أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية اليوم عن إلقاء القبض على انتحاري «كان يخطط لتفجير نفسه بحزام ناسف وسط الحراك الشعبي بوسط البلاد». وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر يتعلق بمسلح التحق منذ سنوات قليلة بالجماعات المتطرفة.
وذكرت وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني أن الإرهابي المبحوث عنه، يسمى ر. بشير، وقد اعتقل أمس الأربعاء بمنطقة بئر توتة، بالضاحية الجنوبية للعاصمة. مؤكدة أن «الإرهابي كان مرشحا لتنفيذ عملية انتحارية إرهابية، تستهدف المسيرات السلمية بوسط العاصمة، باستعمال حزام ناسف».
ولم تقدم السلطات العسكرية تفاصيل عن «الانتحاري»، ولا عن الظروف التي جرى فيها اعتقاله. كما لم تذكر شيئا عن الجماعة المسلحة التي ينتمي إليها. لكن من المعروف أن الجزائر شهدت بين 2007 و2008 سلسلة عمليات انتحارية بالحزام الناسف وبالسيارات المتفجرة، وثبت يومها من خلال عدد من بيانات تبني هذه العمليات، أنهم كانوا ينشطون ضمن صفوف «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، التي خرجت من عباءة «الجماعة السلفية للدعوة والقتال».
وأفاد المصدر الأمني، الذي تحدثت معه «الشرق الأوسط» حول القضية، أن «بشير» كان في صفوف تنظيم مسلح ينشط باستقلال عن بقية التنظيمات الإرهابية، التي تتحرك على مشارف العاصمة. موضحا أن الإرهابي أفلت من قبضة الجيش في وقت سابق، عندما نصب له كمينا بعيدا عن العاصمة، وأن جهاز الاستخبارات العسكري ظل يتعقب أثره منذ أكثر من سنة، ورصد نشاطا له منذ أسابيع بمنطقة بئر توتة، حيث كان يقيم في بيت أجّره.
وتلقى ناشطون بالحراك الشعبي المعارض للنظام بحذر شديد الخبر، الذي نشرته وزارة الدفاع. وجاء في كتابات بعضهم بمواقع التواصل الاجتماعي أن «السلطة تريد على الأرجح بث الذعر في نفوس المتظاهرين، بهدف ثنيهم عن الخروج إلى الشارع يومي الثلاثاء (مظاهرات طلاب الجامعات) والجمعة».
وكانت قوات الأمن قد أعلنت منذ شهر عن اعتقال ناشط بالحراك، واتهمته بـ«بيع معلومات هامة لجهات أجنبية معروفة بعدائها للجزائر». وقالت إن الشخص شاب على صلة بعلي بن فليس، رئيس وزراء سابق ومرشح لانتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. غير أن ذلك لم يؤثر على وهج الحراك، وتشكل انطباع بأن السلطة تبحث عن أي ذريعة لوقف المظاهرات، التي باتت صداعا بالنسبة للمسؤولين في البلاد.
وأعلنت مديرية الشرطة بالعاصمة نهاية العام الماضي عن اعتقال متظاهر، بشبهة الانتماء إلى التنظيم الانفصالي «حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل».
وأذاعت وسائل إعلام محلية الخبر بشكل مكثف بإيعاز من السلطات، لكن من دون تقديم ما يفيد بأنه على علاقة بالتنظيم، الذي يقول قادته إنهم «ليسوا جزائريين»، وإنهم «يناضلون من أجل استقلال شعب القبائل (الأمازيغي) عن الجزائر».
وقالت السلطة وقتها إن التنظيم وقادته يلقون الدعم من فرنسا على أساس أن زعيمه فرحات مهني مقيم بباريس، ونشاطاته السياسية تنطلق من فرنسا. وقد ثارت ثائرة السلطات الجزائرية عندما زار مهني إسرائيل قبل سنوات، والتقى كبار مسؤوليها.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، قالت الشرطة بعد أيام قليلة من استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وتحت ضغط الحراك، إن 18 أجنبياً تم اعتقالهم في تلك الفترة «جاءوا إلى الجزائر خصيصاً لإذكاء التوترات، ودفع الشباب للجوء إلى أنماط متطرفة في التعبير، قصد استغلال صورهم عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي». كما قالت أيضاً إنها ضبطت بحوزة بعضهم تجهيزات حساسة (لم تحددها)، وإن البعض الآخر «كان يحمل عقاقير مهلوسة بكميات مهمة، وكانوا ينشطون في إطار شبكات وضمن نقاط محددة». لكن من دون ذكر أي شيء عن هويتهم.
وبخصوص القضية نفسها، أكدت الشرطة أنها اعتقلت «عناصر مجموعة إرهابية مدججين بالأسلحة والذخيرة، كانوا يخططون لتنفيذ أعمال إجرامية ضد المواطنين، مستغلين الكثافة البشرية الناجمة عن التعبئة». وكانت تشير إلى الزخم الشعبي في العاصمة وبقية الولايات. ولم تذكر أيضاً تفاصيل عن هذه المجموعة.
واللافت أن فكرة «التآمر الأجنبي»، وأن هناك «أيادي في الداخل تنفذ مخططات تم إعدادها في الخارج»، خطاب يلجأ إليه النظام في الجزائر عندما يكون في ورطة، بحسب مراقبين، وفي الغالب لا تثبت الاتهامات، ولا يسمي الجهات التي يتهمها. وقد جرى التخويف من «المؤامرة الداخلية والخارجية» بشكل كبير أثناء الحراك، لرفض مطلب التغيير الشامل في نمط تسيير البلاد.