قبل يومين من جلسة نيل الثقة لحكومته، كشف رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي، أمس عما سماه «مخططاً لإفشال تمرير الحكومة». وفيما لا تزال مواقف الكتل السياسية متباينة تبايناً حاداً بشأن الموقف النهائي من الحكومة، قال علاوي، في تغريدة له على صفحته الرسمية في «فيسبوك»، «لقد وصل إلى مسامعي أن هناك مخططاً لإفشال تمرير الحكومة، بسبب عدم القدرة على الاستمرار في السرقات». وأضاف أن «الوزارات ستدار من قبل وزراء مستقلين ونزيهين»، مشيراً إلى أن «هذا المخطط يتمثل بدفع مبالغ باهظة للنواب، وجعل التصويت سرياً». وأعرب علاوي عن أمله أن «تكون هذه المعلومة غير صحيحة».
إلى ذلك، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عن إلغاء التظاهرة المليونية، التي دعا إليها الخميس، لمحاصرة وتطويق المنطقة الخضراء، التي تضم مباني حكومية مهمة، في المقدمة منها القصر الحكومي ومبنى البرلمان، في حال لم يصوت البرلمان على الحكومة إذا كانت مستقلة. وقال الصدر، في تغريدة له أمس، «كنت قد دعوت لمظاهرات مليونية واعتصامات ضد المحاصصة، واليوم أنهاكم عنها من أجل صحتكم وحياتكم، فهي أهم عندي من أي شيء».
وفي وقت لم تعلن أي جهة من القوى والكتل السياسية الكبرى تبنيها لتكليف علاوي، باستثناء الصدر، فقد أماط مصدر مطلع في رئاسة الجمهورية النقاب عن حقيقة تكليف علاوي، وقيام جهات عديدة بتوجيه اتهامات إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، بأنه هو من تولى ترشيح علاوي. وقال المصدر في بيان، إن «هذا القرار اتخذ بعد أن أقرته غالبية الأحزاب والكتل السياسية الشيعية، باستثناء (دولة القانون) بزعامة نوري المالكي». وأضاف المصدر المطلع: «توافقت على هذا الترشيح القيادات السنية والكردية، إضافة إلى مذكرة موقعة من قبل 56 نائباً منتمين إلى كتل نيابية مختلفة لترشيح السيد علاوي، وبناء على ذلك، وبعد تأكيد هذا الترشيح والتوافق عليه من قبل الكتل، تم تكليف السيد محمد علاوي من قبل السيد رئيس الجمهورية، حسب السياقات الدستورية المثبتة في المادة 76 من الدستور». وكشف المصدر أن «تكليف علاوي تم بعد أن توافق عليه زعيم (الحزب الديمقراطي الكردستاني) مسعود بارزاني، وزعيم (تحالف القوى) محمد الحلبوسي، بمعية معظم القوى السياسية الكردية والسنية»، مؤكداً أن هذه الأطراف «أقرت هذا التكليف قبل صدوره من قبل رئيس الجمهورية». وأوضح المصدر أن «واجب رئيس الجمهورية الدستوري هو تكليف المرشح المقدم من قبل القوى النيابية»، مشيراً إلى أن «الوثائق الخطية والفيديوية تدحض ادعاء بعض الأطراف السياسية بأن علاوي هو مرشح الرئيس، وليس مرشح القوى السياسية المذكورة».
كما كشف المصدر، أيضاً، «حضور كل من قادة (كتلة الفتح) ممثلين بالسيد هادي العامري والقيادي في (العصائب) السيد عدنان فيحان والنائب أحمد الأسدي وشخصيات قيادية أخرى معرفة من قبل قادة الكتل السياسية التي رشحت علاوي، وطالبت رئيس الجمهورية بتكليفه رسمياً».
وفيما لم يعلن الكرد موقفهم النهائي من ترشيح علاوي، رغم استمرار اجتماعاتهم في أربيل، لليوم الثالث، فإن تحالف «القوى العراقية»، بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أعلن رفضه تكليف علاوي. وقال «تحالف القوى»، في بيان مقتضب، أمس، إنه «لن يحضر جلسة نيل الثقة»، فيما لم يتبين بعد ما إذا كان الحلبوسي هو من سيرأس الجلسة البرلمانية غداً، أم نائبه الأول القيادي في التيار الصدري حسن الكعبي، في وقت أعلنت مصادر من داخل البرلمان أنه جرى الإعداد، وبتوجيه من الحلبوسي، تهيئة نظام التصويت السري لأعضاء البرلمان، وليس برفع الأيدي، وهو ما جعل الأوساط المقربة من رئيس الوزراء المكلف تبدي شكوكاً حول هذه الخطوة.
إلى ذلك، أكد رئيس كتلة «تحالف الفتح» والقيادي في «منظمة بدر» محمد سالم الغبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحالف الفتح»، الذي يتزعمه هادي العامري، «سيكون تصويته مشروطاً بطبيعة الوزراء الذين جاء بهم علاوي»، مضيفاً أنه «ما دام منهج رئيس الوزراء المكلف، الذي جاء كمرشح مستقل توافقي، تشكيل كابينة من وزراء مستقلين، فإننا لن نصوت لوزراء يشم منهم رائحة المحاصصة». وأضاف الغبان، وهو وزير داخلية أسبق، «لن نصوت لحكومة محمد توفيق علاوي إن لم يتضمن البرنامج الحكومي تعهداً والتزاماً واضحاً بإجراء الانتخابات المبكرة».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة «صادقون»، ضمن «تحالف الفتح»، الدكتور نعيم العبودي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «(كتلة صادقون) لن تشارك في حكومة محمد علاوي، ومن شروطنا على هذه الحكومة التهيئة للانتخابات المبكرة». وأضاف العبودي أن «دعمنا للحكومة إذا نالت الثقة مقرون بالتهيئة للانتخابات المبكرة، لأننا نرى أن هذه الانتخابات سوف تكون لصالح الشعب العراقي، فضلاً عن أنها مطالب المتظاهرين، وكذلك مطالب أغلب القوى السياسية للقناعة بأن الانتخابات المبكرة سوف تخلق نوعاً من الاستقرار السياسي».