جددت الحكومة اليمنية دعوتها لمراجعة أداء الوكالات الأممية الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، على خلفية التقارير الغربية الأخيرة حول قيام الجماعة بإعاقة العمل الإنساني وابتزاز المنظمات وتحويل شق كبير من المساعدات لمصلحة مجهودها الحربي.
جاء ذلك في وقت تدرس فيه الوكالات الأممية مع المانحين الدوليين خططاً قد تؤدي إلى تقليص حجم المساعدات الإنسانية المقدمة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية بسبب فساد الجماعة وعرقلتها توزيع مواد الإغاثة أو القيام بنهبها وتحويلها لمصلحة أتباعها.
وجاءت الدعوة اليمنية في تصريحات رسمية لوزير الإعلام في الحكومة الشرعية معمر الإيراني، أكد فيها أن 30 في المائة من المساعدات الإنسانية تذهب لتمويل المجهود الحربي للميليشيات الحوثية، واستغلالها في التصعيد العسكري والحشد لجبهات القتال، بدلاً من تخصيصها لإعانة ملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعاً ويفتقدون للرعاية الصحية والخدمات الأساسية في مناطق سيطرة الجماعة.
ودعا الوزير اليمني إلى المراجعة الشاملة لأداء منظمات الأمم المتحدة العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية بمناطق سيطرة الميليشيا الحوثية، مشدداً على ضرورة التنسيق مع الحكومة لإيجاد البدائل، وضمان توزيع المساعدات لمستحقيها في المحافظات كافة، والحيلولة دون بقاء الملف الإنساني رهينة لابتزاز الميليشيات، ومصدراً لتمويل حربها على اليمنيين.
ووصف الإرياني ما أوردته أخيراً وكالة «أسوشيتد برس» من معلومات حول ممارسات الجماعة الانقلابية ضد المنظمات والوكالات الأممية بـ«الصادمة»، معتبراً أن ذلك يكشف عن جانب من عرقلة الميليشيات الحوثية لأنشطة المنظمات الدولية، وإعاقتها لعملية تدفق المساعدات الإغاثية والإنسانية لملايين الجوعى، الذين شردتهم الحرب التي فجرها الانقلاب، وكيف تعمل على تحويل تلك المساعدات لجيوب قياداتها.
وقال إن الحكومة نبهت مراراً على توظيف الميليشيات الحوثية للأوضاع الإنسانية لجني الأموال، بعد أن نهبت الخزينة العامة، وأوقفت رواتب الموظفين، وعطلت القطاع الخاص، وقادت البلد لأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وكيف أنها اتخذت ملايين المواطنين في مناطق سيطرتها رهائن لابتزاز العالم.
وكانت وكالة «أسوشيتد برس» بثّت معلومات عن قيام الميليشيات الحوثية بمنع نصف برامج إيصال المساعدات، التي تقدمها الأمم المتحدة لإجبار المنظمة على منح الجماعة سيطرة أكبر على المساعدات.
وأظهرت الوثائق التي اطلعت عليها الوكالة نفسها أن الحوثيين يعارضون الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتشديد الرقابة على نحو 370 مليون دولار سنوياً تقدمها وكالاتها للمؤسسات الخاضعة للجماعة الانقلابية حيث من المفترض أن هذه الأموال تدفع الرواتب والتكاليف الإدارية الأخرى، لكن أكثر من ثلث هذه الأموال التي أنفقت العام الماضي لم تتم مراجعة حساباتها.
وفي حين تتزايد مخاوف المانحين من ذهاب جانب ضخم من المساعدات إلى جيوب قادة الميليشيات الحوثية وأعوانهم، كانت تقارير غربية اتهمت موظفين أمميين بالفساد والتواطؤ مع الميليشيات، كما كشفت عن تحقيقات داخلية تجريها الأمم المتحدة في هذا الجانب.
وقبل أيام كانت منظمة الصحة العالمية زودت الجماعة الحوثية في صنعاء بنحو 100 سيارة إسعاف ذات دفع رباعي؛ حيث تداول ناشطون يمنيون صوراً على مواقع التواصل الاجتماعي للأسطول الضخم من السيارات المتوقفة في فناء وزارة الصحة الحوثية.
ويقول الناشطون اليمنيون إن الميليشيات الحوثية لن تقوم باستخدام هذه السيارات للإسعاف في المستشفيات الخاضعة لها، لكنها ستخصصها لنقل جرحاها وقتلاها في الجبهات، وتنقل قياداتها، فضلاً عن استثمارها لنقل الأسلحة والذخائر.
وسبق أن حصل الحوثيون على أسطول آخر من سيارات الدفع الرباعي الأممية، تحت مزاعم أنها ستستخدم لنزع الألغام، في الوقت الذي يعرف الجميع أن الجماعة الحوثية متهمة بزرع أكثر من مليون لغم منذ انقلابها على الشرعية، وليس هي التي تقوم بنزع الألغام.
وعلى وقع المعضلة التي سيتضرر منها ملايين اليمنيين في حال أقدمت الوكالات الأممية على تقليص المساعدات الإنسانية، خصوصاً الغذائية منها، كانت الحكومة الشرعية اقترحت آليات أمثل للتغلب على فساد الميليشيات الحوثية.
واقترح وزير الإدارة المحلية في الحكومة الشرعية رئيس لجنة الإغاثة، عبد الرقيب فتح، على وكالات الأمم المتحدة والمنظمات العمل وفق مبدأ «لا مركزية العمل الإغاثي» والضغط الدولي على الجماعة الحوثية لوقف عرقلة الوصول الإنساني.
وقال فتح، في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»: «أكدنا مراراً أن الميليشيات المسلحة الحوثية تستخدم العمل الإغاثي غطاء لتمويل مجهودها الحربي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكن من منطلق مسؤوليتنا فإننا نكرر دعوتنا للمنظمات الدولية إلى أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة والقانونية تجاه الميليشيات الحوثية المسلحة وأجهزتها الإدارية المتسببة في إعاقة وصول الإغاثة إلى المستفيدين منها من المواطنين».
وشدد الوزير اليمني على «رفع التقارير الدورية الواضحة والمحددة عن الجهات والأفراد المعيقين للعمل الإغاثي لمجلس الأمن وغيره من الجهات ذات العلاقة والمطالبة باتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة تجاهها».
كما أكد فتح على «أهمية التزام المنظمات الإغاثية الدولية بمبدأ لا مركزية العمل الإغاثي، من خلال إيجاد 5 مراكز إغاثية في الجمهورية اليمنية»، معتبراً أن هذه الآلية ستؤدي «إلى الاستخدام الكفء للموارد والإنجاز الفاعل للأهداف الإغاثية».
وقال: «إن تخفيض المخصصات والكميات الإغاثية للمحافظات الواقعة تحت سلطة الميليشيات المسلحة الحوثية سيؤثر على المواطنين، ولن تتأثر به الميليشيات المسلحة الحوثية».
وأضاف الوزير فتح: «ندعو المنظمات الدولية للعمل والتنسيق مع الحكومة اليمنية التي تستطيع إيصال الإغاثة لكل المحافظات بصورة مباشرة أو عبر شركائها من المنظمات الإغاثية المحلية ومنظمات المجتمع المدني المختلفة والموجودة في كل المحافظات».