أثار إعلان الولايات المتحدة عن موافقة الرئيس جو بايدن توفير ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا، قلق منظمات حقوق الإنسان التي لطالما طالبت بحظر استخدام تلك الأسلحة بشكل قاطع، فما هي هذه الذخائر وما خطرها؟
هذه الذخائر العنقودية التي تسمى "القاتل الصامت" مثلت مشكلة ملحة طوال عقود، فهي أسلحة تتكون من حاوية تفتح في الهواء وتنثر أعدادا كبيرة من "القنابل الصغيرة" أو الذخائر الصغيرة المتفجرة، وذلك على مساحة واسعة، وفق تقرير موسع نشرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وعلى حسب الطراز، يمكن أن يتراوح عدد الذخائر الصغيرة من عدة عشرات إلى ما يربو على 600. ويمكن إلقاء الذخائر العنقودية عن طريق الطائرات أو المدفعية أو القذائف.
السقوط الحر
أما الجزء الأعظم من الذخائر الصغيرة فمعدٌّ للانفجار عند الاصطدام. ويتسم أغلبها بميزة السقوط الحر، بمعنى أنها لا توجه بصفة فردية نحو أي هدف ما.
والذخائر العنقودية استخدمت للمرة الأولى في الحرب العالمية الثانية، ونسبة كبيرة من الذخائر العنقودية المخزنة في الوقت الحالي صممت للاستخدام في الحرب الباردة. وتمثل المقصد الأساسي منها في تدمير الأهداف العسكرية المتعددة المنثورة على مساحة واسعة، مثل تشكيلات الدبابات أو المشاة، وفي قتل المحاربين أو إصابتهم.
لا تنفجر عند الاصطدام
أظهر التاريخ أن أعدادا كبيرة من الذخائر الصغيرة لا تنفجر عند الاصطدام حسبما هو مراد. وتتراوح التقديرات الجديرة بالثقة حول معدلات عدم انفجار هذه الأسلحة، في النزاعات التي وقعت مؤخراً، ما بين 10% إلى 40%.
حاوية ذخيرة عنقودية فارغة عالقة في الأرض بعد هجوم روسي على أوكرانيا في صورة من أرشيف رويترز.
خطر على المدنيين
في كثيرٍ من الأحيان، تنفجر الذخائر الصغيرة غير المنفجرة عند تناولها باليد أو تحريكها، مما يشكل خطراً بالغاً على المدنيين. ووجود هذه الأسلحة يشكل تهديداً للمدنيين النازحين العائدين إلى أوطانهم، ويعوق جهود الإغاثة وإعادة التعمير، ويجعل أنشطة الإعاشة الحيوية مثل الزراعة خطرة جدا لسنوات أو حتى عقود بعد انسدال الستار على النزاع.
ونظراً لأن الذخائر الصغيرة، في معظمها، ليست دقيقة التوجيه، يمكن لدقتها أن تتأثر بعوامل الطقس وغيرها من العوامل البيئية، ومن ثم قد تضرب مناطق خارج الموضع العسكري المستهدف.
وعندما تستخدم هذه الأسلحة في مناطق مأهولة بالسكان أو قريبة منها، يمكنها أن تشكل خطراً كبيراً على المدنيين إبان الهجوم وأيضاً في فترة ما بعد الضرب مباشرة عندما يستأنف الناس أنشطتهم الطبيعية.
من بقايا ذخائر عنقودية في درعا السورية – أرشيفية من رويترز
الدول المنتجة للذخائر العنقودية
هناك 34 بلداً أنتجت ما يربو على 210 أنواع مختلفـة من الذخيرة العنقودية. ومن بين هذه الأنواع المقذوفات والقنابل والصواريخ والقذائف وأجهزة النثر.
كما أن هناك ما لا يقل عن 87 بلداً تخزن حالياً ذخائر عنقودية أو فعلت هذا فيما مضى. وتبلغ المخزونات الحالية ملايين الذخائر العنقودية، مشتملة على مليارات من الذخائر الصغيرة الفردية.
من بين البلدان الـ87 التي تمتلك مخزونات من الذخائر العنقودية أو كانت تمتلكها، ثمة 16 بلداً استخدمتها بالفعل إبان نزاعات مسلحة.
حتى في حالة استخدام جزء من الذخائر العنقودية الموجودة في المخزونات الحالية أو نقله إلى بلدان أخرى أو جماعات مسلحة أخرى من غير الدول، يمكن للعواقب أن تفوق إلى حد بعيد تلك المترتبة على الألغام المضادة للأفراد في تسعينيات القرن العشرين.
دعوات بعدم استخدامها في روسيا وأوكرانيا
دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" كلا من روسيا وأوكرانيا إلى الكف عن استخدام الذخائر العنقودية، وحثت الولايات المتحدة على عدم توفيرها. وقالت المنظمة إن القوات الروسية والأوكرانية استخدمت تلك الذخائر التي قتلت مدنيين أوكرانيين.
ويحظر قانون صدر عام 2009 تصدير الولايات المتحدة الذخائر العنقودية التي تتجاوز معدلات فشل القنابل الصغيرة فيها الواحد بالمئة، وهو ما ينطبق تقريبا على كل مخزون الجيش الأميركي.
ولكن بوسع بايدن تجاوز الحظر كما فعل سلفه دونالد ترمب في يناير/كانون الثاني 2021 للسماح بتصدير تكنولوجيا الذخائر العنقودية إلى كوريا الجنوبية.
وتحث أوكرانيا أعضاء الكونغرس على الضغط على إدارة بايدن للموافقة على إرسال ذخائر عنقودية تعرف باسم الذخائر التقليدية المحسنة ثنائية الغرض.