اختتمت، مساء يوم الثلاثاء الماضي أعمال المؤتمر العالمي الرابع للجودة العلاجية المبنية على البراهين في الطب النبوي الذي نظمه مركز التميز البحثي للطب النبوي التطبيقي بكلية الطب جامعة الملك عبد العزيز في السعودية بالتعاون مع مركز لوتس هوليستك بأبوظبي.
ناقش المؤتمر أكثر من 100 بحث منشور في مجلات معتمدة كان بعضها أبحاثا لدرجة الماجستير والدكتوراه تخدم أبحاث السرطان وزيادة المناعة والتغذية والأمراض المزمنة لتحسين جودة حياة المرضى وسلامتهم ورفع مستوى الصحة بالعلاج التكميلي الشمولي وتشجيع الطب الوقائي ما يخفض التكلفة العلاجية والمضاعفات لهذه الأمراض. كما عرضت في المؤتمر 15 براءة اختراع و78 معلقة بحثية في مجال تحسين صحة الإنسان، شارك بها أكثر من 37 طبيبا وباحثا وعالما من أبرز الجامعات المحلية والعالمية. وفقا لرئيسة اللجنة العلمية للمؤتمر أ.د. سعاد خليل الجاعوني رئيسة كرسي ومركز التميز البحثي.
وتوج المؤتمر في يومه الثالث والأخير بالإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ زايد العالمية في تسعة فروع طبية (الطب النبوي، الأيورفيدا الهندي، الوخز بالإبر، الطب الصيني، تقويم العمود chiropractic، الطب الطبيعي naturopathy، طب الأعشاب التقليدي، الطب اليوناني، الطب التجانسي homeopathy)
– عجوة المدينة والتمور
> عجوة المدينة. تحدثت في المؤتمر أ.د. سعاد الجاعوني عن القيم الغذائية والطبية لثمار التمر كغذاء، حيث كانت تستخدم كغذاء وحيد في العديد من البلدان عبر التاريخ. وقدمت دراستها التي امتدت عشر سنوات بين عامي 2008 – 2018 تمت خلالها مراقبة ومتابعة المرضى، فوجدت أن المدخول المنتظم لعجوة المدينة (نوع خاص من التمور تزرع في المدينة المنورة، وهي تمتاز بجودتها الأعلى مقارنة بأنواع التمور الأخرى) يؤدي إلى تحسن كبير في نوعية الحياة لدى مرضى سرطان الأطفال في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز على مدى 10 سنوات مع انخفاض معدل كل من العدوى ودخول المستشفى لعلاج انخفاض خلايا الدم (neutropenia) مع تحسن نتائج العلاج. وأكدت على أن تناول العجوة لم يكن له أي تأثير على نمو الورم وإنما تأثيره كان من خلال حماية الخلايا من مضاعفات علاج السرطان. ومن الثابت أن عجوة المدينة تتمتع بنوع من حماية وعلاج للقلب واتجاه مستقبلي جيد وجديد في اكتشافات الغذاء والدواء.
> التمور. وأكد أ.د. سامي سليم الاختصاصي في علوم الجينوم والأحياء الدقيقة بجامعة الجوف بالسعودية على القيمة الغذائية والعلاجية العالية للتمور وأنها تمتلك خصائص كبيرة مضادة للجراثيم والفطريات، وفقا لدراسة قدمها في المؤتمر تهدف لتقييم النشاط البيولوجي والقيمة الغذائية لـ12 نوعا من أصناف التمور من مواقع مختلفة. وقد استخدمت، تقنيات عالية وحديثة، للتأكد من ذلك لتحليل مجموعة واسعة من النواتج الأيضية بما في ذلك السكريات والأحماض الأمينية والأحماض الدهنية والأحماض العضوية والفينولات والفلافونويدات والمعادن الكلية والصغرى ومضادات الأكسدة.
وأظهرت نتائج الدراسة أن التمر يحتوي على نسبة عالية من السكريات ومن مركبات البوليفينول، وهو ما يفسر نشاطها المضاد للأكسدة. وكشفت تحاليل الأحماض الأمينية أن جميع أصناف التمر المختبرة تحتوي على غالبية الأحماض الأمينية الأساسية مثل ليوسين، فالين، هيستيدين وفينيل ألانين. وقد أشارت النتائج إلى أن أصناف التمور المختبرة تحتوي على كميات كبيرة من المعادن، وكان أعلى تركيز في عجوة المدينة مما يدل على احتوائها على مضادات عالية من مضادات التأكسد. وأشارت نتائجنا أيضاً إلى أن ثمار عجوة التمر كانت مصدراً جيداً للمركب الحيوي «بيتا جليكوجالين»، الذي أظهر نشاطاً مهماً كمضاد للأكسدة، بالإضافة إلى نشاط عال ضد نمو الميكروبات والطفيليات.
