كشفت صورة جمعت زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع قادة بعض الفصائل الشيعية المسلحة، أمس، عن اجتماع عقد في قم بإيران بين الصدر وكل من زعيم ميليشيا «النجباء» أكرم الكعبي ومسؤول «كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي ورؤساء فصائل أخرى، قيل إنه خصص لـ«تنسيق الجهود المشتركة بين الفصائل بعد الاعتداء الأميركي ومقتل أبو مهدي المهندس وبعض القضايا المهمة المتعلقة بوجود الاحتلال الأميركي في العراق».
وفيما لم يصدر بيان تأكيد أو نفي من تيار الصدر أو الفصائل المسلحة حول الاجتماع وطبيعته، رجح مصدر قريب من تيار الصدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» وقوعه، وأنه «قد يتناول الدعوة لتشكيل (مقاومة دولية) سبق أن دعا إليها الصدر عقب مقتل سليماني والمهندس».
لكن المصدر يستبعد «انخراط الصدر في هذه المرحلة بحركة مقاومة مسلحة ضد الوجود الأميركي في البلاد، لكنه ربما يسعى إلى ضبط إيقاع الفصائل الشيعية المسلحة بعد الإرباك الذي تعرضت له عقب مقتل أبو مهدي المهندس، وبعد ذلك يتحرك على المستويين السياسي والبرلماني لإخراج الأميركيين من العراق». ويؤكد المصدر أن «الصدر وعدداً غير قليل من قادة الفصائل موجودون في مدينة قم الإيرانية منذ مشاركتهم في تشييع جنازة قائد فيلق القدس قاسم سليماني والمهندس».
من جهة أخرى، تؤكد مصادر كثيرة مقربة من قادة وزعماء الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران لـ«الشرق الأوسط»، أنهم يمرون بظروف غير مسبوقة من الخوف والحذر الشديد من إمكانية تعرضهم للمصير نفسه الذي تعرض له سليماني والمهندس (نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس) اللذان قتلا بغارة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع الشهر الحالي.
كما تؤكد المصادر أن قادة تلك الفصائل باتوا يتحركون بحذر شديد بسيارات عادية ودون طابور طويل من سيارات الحماية لخوفهم من الصواريخ الأميركية، كما أنهم يمتنعون عن استخدام هواتفهم الشخصية ويتوجسون خيفة من أقرب المقربين إليهم. وتشير المصادر إلى أنهم يقومون بعمليات «تمويه» كبيرة لتلافي احتمال رصدهم وتعقبهم من قبل الطيران الأميركي، كما أنهم لا يسمحون بمعرفة مقار وجودهم إلا لحلقة ضيقة من الموثوق بهم، وفي حال اضطروا لاستقبال بعض الضيوف، فإنهم يشترطون عليهم عدم جلب الهواتف النقالة وإدخالها لأماكن الاجتماع.
كذلك، تقول المصادر إن كبار قادة الفصائل يتوزعون هذه الأيام بين النجف ولبنان ومدينة قم الإيرانية، وهناك عناصر غير قليلة من الصفين الثاني والثالث في تلك الفصائل يقيمون في إيران لخشيتهم من الانتقام من قبل عوائل القتلى والجرحى في المظاهرات العراقية.
وعن طبيعة العلاقة بين قادة الفصائل في ظل الفراغ الذي تسبب به مقتل سليماني وأبو مهدي المهندس اللذين كانا يضبطان إيقاع حركة الفصائل بشكل عام، ترجح المصادر تعمق قضية الخلافات والنزاعات بين قادة الفصائل، نظراً للتنافس الشديد والقائم أساساً بين تلك الفصائل لأسباب كثيرة؛ منها مسألة التنافس على قضية القرب والبعد عن مصادر القرار في «الحرس الثوري» وطهران، إلى الخلافات والتنافس بينها حول المشاريع والاستثمارات والوزارات والمواقع الحكومية.
وكان رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي قال خلال كلمة له أمام البرلمان بعد مصرع المهندس: «للتاريخ؛ أقول إن المهندس لعب في مناسبات كثيرة دوراً إيجابياً في السيطرة على بعضها (الفصائل المسلحة) وعدم ارتكابها انتهاكات لا يقبلها القانون».
وفيما أفادت معلومات باتفاق على أن يتولى زعيم منظمة «بدر» هادي العامري، الذي اختير خلفاً للمهندس في منصب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، رئاسة الهيئة، استبعدت المصادر أن يكون العامري قادراً على ضبط إيقاع الفصائل المسلحة، نظراً إلى «افتقاره للكاريزما الشخصية التي كان يتمتع بها المهندس». وترى المصادر أن التهديدات للولايات المتحدة والتصريحات النارية التي يطلقها بعض قادة الفصائل تخفي وراءها خشية حقيقية من الاستهداف الأميركي المحتمل ضد بعضها، خصوصاً تلك التي أدرجت على لائحة الإرهاب الأميركية، مثل أمين عام عصائب «أهل الحق» قيس الخزعلي وشقيقه ليث الخزعلي، وأمين عام «كتائب الأمام علي» وسواهم، كما تخفي خشية من انتقام شعبي نتيجة الاتهامات التي طالته بعض تلك الفصائل في التورط بدماء المتظاهرين.