سيؤدي فشل الحكومات عالميا في الحد من انبعاثات الكربون إلى ارتفاع تكاليف خدمة الديون لـ 59 دولة خلال العقد المقبل، وفقًا لدراسة تدرس التأثير الاقتصادي لتغير المناخ على التصنيفات الائتمانية السيادية الحالية.
ووجدت الدراسة، التي أجرتها جامعة إيست أنجليا (UEA) وجامعة كامبريدج والتي نشرت في مجلة "Management Science" اليوم الاثنين، أن من بين تلك الدول هي الصين والهند والولايات المتحدة وكندا، حيث من المتوقع ارتفاع التكاليف فيها مع انخفاض تصنيفاتها الائتمانية بمقدار درجتين في ظل نظام تصنيف يدعى "درجة الاعتدال المناخي".
في هذا الإطار، قالت الباحثة باتريشيا كلوساك لوكالة "رويترز": "الدراسة تدعم الفكرة بأن إرجاء الاستثمارات الخضراء سيزيد من تكاليف الاقتراض للدول، وهو ما سيترجم إلى ارتفاع تكاليف ديون الشركات."
ارتفاع تكاليف الديون سيكون مجرد وجه إضافي واحد للضرر الاقتصادي العام الذي قد يسببه تغير المناخ بالفعل. وتقدر شركة "Allianz" للتأمين أن موجات الحر الأخيرة ستقلل بالفعل 0.6% من الناتج العالمي هذا العام.
في حين تقر وكالات التصنيف بضعف الاقتصادات بسبب تغير المناخ، إلا أنها كانت حذرة حتى الآن في تحديد هذه المخاطر في عمليات التصنيف الخاصة بها بسبب عدم اليقين بشأن المدى المحتمل للضرر.
وقامت الدراسة بتزويد الذكاء الاصطناعي بالتصنيفات الحالية لوكالة التصنيف "S&P Global"، ثم جمعت ذلك مع النماذج الاقتصادية المناخية وتقييمات مخاطر الكوارث الطبيعية الخاصة بالوكالة لإنشاء تقييمات جديدة لسيناريوهات مناخية مختلفة.
وكشفت الدراسة عن احتمالية انخفاض التصنيف لـ 59 دولة بسبب سيناريو "المسار التمثيلي للتركيز" وهو توقع لكمية الغازات الدفيئة التي ستكون في الجو في المستقبل.
وعلى سبيل المقارنة ، شهدت 48 دولة انخفاضًا في التصنيف بين يناير 2020 وفبراير 2021 أثناء الاضطرابات الناجمة عن جائحة كوفيد-19.
وفي حال تمكنت الحكومات من الالتزام بمستهدف اتفاقية باريس للمناخ، مع نجاح إبقاء ارتفاع درجات الحرارة تحت درجتين مئوية، فلن تشهد التصنيفات الائتمانية السيادية أي تغيير على المدى القصير مع تأثيرات محدودة فقط على المدى الطويل.
ووجد النموذج أن السيناريو الأسوأ للانبعاثات المرتفعة حتى نهاية القرن سيؤدي من ناحية أخرى إلى ارتفاع تكاليف خدمة الديون العالمية، والتي قد تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، بحسب قيمة العملات الحالية.
وبينما يُنظر إلى الدول النامية ذات الدرجات الائتمانية المنخفضة بأنها الأكثر تضررًا من الآثار المادية لتغير المناخ، فمن المرجح أن تنخفض تصنيفات الدول ذات أعلى الدرجات الائتمانية بشكل كبير.
وتقول كلوساك، في هذا الإطار، في مقابلة: "لا يوجد أي فائز".
تأتي هذه النتائج في الوقت الذي يسعى فيه المنظمون في جميع أنحاء العالم إلى فهم مدى الضرر الذي قد يلحق بالاقتصادات والنظام المالي العالمي المتوقع من تغير المناخ. حث البنك المركزي الأوروبي العام الماضي على مزيد من الوضوح حول كيفية دمج هذه المخاطر في التصنيفات الائتمانية.
كما نشرت "S&P Global Ratings" المبادئ البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) المستخدمة في تصنيفاتها الائتمانية والتي تشمل الإشارة إلى مخاطر الضرر الاقتصادي الناجم عن تغير المناخ والتكاليف المرتبطة بتخفيفه.
بينما أشارت وكالة "فيتش" إلى نظامها الخاص بـ "درجات ملاءمة المبادئ البيئية والاجتماعية والحوكمة" مثل تضمين عوامل مثل التعرض للتأثيرات البيئية كأحد مكونات تقييماتها.
وبحسب "رويترز"، قالت الوكالة رداً على طلب للتعليق: "هذه عوامل تصنيف طويلة الأمد ومهمة بشكل متزايد والتي نواصل تقييمها في تحليلنا ونشر الأبحاث والتعليقات المتكررة عليها".