لقاحات طبيعية للسرطان
تحدثت في المؤتمر الأستاذة الدكتورة نور حياتي عثمان وهي رئيسة الأكاديمية الدولية لعلم الأمراض [القسم الماليزي] وعضو المجلس الطبي الماليزي مشيرة إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في العالم لحد اعتباره قد وصل إلى الحالة الوبائية تقريبا. ومن بين عوامل الخطر للسرطان، السمنة والنظام الغذائي العالي بالسكريات والتدخين والعديد من المواد الكيميائية المسببة للسرطان بما في ذلك الزينو الاستروجين (xeno – estrogens) والملوثات البيئية.
> العسل والكركم. هل هناك «لقاحات طبيعية» يمكن أن تساعدنا في منع الإصابة بالسرطان؟ نعم، ومن أهمها الحد من عوامل الخطر، وممارسة الرياضة اليومية، والانتقائية الغذائية للأطعمة التي قد تسبب أو تمنع السرطان بما في ذلك إضافة العسل والكركم في النظام الغذائي اليومي. وقد ركزت البروفسورة نور حياتي في المؤتمر، باستفاضة، على الأبحاث الشاملة التي انتهت منها أخيرا بشأن العسل وخصائصه المضادة للسرطان. وأظهر البحث الأخير أن العسل لديه إمكانية كبيرة لاستخدامه كعامل وقائي وعلاجي لمكافحة السرطان.
وقد أمكن تقليل معدل التقدم التجريبي الناجم عن سرطان الثدي في الحيوانات في المجموعات المعالجة بالعسل مقارنة بمجموعة المراقبة الإيجابية. كما تم تخفيض عدد الأورام التي تم تطويرها ووجد أن حجم الورم أصبح أصغر مقارنة بالذين لم يتناولوا العسل. وكان الفحص النسيجي أيضا أفضل. وشرحت البروفسور نور حياتي الآلية التي يمارس بها العسل التأثيرات الوقائية للسرطان والعلاج من السرطان بأنها متعددة الجوانب؛ من خلال تحسين الاستجابة المناعية، الدموية، المصلية، وتفعيل مسار آلية موت الخلايا المبرمج. يتم تنظيم البروتينات المؤيدة للاستماتة وتنظيم البروتينات المضادة للاستماتة. وفي هذا المجال، نشرت للبروفسورة نور حياتي 13 بحثا في مجلات علمية عالمية محكمة.
– صمغ النحل
> صمغ النحل. استعرضت أ.د. جميلة الهاشمي الأستاذ في علوم التغذية جامعة الملك عبد العزيز والباحثة في الكرسي العلمي للطب النبوي بالجامعة – الدراسة التي نشرت في المجلة الأوروبية للعلوم التطبيقية (European Journal of Applied Sciences) حول استخدامات الدنج الطبية ووصف الفعالية العلاجية له في علاج الأمراض التي تسببها الكائنات الحية الدقيقة.
وقد استخدم دنج (بروبوليس Propolis) النحل أو ما يعرف بصمغ النحل لعدة قرون في الطب التقليدي. وهو منتج طبيعي مشتق من الراتنجات النباتية التي يكونها النحل. ويعتبر الدنج مضادا للسرطان، مضادا للأكسدة، مضادا للأورام، مضادا لميكروبات قرحة المعدة، وله أيضا خصائص مضادة للفطريات. كما أنه يحتوي على مواد تنشط الكبد، وتحمي القلب وتخفض الضغط بالإضافة إلى أنه يساعد في السيطرة على غلوكوز الدم وينظم عملية التمثيل الغذائي للدهون في الدم. جذب الدنج الكثير من الاهتمام كمادة تستخدم في الطب ومستحضرات التجميل. وهو يستخدم الآن على نطاق واسع في المواد الغذائية والمشروبات مع التأكيد على أنه يمكن أن يحسن صحة الإنسان.
