قررت الحكومة الإسرائيلية اتباع نهج «الرد على المقاطعة بالمقاطعة» في مواجهة تبعات قرار «المفوضية السامية لحقوق الإنسان» التابعة للأمم المتحدة نشر قائمة الشركات الإسرائيلية والأجنبية العاملة في المستوطنات.
وأعلن وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، قطع العلاقات مع المفوضية. وأعلن عن اتخاذ سلسلة إجراءات لحماية هذه الشركات. وتوجه إلى الإدارة الأميركية بطلب وضع خطة مضادة لمحاربة ومعاقبة كل من يرضخ ويقاطع تلك الشركات. وقال كاتس إن المفوضية، بقرارها نشر أسماء الشركات «تخدم أجندة حركة المقاطعة ضد إسرائيل (BDS)، المعادية للسامية واليهود».
وكانت المفوضية قد نشرت، أول من أمس (الأربعاء)، وبعد تأخير دام أكثر من 4 سنوات، قائمة بأسماء 112 شركة تمارس أنشطة في المستوطنات الإسرائيلية التي يعتبرها القانون الدولي غير قانونية، بينها 18 شركة دولية مثل «إير بي إن بي» و«إكسبيديا» و«تريب آدفايزور» و«كوكا كولا»، و94 شركة إسرائيلية. ويأتي التقرير استجابة لقرار أصدره مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة العام 2016 وطلب فيه «قاعدة بيانات عن جميع الشركات التي تمارس أنشطة خاصة مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة». وخلال كل السنوات الماضية سعت إسرائيل بدعم وضغوط أميركية إلى منع نشر القائمة.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نشر هذه القائمة في هذا الوقت بالذات، بمثابة «إعلان حرب على صفقة القرن». وحمل بشدة على المفوضية الأممية، واصفاً إياها بهيئة منحازة وعديمة التأثير. وقال إنه «ليس من باب الصدفة أن تقطع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل علاقاتهما مع هذه الهيئة التي تنشغل بتلطيخ سمعة إسرائيل، بدلاً من معالجة خروقات حقوق الإنسان في العالم». وأكد نتنياهو أنه أصدر «تعليمات بقطع أي صلة بهذه الهيئة»، وأضاف أن «إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتخذت خطوة مماثلة». وكشف نتنياهو أنه استعد لمثل هذه الخطوة منذ سنة 2016، وقال: «خلال السنوات الماضية، عملنا على تشريع قوانين في جميع الولايات الأميركية تنص على وجوب اتخاذ إجراءات حازمة ضد أولئك الذين يحاولون مقاطعة إسرائيل. فلو لم أقم بمقاومة هذه الجهود، لكنا خاضعين اليوم لعقوبات أشد. لكننا سنصدها بكل قوتنا». وقال إن تطبيق خطة «صفقة القرن» سوف ينسف قرارات المقاطعة. وأضاف: «إن اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت، والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، من شأنه أن يبطل قرار المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، إذ لن تكون هناك منطقة محتلة. وسيبطل القرار ببساطة، لأن الولايات المتحدة أهم من الأمم المتحدة». وأشار إلى أن لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي شجبت قيام المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بهذه الخطوة، وأن عدداً كبيراً من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب أعلنوا إدانتهم للمفوضية الأممية، معتبرين أن ذلك «لن يساهم في إحلال السلام في الشرق الأوسط».
ووصف الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، نشر القائمة السوداء، بأنه «مبادرة مخزية تذكرنا بفترات مظلمة في تاريخنا». وفي مقارنة مع النازية الألمانية، قال: «يجدر التذكير أن هذه القائمة لا تشمل عقوبات ولا مقاطعة فعلية أيضاً، وبالتأكيد لا تشمل أفران غاز». وقال رئيس حزب «كحول لفان»، بيني غانتس، إن يوم نشر القائمة السوداء هو «يوم أسود لحقوق الإنسان». ووصف زميله، يائير لبيد، المجلس بأنه «مفوضية حقوق الإرهابيين التابعة للأمم المتحدة». وندد رئيس تحالف قائمة اليسار «العمل – جيشر – ميرتس»، عمير بيرتس، بنشر القائمة وقال إنه «مثير للغضب».
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية «كان»، أمس، أن الحكومة الإسرائيلية، تلقت تنبيهاً بأن المفوضية الأممية تسعى لنشر القائمة، قبل ساعة واحدة من نشرها، من خلال الأميركيين، وأن المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، رفضت الاجتماع بالمسؤولين الإسرائيليين أثناء إعداد التقرير.
وكتب مراسل صحيفة «معريب» في أوروبا، غدعون كوتس، أمس (الخميس)، أن «القائمة السوداء تشكل ضغطاً اقتصادياً على الشركات الدولية، من الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وهولندا، ولوكسمبورغ، وتايلاند. وبعضها قد توقف نشاطها بمبادرة ذاتية، ليس في المناطق (المحتلة) فقط، وإنما في إسرائيل أيضاً، مثلما فعلت على سبيل المثال AirBNB، التي تراجعت عن قرارها لاحقاً بسبب الضغوط الأميركية». واعتبر نشر القائمة في التوقيت الحالي، يأتي «بمثابة تحذير وإلقاء قفاز نحو الولايات المتحدة وإسرائيل، إثر نشر (صفقة القرن) وعشية الانتخابات الإسرائيلية، وذلك من أجل التحذير أيضاً من نية ضم مناطق من دون موافقة المجتمع الدولي».