خرج الآلاف من السودانيين في الخرطوم وعواصم الولايات في مسيرات حاشدة، للمطالبة بإكمال مؤسسات السلطة المدنية، المتمثلة في تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي وحكام الولايات. وأكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك على ضرورة وحدة جميع قوى الثورة للعبور بالبلاد إلى بر الأمان. وقال حمدوك، على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك»: «تسلمت مذكرة (تجمع المهنيين السودانيين)، المتعلقة باستكمال هياكل السلطة الانتقالية، وأؤمّن على المطالب التي تضمنتها»، مشيداً بدور (تجمع المهنيين) وقطاعات الشعب السوداني كافة التي شاركت في الثورة.
في الأثناء، دعا «تجمع المهنيين السودانيين» الحكومة الانتقالية إلى تحديد سقف زمني على نحو عاجل، باعتبار المطلبين استحقاقات واجبة، نصت عليها الوثيقة الدستورية.
واحتشد الآلاف أمام مقر مجلس الوزراء بالعاصمة الخرطوم تلبية لدعوة «المهنيين» لممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة للاستجابة لمطالبهم في إكمال ما تبقى من مؤسسات الحكم المدني في البلاد.
المحتشدون حملوا لافتات تدعو مجلسي السيادة والوزراء إلى الالتزام بتحقيق أهداف الثورة السودانية كاملة، واختلطت هتافات المطالبات بأخرى تنادي «بالقصاص للشهداء»، وثالثة تنتقد المحاصصات الحزبية في السلطة الانتقالية.
وبدت الجموع أقل بكثير من المسيرات السابقة التي كانت تجد استجابة كبيرة من المواطنين. ويرجع مراقبون ذلك إلى تباين وجهات النظر وسط لجان المقاومة لقوى التغيير في الأحياء.
ودعا كثير من لجان المقاومة في الخرطوم عبر بيانات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي «قوى إعلان الحرية والتغيير» إلى إعمال مبدأ الشفافية والالتزام بمعايير الكفاءة في تعيين الولاة وتشكيل المجلس التشريعي.
وقال القيادي بـ«تجمع المهنيين» إسماعيل التاج إن الضرورة تستدعي البت العاجل في تعيين ولاة مدنيين للولايات وتكوين حكوماتها، إذ تمثل إرادة مواطني الولايات أن يتم اختيار الولاة وفق معايير الكفاءة والقدرة المتفق عليها.
وأضاف التاج الذي تلا مذكرة المطالب أمام الحشود الجماهيرية التي سدت الشارع الرئيس أمام بوابة المجلس، أن «عناصر النظام البائد ما تزال تسيطر على مقاليد السلطة بالولايات، وتعمل على خلق الأزمات المعيشية، وتتعمد تعطيل دولاب الدولة عن تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين بالولايات»، مشيراً إلى أن «هذه المجموعات تقف وراء إثارة النعرات القبلية والجهوية والتفلتات الأمنية التي شهدتها بعض مدن البلاد». ودعا التاج إلى التعجيل بتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، والالتزام باستصحاب نتائج مفاوضات السلام الجارية الآن بين الحكومة والحركات المسلحة بدولة جنوب السودان، وقال: «على السلطة التنفيذية وقوى إعلان الحرية والتغيير الدفع بخطوات تكوين المجلس التشريعي، لأن غيابه ينعكس سلباً على قدرة الحكومة، ويحرمها من دوره في الرقابة وتحسين الأداء»، مضيفاً أن «غياب المجلس التشريعي يزيد الأعباء على مجلسي السيادة والوزراء».
وأعطت الوثيقة الدستورية مجلسي السيادة والوزراء القيام بمهام التشريع إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.
وفي منحى آخر، دعا التاج إلى تصفية الاقتصاد الموازي الذي أقامه النظام السابق، ولم يستثنِ الشركات التي تعمل تحت إمرة القوات النظامية والتي تتبع الخدمة المدنية.
وطالبت المذكرة رئيس الوزراء السوداني باتخاذ الإجراءات الضرورية ليكون البنك المركزي والهيئة القومية للاتصالات تحت إشراف مباشر من مجلس الوزراء، وبمكاشفة الشعب بأي عراقيل أو تعقيدات تضعها أي جهة للحيلولة دون تنفيذ تلك المطالب.
وقال التاج إن «هناك حاجة ماسة لتغيير الإدارة والسياسات في هاتين المؤسستين لتصفية الجهاز المصرفي وتنقيحه من أعوان النظام المعزول»، مشدداً على ضرورة أن تجد المطالب التي حوتها المذكرة استجابة عاجلة من الحكومة الانتقالية، باعتبارها استحقاقات واجبة وضرورية لنجاح الفترة الانتقالية.
وكان المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ، أكد الاتفاق على جميع مرشحي ولاة الولايات، وأن ما تبقى مسائل إجرائية متعلقة بالطعون في الأسماء المرشحة قبيل الإعلان عنها رسمياً في الأيام المقبلة.
وتطالب الحركات المسلحة التي تتفاوض مع الحكومة الانتقالية بتأجيل تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة، إلى ما بعد التوقيع على اتفاق السلام النهائي، بما يضمن مشاركتها في كل مؤسسات السلطة الانتقالية.
وأبدت قوى إعلان الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، عدم موافقتها على المفاوضات الجارية الآن والاتفاقيات الموقعة بين الحكومة والمجموعات في مسارات الشمال والوسط ومع الحركة الشعبية، بقيادة مالك عقار.
وأعلنت القوى أنها بصدد إجراء اتصالات موسعة بقادة الحركات المسلحة، وعلى وجه الخصوص الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد أحمد النور، لتقويم مسار المفاوضات والخروج برؤية موحدة تجاه قضية السلام.
ونصت الوثيقة الدستورية الموقعة بين «قوى التغيير» والمجلس العسكري المنحل، في 18 أغسطس (آب) الماضي على تكوين مجلس تشريعي انتقالي من 300 عضو، على أن يتم تشكيله في غضون 3 أشهر من التوقيع على الوثيقة.