركيا. فبعد أن امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بالتعليقات التي فسرت تغير لون البحر الأبيض المتوسط في محافظة الإسكندرية، وظهور ضوء أزرق في سمائه، ثم انحسار مياهه في مدينة العريش، بأنه نتيجة لزلزال تركيا. انتقلوا في الساعات الأولى من صباح أمس (الجمعة) إلى البحر الأحمر، وأعطوا الزلزال الذي كان مصدره شمال السويس، التفسير نفسه.
وقال شريف الهادي، رئيس قسم الزلزال بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لنا أي علاقة بزلزال تركيا، وزلزال السويس حدث عادي، يتكرر من حين إلى آخر، ولا داعي للخوف غير المبرر، الذي لا يوجد له تفسير سوى أنه حالة نفسية تسمى رهاب الزلازل».
و«رهاب الزلازل»، كما يعرفه علماء النفس، هو الخوف المفرط والمستمر الذي لا يمكن السيطرة عليه من الزلازل، والذي يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى إعاقة الشخص، والتأثير على أنشطته وقراراته، وحتى الطريقة التي يفكر بها ويدير بها حياته وحياة أسرته. وهذه الحالة النفسية أصابت المعاصرين لزلزال 1992، وهو أكبر كارثة طبيعية شهدتها مصر في تاريخها الحديث، وانتعشت مجدداً مع زلزال تركيا ومشاهده المروعة.
أضاف الهادي «منذ وقوع الزلزال نتلقى بشكل دوري على صفحتنا بموقع التواصل الاجتماعي أسئلة عن هزات أرضية لم تسجلها محطات الرصد، كما نرصد تعليقات غريبة عن تغيرات في لون البحر والسماء وانحسار المياه، وحدوث الزلزال في تركيا، على الرغم من تجاوز هذا الحدث بأيام عدة».
ومع أن الهزة الأرضية التي تم تسجيلها صباح الجمعة، رصدتها محطات الرصد، وشعر بها البعض، إلا أن رد الفعل المبالغ، هو الذي يدفع الهادي إلى وضعها أيضاً، ضمن تأثيرات ما يعرف بـ«رهاب الزلازل».
وأوضح الهادي، أن «منطقة خليج السويس وخليج العقبة من المناطق التي تكون مصدراً من حين إلى آخر لبعض الزلازل، والتي يكون أشدها في الغالب (5 درجات)، أي أنها متوسطة أو أقل من المتوسطة، كالزلزال الذي حدث في الساعات الأولى من صباح الجمعة (4.1 درجة)، وتحدث هذه الزلازل بسبب أن البحر الأحمر، الذي تكون قبل 40 مليون عام، بدأ قبل 5 ملايين سنة في تشكيل خليج السويس وخليج العقبة، وما زال النشاط التكتوني المصاحب لعملية تشكل الخليجين، يحدث من حين إلى آخر، محدثاً هزة أرضية عادة لا تكون خطيرة».
وإلى جانب تلك المنطقة، يوضح رئيس قسم الزلازل، أن محطات الرصد تسجل من حين إلى آخر هزات أرضية حدثت في منطقة شرق المتوسط، وهذا يعني أن مصدرها بعيد عن الأراضي المصرية، ويكون تأثيرها محدوداً. أضاف «95 في المائة من الزلازل يكون مصدرها مناطق معروف نشاطها الزلزالي، وهذه المناطق تأثيرها علينا محدود، أما الـ5 في المائة الباقية، فتحدث من مناطق غير معروف عنها هذا النشاط، مثل الزلزال الذي شهدته مصر قبل 31 عاماً، وكان مصدره منطقة دهشور بالجيزة».
ولم تحدث أي زلازل مصدرها تلك المنطقة منذ ذلك التاريخ، ومع ذلك لا تزال آثاره المدمرة تثير الرعب، رغم أن هذه الآثار في رأي زكريا هميمي، نائب رئيس الاتحاد الدولي لأخلاقيات علوم الأرض، التابع للاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية، تعود بشكل كبير إلى مخالفات البناء.
ويقول هيمي لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن هذا الزلزال كان مصدره منطقة قريبة من الكتلة السكانية (منطقة دهشور)، إلا أنه كان مدمراً بشكل غير عادي، بالنسبة لقوته (5.8 درجة على مقياس ريختر)، بسبب مخالفات البناء، التي أدت إلى انهيار مبانٍ، بعضها لم يمر على بنائها سوى سنوات معدودة».
ويرسل هميمي هو الآخر برسائل طمأنة تتعلق بزلزال الساعات الأولى من صباح الجمعة، قائلاً «أغلب الزلازل التي يكون مصدرها خليج السويس وخليج العقبة ليست خطيرة؛ لأن هذه المنطقة ليس بها تصادم بين الصفائح التكتونية؛ ولذلك فإن الطاقة التي تخرجها الزلازل ليست كبيرة، بحيث يكون لها تأثير ضار».