نقلت شخصيات سياسية جزائرية عن الرئيس عبد المجيد تبون عزمه حلّ «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع)، و«مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة قبل نهاية العام الحالي.
ويستجيب هذا التوجه، بحسب من التقوا الرئيس في إطار المشاورات التي يجريها مع الطبقة السياسية، لإرادة قطاع واسع من الطبقة السياسية، التي ترى بأن البرلمان «وليد انتخابات مزورة».
وكان تبون قد صرح خلال حملة «رئاسية» 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بأنه لم يستقر على رأي بشأن مصير البرلمان في حال انتخابه رئيساً. وطرح على تبون هذا الموضوع في سياق دعوات ملحة لحله، صدرت عن أحزاب معارضة ممثلة في البرلمان، تعتبر أن الانتخابات التشريعية، التي جرت عام 2017 «أفرزت أغلبية مزورة خيطت على مقاس نظام الحكم». في إشارة إلى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي.
وقال حزب «جيل جديد» في بيان، إن رئيسه سفيان جيلالي بحث مع تبون، خلال لقاء جمعهما بالرئاسة أول من أمس، «إمكانية إجراء انتخابات تشريعية قبل نهاية العام الحالي». في حين أكدت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس «يفكر جدياً في حل البرلمان لطي أهم صفحات الفساد والتزوير، التي ميزت الـ20 سنة الماضية».
يشار إلى أن تبون كان وزيراً للسكن في عهد بوتفليقة لسنوات طويلة. كما ترأس الحكومة لفترة قصيرة.
وبحسب المصادر نفسها، فإن ما يزيد السلطة الجديدة قناعة بأن البرلمان «لا يمكن أن يكون عاكساً للتوجه الجديد، المتمثل في بناء جزائر جديدة، وجود الكثير من قادة حزبي الأغلبية في السجن بتهم فساد». في إشارة إلى الأمينين العامين لـ«جبهة التحرير الوطني» سابقا، جمال ولد عباس ومحمد جميعي. إضافة إلى الأمين العام لـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، أحمد أويحيى الذي كان رئيساً للوزراء عندما ثار الشارع ضد بوتفليقة، وتمت إدانته الشهر الماضي بـ15 سنة سجناً. وقد تم رفع الحصانة البرلمانية عن نواب عدة من الحزبين بغرض متابعتهم في قضايا فساد، وتزوير مستندات واختلاس مال عام.
ومنذ بدء الولاية التشريعية، طالب «حزب العمال» اليساري، الذي يملك 20 نائباً، بحل غرفة التشريع الأولى، احتجاجاً على ما يعتبره «تزويراً مفضوحاً للانتخابات الماضية، كان الغرض منه منح أغلبية مريحة لبوتفليقة». وقد استقال نواب الحزب من «المجلس الشعبي الوطني» مع بداية الحراك الشعبي في 22 من فبراير (شباط) الماضي. كما استقال نواب من الحزبين المعارضين «جبهة القوى الاشتراكية»، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية».
أما «مجلس الأمة»، الذي يسميه الإعلام «دار المتقاعدين»، فإن حله كان مطروحاً منذ سنوات طويلة. وقد صرح بوتفليقة نفسه في بداية حكمه بأنه لا يريده لأنه «عديم الفائدة»، ويستهلك أموالاً كبيرة، الجزء الأكبر منها عبارة عن رواتب. ولا تملك هذه الغرفة صلاحية التشريع، وثلث أعضائها يعينهم الرئيس من ضمن الشخصيات الموالية له.
ويتوقع أن يسبق هذه الترتيبات إدخال تعديلات على الدستور لتعرض على الاستفتاء الشعبي. في حين يجري حديث عن تنظيم الاستفتاء قبل الخريف المقبل. وشكل تبون الأسبوع الماضي «لجنة خبراء» تتكون من 16 عضواً، كلفها بجمع مقترحات تخص الدستور من الأحزاب والتنظيمات الفاعلة، على أن تسلم باكورة أعمالها في أجل لا يتعدى شهرين، بحسب ما ذكرته الرئاسة.
في السياق نفسه، استقبل تبون أمس قائد «الولاية التاريخية الرابعة» (تقسيم إداري أحدثته ثورة التحرير) العقيد يوسف الخطيب، وذلك في إطار «سلسلة المشاورات حول الوضع العام في البلاد، ومراجعة الدستور»، حسب بيان للرئاسة، أكد بأنهما «تبادلا وجهات النظر حول أنجع السبل لمنع الانحراف عن بيان أول نوفمبر (تشرين الثاني)، حتى لا تصيبنا عوامل التفرقة والتشتت والضعف».
و«بيان أول نوفمبر»، هو وثيقة أعلن عنها قادة الثورة عشية اندلاعها في الأول من نوفمبر 1954، تحدد أسس الجمهورية الجزائرية، وتثير هذه القضية جدلاً آيديولوجياً مستمراً منذ الاستقلال عام 1961.
ونقل البيان عن الخطيب «اهتماماً خاصاً بكتابة التاريخ للمساهمة في الحفاظ على الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري. وقد قدم بعض الآراء والاقتراحات لضمان مستقبل أفضل للأجيال الصاعدة، في إطار الجمهورية الجديدة».