وقَّع المترشحون الخمسة لـ«رئاسية» الجزائر المقررة في 12 من الشهر المقبل، «ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية»، فيما تنطلق اليوم حملة الانتخابات في ظروف غير عادية يميزها انقسام حاد وسط الجزائريين، حول جدوى تنظيم الانتخابات، فيما يتوقع مراقبون تعرُّض المتنافسين الخمسة لمضايقات شديدة في أثناء محاولاتهم لقاء الناخبين في الميدان.
والتقى المترشحون الخمسة عبد المجيد تبون وعلي بن فليس وعبد القادر بن قرينة، وعبد العزيز بلعيد وعز الدين ميهوبي، أمس، في مقر «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» في العاصمة، وأمضوا على وثيقة تعهدات يتقيدون بموجبها بـ«عدم التلفظ بعبارات فيها شتم وقذف تجاه بعضهم، خلال الحملة الانتخابية»، التي تدوم 21 يوماً.
ويتضمن «الميثاق» تعهداً بـ«تفادي استعمال أي وسيلة إشهارية تجارية لأغراض الدعاية الانتخابية، أو الاستعمال المغرض لرموز الدولة». ويتناول أيضاً عدم استعمال لغات أخرى غير العربية، في أثناء التجمعات الشعبية المرتقبة والتدخلات في وسائل الإعلام. وأكدت الوثيقة «عدم نشر أي إعلان أو مادة إشهارية تتضمن عبارات أو صوراً تحرّض على الكراهية والتمييز والعنف، أو تدعو إلى فقدان الثقة في مؤسسات الدولة».
وتبدأ، اليوم، حملة سادس انتخابات رئاسية تعددية منذ الاستقلال، وسط مخاوف من انزلاقات، قياساً إلى حالة من الرفض الشعبي للانتخابات، واحتمال تعرض المترشحين لاعتداءات خلال نزولهم إلى الميدان. واضطر المرشح الإسلامي عبد القادر بن قرينة إلى مغادرة مدينة تندوف الصحراوية، الخميس الماضي، حينما حاول تنظيم تجمع في إطار الدعاية لبرنامجه. فقد تجمع عشرات المتظاهرين عند مدخل قاعة خصصتها السلطات المحلية له، للقاء أنصاره، وهاجموه ووصفوه بـ«مرشح العصابات». وقد جرى اللقاء في ظروف غير عادية، واختصره بن قرينة عائداً إلى العاصمة.
وعاش رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس نفس المشهد قبل أسبوعين، حينما منعه متظاهرون بالعاصمة من دخول مطعم، حيث كان سيلتقي أنصاره. وهوَّن المترشح من ذلك قائلاً إن «الشعب الجزائري منقسم بين مؤيد ومعارض للانتخابات»، داعياً إلى «احترام الذين اختاروا الإدلاء بأصواتهم».
وتعهد رئيس «السلطة» محمد شرفي، بـ«العمل بكل جدية من أجل ضمان اقتراع نظيف وديمقراطي، مع الحرص على المساواة بين المترشحين خلال العملية الانتخابية»، مشيراً إلى أن أعضاء هذه الهيئة، «مجندون لفرض احترام خيار الشعب». وأكد أن الإدارة العمومية (وزارة الداخلية) «لن يكون لها أي أثر في تنظيم الانتخابات، وهذا لأول مرة في تاريخ البلاد». يشار إلى أن «سلطة الانتخابات» استُحدثت بقانون، وعدّتها السلطات «أحد مطالب الحراك الشعبي».
من جهته، دعا الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، في خطاب بمناسبة احتفالات اندلاع حرب التحرير (1 نوفمبر «تشرين الثاني» 1954) إلى «جعل الانتخابات الرئاسية عرساً وطنياً، مع حرصنا على قطع الطريق عن كل من يضمر حقداً لأبناء وأحفاد شهداء نوفمبر». وحث على «التجند من أجل إنجاح هذه الانتخابات المصيرية، وستتصدى الدولة لكل المناورات التي يقوم بها بعض الجهات، وعلى الشعب أن يتحلى بالحيطة والحذر، وأبناؤه المخلصون مدعوون لأن يكونوا على أتمّ الاستعداد للتصدي لأصحاب النيات والتصرفات المعادية للوطن». وتقول المعارضة، التي تقاطع الانتخابات، إن السلطة «تبحث عن إطالة عمرها بهذه الانتخابات، وذلك بترشيح أشخاص تابعين لها».
وقال حسن رابحي، وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، إن السلطات «اتخذت كل الإجراءات اللازمة، لضمان سير الحملة الانتخابية في أحسن الظروف، وأملنا أن يتعاطى المترشحون مع المواطنين ومع كل الفاعلين في هذه الانتخابات، بكل مسؤولية والتزام وثقة». وأكد أنه «يتوقع مشاركة قوية للمواطنين في هذا الاستحقاق الرئاسي».
وتعهد قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، بعدم انحياز المؤسسة العسكرية لأي من المترشحين. ويشاع في الأوساط السياسية والإعلامية، أن رئيس الوزراء سابقاً عبد المجيد تبون هو مرشح السلطة. وقد رفض المعني أن يوصف كذلك، وقال: «أفضَّل أن أكون مرشح الشعب».
على صعيد آخر، أعلنت «اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الحراك»، عن اعتقال 60 متظاهراً، أمس، في وهران (450 كلم غرب العاصمة)، عندما حاولوا منع مظاهرة مؤيدة للانتخابات. وأوضحت أن 14 متظاهراً، جرى اعتقالهم في «حراك الجمعة 39» بمدينة الشلف (200 كلم غرب)، سيُعرضون اليوم على النيابة. وفي العاصمة ستجري غداً محاكمة 20 متظاهراً، يوجد بينهم من يُعرفون بـ«حاملي الراية الأمازيغية».