29 سنة مضت والمطلوب الأول في أحد أعنف المجازر في العالم، متوارٍ عن الأنظار، مختبئ في إحدى المزارع، حيث بدأ حياة جيدة بعيداً عن آلاف الضحايا الذين قضوا على يديه.
هذا ما حل مع فولغينس كايشيما، أحد أكثر المطلوبين في الإبادة الجماعية برواندا.
فولغينس كايشيما (رويترز)
فقد كان هذا كان الرجل المعروف باسم دوناتيان نيباسومبا، والذي ادعى أنه لاجئ بوروندي، يعمل كحارس أمن في مزرعة في بلدة خارج كيب تاون، مساء الأربعاء، عندما وجد نفسه فجأة محاطًا بعناصر من الشرطة مرتدين الدروع الواقية وحاملين البنادق.
فاقترب منه رجلان أجنبيان (كيفن هيوز وإيوان براون) وصلا برفقة الشرطة، وهما عضوان في فريق تعقب دولي يلاحق مجرمي الحرب، وبدآ في تلاوة حقوقه، لكنهما لم يدعواه نيباسومبا، بل ناداه باسم الحقيقي Fulgence Kayishema، اسم أحد أكثر المطلوبين في العالم، وهو ضابط شرطة رواندي سابق وجهت إليه تهمة تورطه في واحدة من أسوأ الجرائم على الإطلاق، ألا وهي الإبادة الجماعية التي استمرت 100 يوم في رواندا، حيث ذبح أكثر من 2000 من التوتسي الذين لجأوا إلى إحدى الكنائس في أبريل عام 1994 للاختباء من مهاجميهم الهوتو، فكان مصيرهم الموت.
فقد أضرم المهاجمون النار في الكنيسة بعد قتلهم، ثم أسقطوا الهيكل على رؤوسهم بواسطة جرافة.
عامل محبوب
إلا أن المجرم الفار والمصدوم أنكر في البداية، مؤكداً أنه دوناتيان، ذلك العامل البسيط والمحبوب في بلدة بارل بجنوب إفريقيا، لاسيما أنه أنقذ سابقا امرأة من سكان البلد من هجوم تعرضت له على يد بعض المجرمين، فاكتسب تعاطف الجميع.
كما نفى قدرته على التحدث باللغة الإنجليزية، لكنه عاد وتراجع عندما أشار هيوز وبراون إلى أنهما يمكنهما بسهولة إحضار شخص ما من المزرعة ليثبت أنه يتحدث الإنجليزيةوبطلاقة. فرضخ عندها للأمر الواقع.
صورة للمطلوبين في مجزرة رواندا (فرانس برس)
انتظرت طويلاً
إلا أنه أصر على أنه ليس كايشيما، ولم يقر بهويته الحقيقية إلا مساء في مركز شرطة كيب تاون. وقال للشرطة: "انتظرت فترة طويلة ليتم القبض علي"، وفق ما نقلت صحيفة الغارديان
وذكر أحد كبار المشاركين في اعتقاله: "أعتقد أنه أصيب بصدمة حدثت في ذلك اليوم وفي ذلك التوقيت والمكان.. فلم يكن يتصور أن أمرا كهذا قد يحصل".
وأضاف "لقد شعر بالذهول فقط لوجوده في هذا الموقف، في مكان عمله محاطاً فجأة بالشرطة".
يشار إلى أن الآلية الدولية لتصريف الأعمال المتبقية للمحكمة الجنائية التابعة للأمم المتحدة في مجزرة رواندا كانت أعلنت أمس الخميس أنه تم اعتقال فولغينس الأربعاء في بارل، وهي بلدة صغيرة على بعد حوالي 30 ميلا إلى الشرق من كيب تاون. وأضافت أنه ألقي القبض عليه في عملية مشتركة نفذها فريق تعقب الهاربين التابع للمحكمة وسلطات جنوب إفريقيا. كما أوضحت أنه يزعم قيامه بتدبير قتل أكثر من 2000 لاجئ من عرقية التوتسي – رجال ونساء وأطفال – في كنيسة كاثوليكية خلال فترة الإبادة الجماعية.
وقتل أكثر من 800 ألف شخص في الإبادة الجماعية في رواندا على مدار ثلاثة أشهر عام 1994 عندما تعدت جماعات من عرقية الهوتو على أقلية التوتسي وقاموا بقتلهم، كما قتلوا المعتدلين من الهوتو الذين حاولوا حمايتهم.
ثم في 2001، وجهت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا اتهامات لكايشيما بالإبادة الجماعية، والتواطؤ في الإبادة الجماعية، والتآمر لارتكاب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، لارتكابه أعمال قتل وجرائم أخرى.