طالب مسؤول بارز لدى «الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» الأمم المتحدة ومجلس الأمن بإيجاد آلية إنسانية لإعادة نازحي مدن وبلدات شمال شرقي سوريا، ونشر قوات أممية مستقلة تضمن سلامة وعودة الفارين من العمليات العسكرية التركية. واستبعد المسؤول نجاح تركيا و«الائتلاف السوري» المعارض و«المجلس الوطني الكردي» بلعب دور الضامن لتسهيل عودة المدنيين. كما دعا لدخول لجان حقوقية وجهات حيادية لتوثيق الانتهاكات التي طالت السكان الأصليين وممتلكاتهم قبل الدعوة لإعادتهم.
وكشف نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، جيا كُرد بدران، لـ«الشرق الأوسط» أن مهجري مدينة عفرين يصل عددهم إلى ما يربو على نحو 400 ألف كردي «نصفهم يقطنون في مخيمات الشهباء بحلب، على بعد كيلومترات من مسقط رأسهم». كما نزح قرابة 300 ألف من مدينتي رأس العين بالحسكة وتل أبيض بالرقة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وأضاف: «قصدوا المناطق المجاورة الخاضعة لسيطرة قوات (قسد)، أو يعيشون في مخيمات النزوح، هؤلاء يعتبرون تركيا وفصائل الائتلاف المسلحة أصل المشكلة، فكيف تلعب هذه الجهات دور الضامن لعودتهم».
ونفذت تركيا وفصائل سورية موالية 3 عمليات عسكرية، وانتزعت مدينة عفرين (شمال حلب) من قبضة «وحدات حماية الشعب» الكردية في مارس (آذار) 2018 ضمن عملية «غصن الزيتون»، وشنت هجوماً واسعاً (نبع السلام) في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، سيطرت بموجبها على مدينتي رأس العين وتل أبيض، وشريط حدودي يبلغ طوله نحو 120 كيلومتراً محاذٍ لتركيا.
واتهم جيا كُرد تركيا وفصائلها الموالية بتغير تركيبة سكان المنطقة، وقال: «تتعمد إسكان مهجرين من مناطق سورية ثانية في منازل وممتلكات أهالي عفرين وتل أبيض وسري كانيه، بهدف تغيير ديمغرافيتها وعزلها عن عمقها السوري». وباتت هذه المناطق جزراً معزولة عن سوريا، بحسب المسؤول في الإدارة الذاتية الذي لفت قائلاً: «تحكمها فصائل متشددة مرتبطة بـ(النصرة) و(القاعدة)، وعناصر كانت في تنظيم داعش. وبحسب تقارير إعلامية، باتت هذه المدن نقطة رئيسية لتجنيد المقاتلين، والالتحاق بالقوات السورية المشاركة في حرب ليبيا».
وأشار بدران كُرد إلى أن أنقرة تطالب موسكو ودمشق بوقف الهجمات العسكرية على مدينة إدلب (غرب سوريا)، لكنها «تسمح بشن معارك من قبل فصائلها في بلدة تل تمر ذات الغالبية الأشورية المسيحية، وبريف تل أبيض العربية، لإنهاء الوجود القومي والتنوع الإثني لمكونات شمال وشرق سوريا».
هذا، وعلق بدران كُرد على الاتفاقية التي أعلنت بين «المجلس الوطني الكردي» و«الائتلاف الوطني السوري» المعارض، عن تشكيل «هيئة عليا» و3 لجان فرعية مشتركة لـلحد من الانتهاكات والتواصل مع النازحين في مدن وبلدات عفرين ورأس العين وتل أبيض، ومراقبة وضمان عودة سكانها، ومنع المضايقات وحالات الاعتقال أو الخطف التعسفي، بالقول: «تركيا والائتلاف غير قادرين على لعب دور الضامن، ورعاية أي اتفاق لعودة النازحين، لأنها أصل المشكلة؛ لقد شاركوا في العمليات العسكرية، ويقومون بالاعتقال والخطف، وترتكب الجرائم هناك بشكل ممنهج». وعن دور المجلس الكردي ومساعيه، أضاف: «هو شريك سياسي للائتلاف، والأخير جزء من المشكلة، لذا لا يستطيع المجلس لعب مثل هذا الدور».
وطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن ودول التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بإيجاد آلية إنسانية واضحة، ولعب دور بإعادة النازحين، ودعا بدران جيا كُرد تركيا والائتلاف السوري والمجلس الكردي السماح للجان حقوقية مستقلة وجهات دولية إنسانية بـ«توثيق الانتهاكات التي طالت المدنيين وممتلكاتهم قبل الدعوة لإعادتهم، ووضع حد لهذه الجرائم، والضغط على تركيا لسحب جميع الفصائل الموالية لها، وترك إدارة وحكم هذه المناطق لأبنائها».