قرر المقدسيان: موسى بشير، وعمار نصار، من بلدة جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، هدم منزليهما بأياديهما، وذلك تجنباً للغرامات الباهظة التي ستفرضها بلدية الاحتلال عليهما إذا قامت هي بعملية الهدم.
وأعلن بشير ونصار أنهما مضطران لذلك، ليتجنبا أضراراً أخرى محتملة إذا ما قامت بلدية القدس بذلك، وفرضت دفع أموال باهظة مقابل عملية الهدم.
والمقدسيان ليسا أول من يضطر إلى هدم منزله بيده في القدس، بينما يدفع آخرون لبلدية القدس بدل هدم المنزل في معاناة مضاعفة. ولن يكون ذلك آخر هدم لمنازل الفلسطينيين الذين يعانون من صعوبة بالغة في استيفاء الإجراءات المعقدة التي تطلبها بلدية الاحتلال، مقابل منحهم رخص البناء، وهي إجراءات تحتاج إلى سنوات وتكلف عشرات آلاف الدولارات.
ووزعت بلدية الاحتلال، أمس، قرارات هدم على منشآت في بلدة العيسوية وجبل المكبر، بحجة البناء دون ترخيص.
وأوضحت لجنة المتابعة في العيسوية، أن طواقم بلدية الاحتلال اقتحمت العيسوية، وقامت بتوزيع وتعليق قرارات هدم صادرة من محكمة البلدية لأكثر من 5 منازل، وبعض الأوامر تدخل حيز التنفيذ بعد 20 يوماً.
وأضافت اللجنة أن القرارات استهدفت اليوم طوابق سكنية من بنايات، تحت ذريعة البناء دون ترخيص. وأوضحت اللجنة أن طواقم البلدية قامت بتصوير عدة منشآت سكنية من منازل وبنايات، واستهدفت الناشطين وأعضاء اللجان في البلدة.
وتنتهج إسرائيل سياسة الهدم في القدس منذ احتلال المدينة؛ لكن العام الماضي شهد زيادة في عدد المباني المهدمة.
وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، إن العام الماضي شهد ارتفاعاً غير مسبوق في عمليات هدم المنازل الفلسطينية في القدس المحتلة، وذلك مقارنة مع السنوات السابقة. وقال «بتسيلم» إن السلطات الإسرائيلية هدمت في القدس خلال العام الماضي ما مجموعه 265 مبنى، من بينها 169 وحدة سكنية، والبقية عبارة عن مبانٍ غير سكنية. وبحسب «بتسيلم»، فإن هذا الرقم غير مسبوق على الإطلاق؛ حيث اضطر 13 من أصحاب المنازل المهدمة لهدم منازلهم على نفقتهم الخاصة، والبقية بيد بلدية القدس الاحتلالية.
وذكرت المنظمة أن البناء غير المرخص هو الذريعة الوحيدة لهدم منازل المقدسيين، الذين يضطرون لهذا بفعل السياسة الإسرائيلية التي تمنع إعطاء رخص، فلا تبقي لهم خياراً سوى البناء غير المرخص، وذلك كجزء من السياسة الإسرائيلية الرامية لإحداث تغيير ديموغرافي كبير في القدس لصالح اليهود.
وبالمقارنة مع السنوات السابقة، فقد هدم الاحتلال في عام 2018، 59 وحدة سكنية، وفي عام 2017 جرى هدم 61 وحدة سكنية. وعلى صعيد عدد المباني المقدسية التي جرى هدمها منذ عام 2004، فقد تم هدم 978 وحدة سكنية، ما شرد 3177 مقدسياً عن منازلهم، 1704 منهم من القاصرين.
ويوثق مركز «بتسيلم» أن إسرائيل تبذل جهوداً كبيرة لمنع التطوير والبناء المخصص للسكان الفلسطينيين، مقابل البناء واسع النطاق، وتوظيف الأموال الطائلة في الأحياء المخصصة لليهود فقط، وفي كتل الاستيطان التي تشكل «القدس الكبرى».
وقال «بتسيلم» إن بلدية القدس تمتنع عن إعداد خرائط بناء مدينة تفصيلية للأحياء الفلسطينية، علماً بأنه فقط بوجود مثل هذه الخرائط يمكن إصدار تراخيص البناء. وهذا الوضع يُنشئ نقصاً حاداً في المباني السكنية والمباني العامة، كالمدارس والعيادات الصحية، ومرافق البنى التحتية، بما في ذلك الشوارع والأرصفة وشبكات المياه والمجارير… إلخ، وفي المراكز التجارية والترفيهية.
وأضاف: «إنه في غياب احتياطي الأراضي، يضطر السكان الفلسطينيون الذين ازدادوا بمعدل كبير منذ 1967، إلى العيش بكثافة خانقة في الأحياء القائمة. وهذا الواقع لا يُبقي للسكان الفلسطينيين خياراً سوى البناء دون ترخيص».