قبل أن تهدأ العاصفة التي أثارها الفيديو الذي يظهر عناصر من قوات النظام ينبشون القبور في بلدة خان السبل على طريق دمشق – حلب الدولي، تناقلت صفحات موالين للنظام، يوم أمس الأحد، مقطع فيديو آخر يظهر فيه عنصر من قوات النظام بالزي العسكري يعبث بجمجمة، ويسألها بسخرية: «صارحني، قلي، أنت من اللي آذوني شي عمي؟»، فيضحك ورفاقه من حوله.
وذلك بعد يوم من فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر فيه عناصر من قوات النظام السوري يحطمون شواهد القبور في مقبرة بلدة خان السبل بريف إدلب الجنوبي. ويسخرون منتشين من الأموات، كما ظهر في الفيديو عسكري ملقب بالأصلع سبق وتوعد بالانتقام من الأموات والأحياء ونبش القبور.
وقالت مصادر في المعارضة بأن معظم العناصر الذين ظهروا في الفيديو الأول، هم من بلدة خان السبل، وعادوا للانتقام من المعارضة. ومع أن هذه ليست المرة الأولى التي تنبش فيها المقابر وتحطم شواهد القبور، فقد اعتادت قوات النظام لدى اجتياحها لأي منطقة بعد السيطرة عليها، القيام بتخريب مقابر قتلى المعارضة وحصل ذلك في القصير حمص وفي حمص وفي مخيم اليرموك وفي داريا بدمشق وفي حلب ودير الزور، كما أن تنظيمي داعش والنصرة وغيرهم من التنظيمات المتشددة، قاموا بانتهاكات مماثلة لا سيما نبش أضرحة الأولياء والشخصيات التي تحظى باحترام وتقديس من العامة، إلا أنها المرة الأولى التي يتم فيها بث فيديو يوثق نبش القبور وانتهاك حرمة الموتى من قبل عناصر قوات النظام. علما بأن القانون السوري يجرم نبش القبور دون سبب قانوني، حيث تنص المادة – 467 – منه على أن: «يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين من هتك أو دنس حرمة القبور أو أنصاب الموتى، أو أقدم قصداً، على هدمها أو تحطيمها أو تشويهها. كما يعاقب من دنس أو هدم أو حطم أو شوه أي شيء آخر خاص بشعائر الموتى، أو بصيانة المقابر أو تزيينها».
ومع أن الشرع الإسلامي يحرم نبش القبور ويعتبرها من الكبائر، إلا أن جملة الوعيد «لانبش قبر أبوه» من الموروث الشفوي عند العامة، تتحدر من أحداث تاريخية شهدتها المنطقة تحفل بسلوكيات انتقامية أعظمها معنويا وإنسانيا انتهاك حرمة الموتى، ونبش القبور أشهرها، حين غلب العباسيون الأمويين، واستولوا على عاصمتهم دمشق، فأمر بإخراج الأمويين من قبورهم وجلد وصلب جثثهم وحرقها ونثرها في الفلاة. وأيضا قام الصفويون (ملوك بلاد فارس في القرن السادس عشر ميلادي) بعد احتلالهم بغداد، بنبش قبر أبي حنيفة النعمان والتمثيل بجثمانه.
وكانت قوات النظام قد بدأت الشهر الماضي بدعم روسي، هجوماً واسعاً في ريفي إدلب وحلب، تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى، حملة عسكرية تم خلالها السيطرة على أكثر من 136 منطقة، وأدى ذلك إلى نزوح أكثر 586 ألف نسمة من ريفي إدلب وحلب باتجاه الشمال حيث الحدود مع تركيا.
وجاءت الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري وحلفاؤه رغم أن محافظة إدلب ومناطق من ريف حلب الغربي، مشمولة باتفاق روسي تركي وقع عام 2018 ونص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل، وعلى فتح طريقين دوليين، بينهما طريق حلب – دمشق الذي استعادت قوات النظام سيطرتها على جزء كبير منه.
وأعلنت قوات النظام السوري يوم أمس الأحد استعادتها «السيطرة على مساحة جغرافية تزيد عن 600 كيلومتر مربع وإحكام السيطرة على عشرات البلدات والقرى والتلال الحاكمة منها خان السبل، كفربطيخ، جوباس، النيرب، تل مرديخ، كفرعميم، أفس، سراقب، تل التباريز، محاريم، جامعة ايبلا، رسم العيس، الشيخ أحمد، زمار، حوير العيس، تل باجر، رسم الصهريج، تل طوقان، جزرايا، خان طومان، خلصة، القراصي، زيتان، الشيخ إدريس، الريان، لوف، العيس.