. أيها الموزعون في أوطانٍ غير أوطانكم ،بين ثنايا الهجر والتهجير والرحيل ، وإلي المتفرجين أمام الشاشات ؛ المسافرين في عناوين الصحف والمجلات والمتجولين بين موجات الإذاعات قد تتسائلون من نحن؟ ومن أي الأماكن نخاطبكم ؟ فإعذرونا أيها السادة إن كنا إقتحمنا مجالسكم بهمساتنا المكلومة وتسجيل شهادة أعمارنا المستقيلة،إعذرونا إن كانت كلماتنا مالحة وأجسادنا مالحة وتعابيرنا مالحة ،وأحلامنا مالحة ملوحة رغيفنا الهزيل في ليلنا الطويل ، إعذرونا أيها السادة إن كانت ذبذبات صوتنا تأتيكم ثم تغيب .لأننا نخاطبكم من باطن البحور المنقضة علي أحلام الفقراء ، نكلمكم من زوارق الموت والعذاب ، نحادثكم من المراكب التائهة والمتناثرة هنا وهناك ، بين أمواجٍ الغريق نخاطبكم من الجسور الخطيرة التي تمر فوقها آلاف الحياري المتعبين الحالمين بالعدالة وحرية العيش الكريم نخاطبكم من الغابات المرعبة التي تبتلع أنفاسنا عند التسلل والمرور ، نخاطبكم من كل المواقع والممرات المستحيلة .. أيها الناس مرة آخري تتساءلون من نحن ؟
نحن أولئك الذين تأتيكم أخبارنا كل مرة وكل حين نحن الغرقي الذين تصفعكم صورنا كما تلطم الملايين ،
نحن جيل الحرقة جيل الفارين من الأوطان ،
نحن الفارين من الهتاف والخطب الرنانة والكذب والنصب والإحتيال والوعود المشوهة ، وزعماءٍ لنا لم يكونوا أبداً زعماء
كنّا نحلم بمستقبل فأصبح الماضي أفضل منه ، بل أحالونا علي مستنقعات الإنتظار ، فظللنا نعانق الوعود ونجني السراب حتي لم تبقي لنا حلولٍ غير الفرار فكانت بدايات الضباب وكانت نبرات أصواتنا مهمشة وهمساتنا إليكم مبتورة كعبور لم يكتمل ،
ذلك لأننا نخاطبكم من بُطُون الحيتان لسنا كنبي الله يونس عليه السلام فيونس عاد من سفر المِحنة إليّ الأرض ، ونحن عدنا إليّ الله ليسألنا من المتسبب في تدميرنا في تهجيرنا في إنتزاع رغيفنا ، في قصف أعمارنا ، في ضياع زماننا ، في نهب ثروات بلادنا
نحن خرجنا من الأرض بل من الحياة لكي لا نعود إليّ الفقر والذل والحرمان فإنتهينا إليّ أمعاء الحيتان … لقد قالت لنا يوماً الحيتان أيها العابرون الغابرون الفقراء مالذي دفع بكم للإرتماء في بطوننا وأنتم في عمر الزهور مالذي جعلكم تتركون الأرض ومالذي دفعكم لترك أوطانكم والتعلق بالرحيل ومغادرة الأوطان أين الأناشيد الجميلة لقد تهاوت زوارق أحلامكم بين فوضي الكلام والخطب الرنانة والنسخ المعدلة من الإعلام ، لقد قالت لنا الحيتان
ياهؤلاء السواح السابحين في عمق الترحال ، ياشهداء أوطان تختزن ثروات السماء تمنعكم من عيش رغيد ياهؤلاء الفارين إلي المجهول والترحال والرحيل بشرٌ أنتم تشبهون
إعذرونا أيها السادة إن كان كلامنا هذا يقترب من مناطق الجنون فلم نجد خياراً إلا زوارق الموت والمجهول فقد إحترقت من ورائنا مراكب العودة إلي تلك الأوطان التي ماعاد يهمها أن تنتهي إليّ هذا المصير تلك هي حكايات مثيرة من شباب يتكلم بمرارة عن معاناة رحلة ألمت به ،
وربما رسالة عزاء واجبة إليّ الحكام المستنزفين لثروات الوطن وحاجات الشعوب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بقلم / منير حامد