على وقع تصعيد الميليشيات الحوثية عسكريا عند خطوط التماس في أربع محافظات، بدأت جولة مفاوضات يمنية جديدة في جنيف (السبت) برعاية من الأمم المتحدة استكمالا للجولات السابقة الرامية إلى التوصل إلى اتفاق بين الحكومة الشرعية والميليشيات لإطلاق الأسرى والمحتجزين.
ومع وجود تفاؤل بأن تفضي النقاشات التي تستمر 11 يوما إلى اتفاق يقود إلى إطلاق المزيد من السجناء والمختطفين والأسرى من الجانبين، فإن المخاوف تنتاب الجانب الحكومي من فشل الجهود لجهة التعنت الحوثي المعهود في كل جولة مفاوضات.
وأوضح المبعوث الأممي لدى اليمن هانس غروندبرغ في بيان، السبت، أن الاجتماع السابع للجنة الإشرافية لتنفيذ اتفاق تبادل المحتجزين يبدأ في سويسرا؛ حيث يترأس اللجنة مكتب المبعوث بالمشاركة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعضوية أطراف النزاع في اليمن.
وتشكلت اللجنة في 2018 لدعم أطراف النزاع في الوفاء بالتزاماتهم طبقاً لاتفاق استوكهولم فيما يتعلق بـ«إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفياً والمخفيين قسرياً والموضوعين تحت الإقامة الجبرية لأسباب تتعلق بالنزاع في اليمن من دون أي استثناءات أو شروط».
وقال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ: «آمل أن تكون الأطراف على استعداد للانخراط في مناقشات جدية وصريحة للاتفاق على إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المحتجزين. مع اقتراب شهر رمضان، أحث الأطراف على الوفاء بما اتفقوا على الالتزام به تجاه بعضهم بعضا، وأيضاً تجاه الآلاف من الأسر اليمنية التي طال انتظارها لعودة ذويها».
وكان وفد الحكومة اليمنية توجه الجمعة الماضي إلى مدينة جنيف السويسرية، لحضور جلسة المفاوضات، وقال وكيل وزارة حقوق الإنسان عضو لجنة المفاوضات، ماجد فضائل، في تصريح رسمي «إن الوفد الحكومي الذي يضم 6 مفاوضين، سيخوض مفاوضات برعاية الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، لمدة 11 يوما، من أجل التوصل إلى تفاهمات بشأن تفاصيل الاتفاق السابق الموقع بين الجانبين».
وجدد فضائل، حرص الحكومة اليمنية على إطلاق جميع المختطفين والأسرى، وفق مبدأ «الكل مقابل الكل»، بما يكفل إنهاء معاناتهم ولم شملهم بأسرهم، وأشار إلى أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، أصدرا التوجيهات التي تقضي بضرورة العمل على تسهيل وإنجاح المفاوضات بما يؤدي إلى إطلاق جميع المختطفين والأسرى.
وأضاف: «كل يوم يتأخر فيه المختطفون داخل السجون يمثل ألماً كبيراً ليس لأسرهم فحسب، بل ولنا في الحكومة أيضا، إذ نستشعر معاناتهم وما يتعرضون له، وحريصون كل الحرص على الوصول إلى إطلاق كل المختطفين والأسرى بما يؤدي إلى تعزيز النيات وتحقيق السلام الدائم والشامل».
من جهته، كان وفد الميليشيات الحوثية غادر صنعاء، الخميس الماضي للمشاركة في جولة جديدة من المفاوضات على ملف الأسرى، ونقل إعلام الميليشيات عن رئيس لجنتهم المفاوض عبد القادر المرتضى المتهم بتعذيب السجناء الأسرى قوله إنه «يأمل أن تكون جولة المفاوضات في جنيف برعاية أممية حاسمة في الملف الإنساني». وتتهم منظمات يمنية حقوقية الميليشيات الحوثية بأنها اختطفت بالانقلاب واقتحام صنعاء نحو 20 ألف شخص من جميع الفئات اليمنية المعارضين والمناهضين لسلوكها الطائفي الانقلابي.
وأفضت الجولات السابقة من المفاوضات المرعية أمميا إلى إطلاق المئات من الطرفين، تمثلت أضخمها في إطلاق دفعة تجاوزت ألف محتجز، وسط آمال في أن تقود المفاوضات الجارية إلى تنفيذ اتفاق سابق بإطلاق نحو من 2200 شخص من الطرفين.
في السياق نفسه، جددت نقابة الصحافيين اليمنيين، مطالبتها بإطلاق سراح جميع الصحافيين المختطفين منذ سنوات وإنهاء معاناتهم، وقالت في بيان لها إنها «تتابع بقلق شديد الأوضاع المتدهورة للصحافيين المختطفين في سجون جماعة الحوثي بصنعاء».
ووصفت معاناة الصحافيين المختطفين لدى جماعة الحوثي التي تقارب بعض فصولها ثماني سنوات كحال الصحافيين الأربعة عبد الخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وحارث حميد، وأكرم الوليدي المحكوم عليهم جورا بالإعدام، بأنها «جريمة ممنهجة وعدوان مستمر بحق الحريات الصحافية وحرية الرأي والتعبير».
وطالبت في بيانها بأن «يعطى ملف الصحافيين المختطفين الأولوية والاهتمام، باعتبارهم مدنيين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والتعسف»، وحملت «المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مسؤولية استمرار معاناة الصحافيين المختطفين وأهاليهم». كما طالبت النقابة بـ«سرعة إطلاق سراح الصحافيين المعتقلين لدى جماعة الحوثي دون قيد أو شرط وإسقاط أحكام الإعدام الجائرة بحق الصحافيين الأربعة»، وأكدت موقفها الرافض لمساعي الجماعة «لإخضاع الصحافيين لصفقات تبادل الأسرى أو وضع قضيتهم محط المساومة والابتزاز».
هذه التطورات على صعيد ملف المحتجزين في اليمن، تزامنت مع تصعيد الحوثيين للهجمات في محافظات الضالع وتعز ومأرب والجوف، وفق ما ذكره الإعلام العسكري للجيش اليمني.
وقال موقع الجيش، إن القوات استهدفت تعزيزات للميليشيات الحوثية في أثناء قدومها من محافظة إب، في طريقها إلى الضالع، وكبدتها خسائر في العدد والعتاد.
إلى ذلك، صدت القوات المشتركة، الجمعة، هجوماً شنته ميليشيا الحوثي غرب تعز، في إطار تصعيد متواصل منذ أيام، وأفاد الإعلام العسكري للقوات المشتركة في بيان، بأن الوحدات المرابطة في خطوط التماس بمحور البرح «تصدت بكل بسالة» لهجوم الميليشيات.
إلى ذلك، أكد الإعلام العسكري اليمني قيام قوات الجيش بإحباط محاولة هجوم من ميليشيات الحوثي شمال محافظة الجوف، في جبهة «الأبتر» وتكبيدها «خسائر في الأرواح والعتاد».