حتى حين لم يكن هو المستهدف بالغارة الأميركية الأخيرة التي استهدفت في مطار بغداد قائد «فيلق القدس» الإيراني الجنرال قاسم سليماني، فإن أبو مهدي المهندس كان معه. ثنائي فريد من نوعه في العمل السياسي الذي بدأه كلاهما أواخر سبعينات القرن الماضي وفيما عرف فيما بعد بـ«خط المقاومة» الذي يستهدف الوجود الأميركي وإسرائيل في المنطقة، لا يكادان يفترقان مثلما يرى المقربون منهما.
المهندس، نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» والرجل القوي فيها أُدرج مع سليماني على القوائم الأميركية للعقوبات منذ سنوات ليست بالقليلة بالقياس إلى من أدرج من زعماء الفصائل وقادة «الحشد» مؤخراً، وآخرهم زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي وآخرين لم يكونوا بأهمية وخطورة المهندس بالنسبة للولايات المتحدة.
المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر آل إبراهيم، ولد في منتصف خمسينات القرن الماضي في البصرة ودخل عام 1973 الجامعة التكنولوجية قسم الهندسة المدنية وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة عام 1977. بعد الهندسة درس العلوم السياسية كما اتجه فيما بعد للدراسات الحوزوية على مدرسة المرجع الشيعي الأعلى الأسبق للطائفة الشيعية في العالم.
لم يختر جمال جعفر من الهندسة سوى اسمها بحيث أصبح يكنى بأبي مهدي المهندس، حيث اختار العمل السياسي في الخط المناهض لأميركا ونشط كثيراً في هذا الاتجاه منذ ثمانينات القرن الماضي، حيث ارتبط اسمه في عمليات عدة عدتها واشنطن إرهابية. بعد بروز اسمه في العمل السياسي بين العراق وإيران منذ الثمانيات من القرن الماضي وحتى مقتله مع قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني إلى الحد الذي غلبت الكنية على الاسم. انضم المهندس إلى حزب الدعوة الإسلامي وهو في الدراسة الثانوية، وبعد أحداث رجب عام 1979 تم اعتقال الكثير من الطلبة وأصبح المهندس أحد أهم المطلوبين، وبعد تسلم صدام حسين الحكم في العراق عام 1979 ومقتل المرجع والمفكر الشيعي آنذاك محمد باقر الصدر اضطر المهندس إلى الخروج من العراق عام 1980. ومع أن الولايات المتحدة صنفت المهندس بأنه إرهابي، لكنها لم تضعه في سياق خططها اغتياله. واتهمته الكويت بمحاولة اغتيال أميرها الشيخ جابر الأحمد الصباح في عام 1985 وحكم عليه بالإعدام، لكنه هرب إلى طهران.
عملية اغتيال المهندس جاءت بالصدفة؛ لأنه كان في استقبال صديقه وشريكه في العمل السياسي في مطار بغداد. كان المهندس عاش في إيران وأصبح عضواً في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ومارس عملة سياسياً في المجلس وعسكرياً في «فيلق بدر»، ومن ثم قائداً لـ«فيلق بدر» حتى أواخر التسعينات. وإبان سقوط حكم صدام حسين بشهر تخلى عن قيادته في «بدر» وفي المجلس الأعلى وعمل شخصاً مستقلاً، محافظاً على علاقاته مع الجميع.
وفي عام 2003 لعب المهندس دوراً مهماً في العملية السياسية، وكانت له أدوار عدة مهمة قادها بنفسه، منها تشكيل الائتلاف الوطني الموحد والائتلاف الوطني العراقي، ومن ثم التحالف الوطني الشيعي الحاكم حالياً.
وبعد تشكل «الحشد الشعبي» تم اختيار المهندس نائباً لقائد الهيئة ودأب على المشاركة الميدانية في المعارك.