يرى زعيم حركة التمرد السودانية المسلّحة، عبد الواحد محمد نور، الذي كان أحد قادة القتال الدامي في إقليم دارفور لعقود، أن الحرب الحالية الدائرة في السودان «لن ترى منتصراً».
وقال نور، المقيم حالياً في جنوب السودان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، «إن الشعب السوداني لا يريد أياً منهما (عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو)… بل يريد حكومة مدنية».
وتسود حالة من الفوضى العاصمة السودانية منذ أن اندلعت المعارك في 15 أبريل (نيسان) الماضي بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه دقلو الملقب «حميدتي».
ووصف نور، البالغ من العمر 55 عاماً، وعاش لسنوات في الماضي في باريس، ما يجري في السودان الآن بالـ«كارثة». وحوّلت المعارك الخرطوم إلى ميدان حرب. وقال نور إن دارفور «أكثر مكان تُمارَس فيه الإبادة الجماعية المستمرة والتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية».
كان نور زعيماً لـ«حركة تحرير السودان» المتمردة في دارفور منذ عام 2003 عندما بدأ النزاع بين أقليات أفريقية وقبائل عربية مدعومة من نظام الرئيس عمر البشير اتُهمت باحتكار السلطة السياسية والثروة.
ولجأ الرئيس السابق عمر البشير آنذاك إلى تشكيل ميليشيا «الجنجويد» بقيادة دقلو لمساندة الجيش، وقد تطوّرت لاحقاً لتصبح قوات الدعم السريع التي أنشئت رسمياً عام 2013.
أسفرت المعارك في دارفور عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة. ووجّهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى البشير وعدد من مساعديه، بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.
وعلى الرغم من تراجع حدّة النزاع في دارفور خلال الأعوام الأخيرة، فإن الأسلحة منتشرة في الإقليم، وكذلك العنف القبلي بسبب الصراع حول الأراضي والموارد.
وقال: «هذه الأجسام التي تتصارع كلها كانت في يد البشير الباطشة ليحمي بها السلطة… أشرف الجيش، والبرهان شخصياً، على تشكيل الجنجويد»، موضحاً أن حركته كانت تعارض القوتين وتكافح «القمع». وأضاف أن النزاع الحالي في السودان «هو صراع سياسي من الدرجة الأولي، لكنهم قاموا بعسكرته».
وأفادت الأمم المتحدة بأن الأعمال القتالية في ولاية غرب دارفور «أثارت أعمال عنف قبلية» سقط فيها العديد من القتلى، فيما انتشرت أعمال النهب وحرق الممتلكات.
في عام 2020، رفض نور مع جناحه العسكري التوقيع على اتفاق سلام تاريخي أبرمته الحكومة الانتقالية آنذاك، مع بعض حركات التمرد المسلحة في جوبا. لكنه أثار عنفاً في ولايات شرق السودان والنيل الأزرق بالجنوب حيث لم يكن مرضياً لجميع القبائل.
وفي هذا الصدد، قال نور إن حركته تعهدت بـ«وقف إطلاق نار أحادي الجانب منذ الإطاحة بالبشير والتزمت به» لمنح فرصة الوصول إلى حكم مدني.
وينتمي نور إلى قبيلة الفور العرقية، ويعتقد محللون أنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في الإقليم.
وجاء في تقرير صدر العام الماضي عن خبراء في الأمم المتحدة، أن الجناح العسكري التابع لنور من المجموعات المسلحة في دارفور التي «تتلقى أموالاً ودعماً لوجيستياً» مقابل إرسال مرتزقة للقتال في ليبيا التي مزقتها الحرب.
وقال خبراء أمميون في عام 2020، إن حركة نور عزّزت قدراتها العسكرية بعد اكتشاف الذهب في منطقتها، لكن نور ينفي كل ذلك.
وقال نور إن الصراع الحالي يعكس طموحات الجنرالين في السيطرة على حكم السودان، لكنه «يزيد من معاناة» الناس خصوصا في دارفور. وأضاف: «لا أعتقد أن الناس سيقبلون يوما بالحكم العسكري».