سلمت السلطات الليبية إلى تونس، أمس، 6 أطفال من أبناء مقاتلي تنظيم «داعش» الذين قتل آباؤهم في مدينة سرت عام 2016. وبهذا يكون قد أسدل الستار على قضية نددت بها المنظمات والجمعيات الحقوقية في البلدين؛ لأن الأطفال تركوا في ليبيا منذ السابع من ديسمبر (كانون الأول) 2016، بعد مقتل الآباء.
وقال الناطق باسم عملية «البنيان المرصوص» اللواء محمد الغصري لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نعمل منذ عام مع الجانب التونسي على تسليم هؤلاء الأطفال» الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 12 عاماً، مشيراً إلى أن وفداً وزارياً التقى مسؤولين ليبيين في مدينة مصراتة قبل أيام، لتسهيل إلحاق هؤلاء القُصّر بذويهم.
وقالت جمعية «الهلال الأحمر» الليبية أمس، إنها استقبلت وفداً من الحكومة التونسية وقنصليتها لدى ليبيا، لتسلم الأطفال الستة، ورأت أن هذا التسليم «هو تتويج لعمل إنساني استمر مدة تجاوزت الثلاث سنوات، داخل مركز إيواء الهلال الأحمر الليبي بمصراتة». وأضافت أن «هؤلاء الأطفال الأبرياء تلقوا خلال تلك المدة الحضانة والرعاية والخدمات بمختلف أنواعها؛ حيث كان الهدف الأساسي خلال رعايتهم هو عودتهم إلى ذويهم، والعيش بين أحضان أسرهم».
وسبق لجمعية «الهلال الأحمر» الليبية القول إنها تواصلت خلال السنوات الماضية مع الجانب التونسي لتسلم الأطفال، وفي يناير (كانون الثاني) العام الماضي، أرسلت تونس فريقاً من الشرطة الفنية إلى مصراتة لجلب عينات من حمض نووي لهؤلاء الأطفال، للتأكد من هويتهم قبل استرجاعهم.
وتشير جمعية «إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج» إلى وجود 37 طفلاً في ليبيا، بينهم الأطفال الستة، يتوزعون ما بين طرابلس ومصراتة. وهؤلاء عمل آباؤهم في صفوف تنظيم «داعش» قبل قتلهم في عملية «تحرير» سرت ودرنة من «الجماعات الإرهابية». وكان قد سبق للسلطات التونسية تسلم الطفلين محمد ويقين، وقبلهما عاد الطفل تميم الجندوبي، بعد مقتل والده بغارة أميركية على فلول التنظيم بمدينة صبراتة.
وكان فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً، قد أعلن في ديسمبر 2016 «تحرير» مدينة سرت من تنظيم «داعش»، وقال حينها إن «معركة سرت انتهت، ولكن المعركة على الإرهاب لم تنتهِ».
ومع مطلع يناير الجاري، تمكن «الجيش الوطني» من السيطرة على سرت التي كانت خاضعة لـ«الوفاق»، في إطار الحرب الدائرة بينهما منذ الرابع من أبريل (نيسان) 2019.
ورغم إسدال الستار على قضية الأطفال، تظل هناك أزمة وجود 700 جثة لعناصر من التنظيم أيضاً، تم وضعها في ثلاجات الموتى بمدينة مصراتة «بعد رفض بلدانها تسلمها». وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد عبد الحكيم حمزة، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس: «للأسف لا تزال 700 جثة في ثلاجات الموتى بمصراتة، بعد تملص دولها من تسلمها». وأرجع حمزة ذلك: «ربما إلى عدم توفر تفاهمات للتعاون بين وزارة الداخلية الليبية والمسؤولين في تلك الدول». ودعا حمزة الدول التي كان لها مقاتلون في صفوف «داعش» وقتلوا في ليبيا إلى «أن يضطلعوا بمسؤولياتهم، ويتسلموا جثامين رعاياهم فوراً».