بعد التفاوض مع قائد فاغنر يفغيني بريغوجين لإلغاء تمرده المنظم في روسيا خلال عطلة نهاية الأسبوع، بدأ رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو في خطف ثمار وساطته لتغيير صورته من تابع فقط للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فقد كشف خبراء في السياسة الإقليمية أن لوكاشينكو لا يملك الكثير من الوقت للاستفادة من وساطته التي منعت انفجار الوضع في روسيا، وإضافة ذلك لرأس ماله السياسي، وفقاً لصحيفة "ديلي بيست".
لوكاشينكو ينتهز الفرصة
وفي هذا الإطار، قال كينيث يالويتز، سفير الولايات المتحدة السابق في بيلاروسيا، إن لوكاشينكو لم يكن يجرؤ قبل عامين على قول أي شيء أمام بوتين مثل الذي قاله في الأيام الأخيرة عقب تمرد فاغنر.
كما أضاف أن "السبب الوحيد الذي جعله يفتح فمه هكذا الآن هو شعوره بأن بوتين ضعيف"، وهي فرصة له لتجديد أوراق اعتماده وتلميع صورته.
وبعد توسطه في صفقة بين بوتين وبريغوجين الذين يعرفه منذ أكثر من 20 عاماً، انتهز زعيم بيلاروسيا الفرصة في الأيام الأخيرة بتقديم سلسلة من الملاحظات وملوحاً بالفوز من عقده للصفقات.
ففي أحد خطاباته الأخيرة، صور نفسه كبطل خجول، لا يريد أي اهتمام إعلامي، طوال الوقت يلقي خطاباً حول مدى أهميته في الصفقة.
ومن إثارة مكالمته الهاتفية مع بريغوجين في خضم المفاوضات إلى الدعوة إلى وقف الاقتتال الداخلي في روسيا، وإلى تصوير بوتين كمفاوض غير راغب إلى حد ما، يتأكد لوكاشينكو من أن كل عمله الشاق لن يمر دون الاعتراف به.
ألكسندر لوكاشينكو (أ ب)
أجندة مستقلبية
إلى ذلك، أكد سفير الولايات المتحدة السابق في بيلاروسيا أن موقف لوكاشينكو المنتصر هذا الأسبوع بعيد كل البعد عن وضعه السياسي خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضاف أنه "ليس من الواضح حالياً ما تبدو عليه أجندة لوكاشينكو السياسية للمضي قدماً أو ما الذي قد يطلبه من بوتين في المستقبل، إن وجد. مع ذلك، هناك حد على الأرجح لاستعداد بوتين لتحمل انتصار لوكاشينكو".
وتابع قائلاً إن بوتين "سيشكر لوكاشينكو لكونه حليفاً مخلصاً … لكنه لن يحول لوكاشينكو إلى تهديد محتمل أو بديل له. مستحيل".
وليس من الواضح مدى المرونة التي منحها بوتين للوكاشينكو للتفاخر بالمفاوضات، وكيف سيؤثر موقف الرئيس البيلاروسي الجديد على ديناميكية قوة الزعيمين.
لكن من المحتمل ألا يستمر تسليط الضوء على لوكاشينكو طويلًا أيضاً، لأنه يعمل في النهاية بناءً على طلب بوتين.
وختم السفير السابق كلامه مشيراً إلى أن لوكاشينكو سيتلقى أوامر من الكرملين، مرجحاً أن يكون بوتين يفكر في الكيفية التي يريد بها تقييد بريغوجين أو تقييده أو إسكاته وأن لوكاشينكو سيكون مجرد مشارك راغب في ذلك.
ألكسندر لوكاشينكو (أ ب)
لاعب على المسرح العالمي
بدوره، أوضح مات ديميك، المدير السابق لروسيا وأوروبا الشرقية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أن أحد أهداف لوكاشينكو الرئيسية رفع مكانته كلاعب على المسرح العالمي.
كذلك أضاف أن الرئيس البيلاروسي سيحصل على أكبر قدر ممكن من المكافأة لأنه ليس لديه الكثير من الأوراق للعبها، مشيراً إلى أنه سينتهز أي فرصة يمكن أن يحصل عليها لإظهار بعض الجاذبية التي يتمتع بها رجال الدولة، أو إظهار أن لديه بعض القيمة الإضافية عندما يتعلق الأمر بقيمته للكرملين، فسيلعب ذلك قدر الإمكان.
بوتين ، لوكاشينكو (شترستوك – تعبيرية)
وقال ديميك: "لوكاشينكو مهتم فقط بالبقاء على قيد الحياة اليوم والشهر". وتابع "ليس لدى لوكاشينكو أي خطط لبناء علاقة مع بريغوجين… سيعمل لوكاشينكو كمراقب للسجن الكبير في الهواء الطلق في بيلاروسيا وسيتأكد من بقاء بريغوجين ضمن أي حدود يريدها الكرملين".
يذكر أن العلاقة بين بوتين ولوكاشينكو لطالما كانت معقدة حيث يعمل الزعيمان منذ سنوات على تعزيز العلاقات بين بيلاروسيا وروسيا، من القطاع المصرفي إلى الجيش.
وفي عام 2020، تدخل بوتين أيضاً لدعم لوكاشينكو على الرغم من الضجة الدولية بشأن انتخاباته "المزورة" في بيلاروسيا ومعاملته للمعارضين.