عادت أزمة «الفاتورة الإلكترونية» لتلاحق أطباء مصر من جديد، بعدما أصدرت مصلحة الضرائب المصرية بياناً رسمياً طالبت فيه بـ«اتخاذ إجراءات من شأنها إلزام الأطباء بالتعامل من خلال فواتير وإيصالات»، وهو ما أثار حفيظة نقابة الأطباء التي ردت لاحقاً واصفة الطلب بـ«غير المنصف».
وذكر بيان «الضرائب» أن «الأطباء وفقاً للإجراءات الجديدة سيتم إلزامهم بوضع لافتة بأسعار الكشف والاستشارة وأي خدمات يتم تقديمها داخل العيادات الطبية الخاصة». وقال مختار توفيق، رئيس مصلحة الضرائب بمصر، إن «الطبيب مُلزم بوضع قيمة الخدمات في إيصال يحق للمريض تسلمه». وأشار إلى أن «مخالفة هذه الإجراءات تعرض الطبيب لمعاقبة القانون».
هذا، وينظر القضاء المصري دعوى مُقامة من الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء في مصر، ضد وزير المالية ورئيس مصلحة الضرائب المصرية بصفتيهما، وذلك احتجاجاً على قرار وزير المالية بـ«إلزام الأطباء بالتسجيل في منظومة (الفاتورة الإلكترونية)».
من جانبها، أصدرت نقابة الأطباء بياناً أعلنت من خلاله التزامها القانوني بـ«تسديد مستحقات الضرائب الخاصة بالدولة المصرية»، غير أن البيان شدد على «احتجاج الأطباء على نظام المحاسبة». وبرر ذلك بأن «المحاسبة الضريبية تتم بحساب الحد الأقصى للإيرادات، بينما تتجاهل احتساب المصروفات والتكاليف وخصمها من الإيرادات»، حسب البيان.
كانت «الضرائب» قد أفادت بأن هذا القرار منبثق من الكتاب الدوري رقم 18 لسنة 2018 الصادر من الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص الطبية، الذي «يلزم الطبيب بتحديد سعر الكشف على نحو واضح»؛ غير أن بيان نقابة الأطباء المصرية استرشد في احتجاجه على الوثيقة عينها. وذكر أن «هذا الكتاب الدوري منح الأطباء الحرية التامة في تحديد أسعار الكشف كما يتراءى لهم ارتكازاً على مبدأ العرض والطلب».
من جانبه، يُعقب الدكتور خالد أمين، عضو مجلس نقابة الأطباء، عضو لجنة آداب المهنة، على قرار «الضرائب». ويقول إن «النموذج الذي تم طرحه من قبلها تجاهل كثيراً من المعايير المتعلقة بالمحاسبة (العادلة)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أول خطأ وقعت فيه (الضرائب)، هو تجاهل مصروفات العيادة أو المركز، والتعامل مع الدخل باعتباره مكاسب فحسب، من دون تكاليف أساسية»، حسب قوله. ويوضح أن «كثيراً من التخصصات الطبية تتطلب العمل بأجهزة باهظة التكاليف، على سبيل المثال، يحتاج طبيب أمراض النساء والتوليد جهاز موجات فوق صوتية (سونار)، وقد يضطر الطبيب إلى تحديثه، بينما لا يحتاج طبيب الأمراض الجلدية التكلفة عينها، ومن ثم المحاسبة لأي مشروع طبي تأتي وفقاً لحسابات دقيقة تأخذ في الاعتبار التخصص وتكاليفه». ويشير عضو مجلس نقابة الأطباء إلى اختراق آخر للقانون، حسب وصفه، وهو «تجاهل قانون الاستثمار الذي يوفر إعفاءات وتسهيلات للمشروعات الصغيرة». ويتساءل: «هل العيادة التي يعمل فيها طبيب ومساعد لا تخضع لكونها مشروعاً صغيراً؟»، وتابع: «هذا الاتجاه من شأنه الضغط على القطاع الطبي، ومن ثم عواقب على المنظومة الصحية ككل».
وحذرت نقابة الأطباء من استمرار الضغط بشأن نظام «المحاسبة الضريبية». وقالت إن «هذا من شأنه تعزيز رغبة الأطباء في الهجرة، ومن ثم تقليص دور القطاع الحكومي في المنظومة الطبية».