لليوم الثالث على التوالي حرمت الميليشيات الحوثية نحو 8 ملايين يمني من استخدام خدمات الإنترنت المنزلي بشكل شبه كلي، تحت ذريعة انقطاع كابل بحري خارج اليمن.
وفي حين زعمت الجماعة التي تسيطر على الاتصالات اليمنية في صنعاء أن أكثر من 80 في المائة من سعات الإنترنت في اليمن خرجت عن الخدمة بسبب انقطاع الكابل البحري، شكك مختصون وناشطون في الرواية الحوثية، متهمين الجماعة بالفساد والتأخر عن سداد رسوم الشركة العالمية المزودة للخدمة، فضلا عن توجه الجماعة لوضع قيود جديدة على الاستخدام.
وذكرت الرواية الحوثية الرسمية أن «عدداً كبيراً من الوصلات التراسلية للإنترنت خرجت عن الخدمة بسبب تعرض الكابل البحري (فالكون) للانقطاع في السويس ما تسبب في خروج أكثر من 80 في المائة من سعات الإنترنت الدولية في اليمن». وزعمت الجماعة التي تسيطر على شركة «تيليمن» المزود المحلي بالإنترنت أن «هناك جهودا حثيثة لمتابعة إصلاح الكابل وعودة الخدمة في القريب العاجل».
واستبعد مختصون يمنيون في قطاع الاتصالات أن يكون قطع الكابل البحري هو السبب في انقطاع خدمة الإنترنت بشكل شبه كلي في البلاد، وأكدوا نقلا عن مصادر في صنعاء أن الجماعة لم تقم بسداد رسوم المزود الدولي وهو شركة «فالكون» مما اضطر الأخيرة إلى فصل الخدمة.
إلى ذلك، أفاد ناشطون آخرون بأن الميليشيات الحوثية قامت بقطع خدمات الإنترنت في اليمن من أجل تركيب أجهزة تنصت جديدة على المستخدمين وهي عملية تحتاج إلى بعض الوقت لإنجازها.
واتهم الناشطون اليمنيون الجماعة الحوثية بأنها تسعى لعزل اليمنيين عن العالم من خلال تدابيرها المتعاقبة الخاصة بخدمة الإنترنت سواء من حيث رفع الأسعار إلى أكثر من 130 في المائة أو لجهة تعمد إضعاف الخدمة.
ويؤكد الناشطون أن التوقف الأخير لخدمة الإنترنت لا علاقة له بقطع أي كابل بحري، إذ إن مثل هذا القطع كانت ستتأثر به دول أخرى في المنطقة ولن يكون التأثر محصورا في اليمن كما زعمت الجماعة الحوثية.
وكان قيادي حوثي بارز في حكومة الانقلاب في صنعاء أعلن عن توجه غير معلن للجماعة من أجل تقليص استخدام خدمات الإنترنت وهو ما أثار استياء واسعا في صفوف الناشطين والحقوقيين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاءت التصريحات الحوثية – حينها – في تسجيل مصور بثته وسائل إعلام الجماعة حيث ظهر فيه وزيرها للاتصالات وتقنية المعلومات القيادي مسفر النمير الذي ينتمي إلى صعدة وإلى جواره وزير إعلام الميليشيات ضيف الله الشامي.
وهاجم الوزير الحوثي في حكومة الانقلاب غير المعترف بها في تصريحاته مستخدمي الإنترنت في اليمن واتهمهم بأنهم يستهلكون أكثر من اللازم بخلاف المستخدمين في بقية دول العالم التي زعم أنه زار خمس دول منها ووجد السكان هناك يستخدمون الإنترنت فقط لرسائل الإيميل والرسائل النصية بحسب زعمه.
ورد الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي بحملات من السخرية اللاذعة تعقيبا على تصريحات الوزير الحوثي الذي أقدم مع بقية قيادات الجماعة المعينين في قطاع الاتصالات على تحجيم سرعة الإنترنت إلى الدرجة الأقل وزيادة الأسعار إلى الضعف.
واتهم الناشطون الوزير الحوثي بـ«الجهل» واعتبروا تصريحاته مقدمة من الجماعة للعمل على تقليص ساعات استخدام الإنترنت في البلاد وعزل اليمن عن العالم الخارجي وإعادته إلى القرون الوسطى، بحسب ما جاء في تغريدات عدد من الناشطين اليمنيين.
وكان مصدر خاص في المؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة للانقلابيين كشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن قيادات المؤسسة الموالين للانقلابين أقدموا وبصورة سرية ومخادعة على رفع التعرفة السعرية المتمثلة بـ«أسعار باقات الإنترنت» بنسبة 130 في المائة.
وقال المصدر إن قيام العصابة الحوثية المسيطرة على قطاع الاتصالات برفع أسعار باقات الإنترنت «الواي فاي»، جاء تحت مبررات واهية ومخادعة تمثلت في إعادة ترتيب وضع باقات الإنترنت بشكل عادل يرضي جميع المواطنين.
وبحسب تقديرات عاملين بقطاع الاتصالات بصنعاء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، فقد بلغت عوائد الميليشيات الحوثية من قطاع الاتصالات نحو 280 مليون دولار عام 2018، ما يساوي 162 ملياراً و400 مليون ريال، مسجلة زيادة على السنوات السابقة جراء إضافة الميليشيات ضرائب جديدة منها معلنة وأخرى سرية.
ويقول عاملون في قطاع الاتصالات إن هذا القطاع الحيوي تحول إلى مصدر لثراء القيادات الحوثية، بمن فيهم كبار القادة أمثال مهدي المشاط وعبد الكريم الحوثي وأحمد حامد ووزير الجماعة للاتصالات في حكومة الانقلاب غير المعترف بها مسفر النمير.
ويتهم العاملون الجماعة الحوثية بـ«سرقة أرصدة المشتركين» وتقديم أسوأ خدمة على مستوى العالم فيما يخص سرعة الإنترنت الذي بات – بحسب قولهم – شبه مجاني في معظم البلدان وبسرعات هائلة.
وأفاد العاملون في قطاع الاتصالات اليمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن تراجع الخدمات وترديها تفاقما مؤخرا بعد أن عينت الجماعة الحوثية أبرز قياداتها في مفاصل شركات «يمن موبايل» و«يمن نت» والمؤسسة العامة للاتصالات في سياق سياستها لـ«حوثنة» المؤسسات.