أيضا وجد أنه يحتوي على أكثر من 300 مركب بما في ذلك البوليفينول، والألدهيدات الفينولية، وكوينين quinines sequiterpene، الكومارين، والأحماض الأمينية، وبعض المركبات غير العضوية. ويعتمد وجود هذه المركبات على مصدر النبات ووقت وظروف الجمع. تحدد الأنشطة البيولوجية للدنج بحسب أوقات جمعه من المناطق الجغرافية النباتية التي تختلف اختلافا كبيرا.
– علاج الجروح والتقرحات
تحدث في المؤتمر البروفيسور ستيف حركة Prof. Steve Harakeh الأستاذ الباحث بمركز الملك فهد للبحوث الطبية بجامعة الملك عبد العزيز عن فاعلية العسل كعامل مضاد للبكتيريا ومساعد في التئام القرحة. تعتبر قرحة المعدة مشكلة طبية كبيرة في جميع أنحاء العالم. ولم يخلُ استخدام الأدوية التقليدية في علاج القرحة من التعرض للآثار الجانبية ولم تكن فعالة للغاية في كثير من الحالات. لهذا السبب، تم البحث عن منتجات أخرى جديدة تكون أكثر فعالية. وقد توصل في الدراسة التي قدمها إلى أن العسل فعال في علاج مجموعة واسعة من الجروح بما في ذلك التقرحات. كما أن العسل معروف بإمكانياته المضادة للبكتيريا وخصائصه المضادة للأكسدة. ويستخدم العسل لعلاج العديد من الاضطرابات بما في ذلك أمراض الجهاز الهضمي وخاصة قرحة المعدة. وهو يعزز شفاء القرحة من خلال نشاطه المضاد للأكسدة.
وقد أجريت أبحاث مستفيضة على نشاط العسل المضاد للبكتيريا، فوجد أن العسل فعال ضد كل من البكتيريا الإيجابية والسلبية الجرام وكذلك ضد «هيليكوباكتر بيلوري» البكتريا التي تسبب القرحة. وكان للعسل تأثير مانع أكثر وضوحاً على البكتيريا سالبة الجرام ومنها (Pseudomonas aeruginosa، Enterobacter spp.، Klebsiella) بالمقارنة مع العوامل المضادة للميكروبات الشائعة الاستخدام. تم تحقيق تأثير تآزري عند استخدام العسل مع عوامل مضادة للميكروبات في كل من البكتيريا سالبة وإيجابية الجرام. أدى العسل إلى تعديل المقاومة البكتيرية للعوامل المضادة للميكروبات شائعة الاستخدام.
– جسيمات نانونية توظف مع مستخلص التمور لعلاج الخلايا السرطانية
> تحدثت أ.د. نجلاء الردادي الأستاذة بجامعة طيبة بالمدينة المنورة عن دراستها التي حصلت على براءة اختراع وكانت حول عملية تحضير «صديقة للبيئة» للجسيمات النانونية مع مستخلص التمور السعودية واستخدامها في علاج الخلايا السرطانية. وقد تم تحضير حيوي لجسيمات الذهب والفضة النانونية (Au – NPs، Ag – NPs) مع «تمر برني المدينة» لدراسة تأثيرها على الخلايا السرطانية المختلفة. ويستخدم المستخلص المائي لتمر برني المدينة كمادة خافضة للتوتر السطحي وقابلة للتحلل البيولوجي.
وتختلف طبيعة جسيمات الذهب والفضة النانونية مع المستخلص المائي لبرني المدينة عن جسيمات الذهب والفضة مع المواد الكيميائية أو مع البكتريا المحضرة في الأبحاث بأنها تمتاز بأنها تظهر أكبر مساحة سطح إلى نسبة الحجم، وتحتوي على مضادات أكسدة طبيعية تساعد على اختزال الذهب والفضة إلى جسيمات صغيرة جدا في الأحجام النانومترية تتراوح ما بين (3.1 – 6.2 نانومتر)، وعالية الاستقرار إلى حد كبير، ولديها القدرة على الدخول إلى الخلايا السرطانية واختراقها لصغر حجمها، حيث يستطيع الحمض النووي التعرف على الجسيمات النانونية عن طريق الطبقة المحيطة من مضادات الأكسدة الطبيعية والتي تحتوي على أحماض أمينية وفينولات تسمح بعمل تواصل مع الحمض النووي للخلايا السرطانية، وبالتالي لديها قدرة كبيرة في التأثير على تثبيط نمو بعض الخلايا السرطانية كالقولون والثدي وعنق الرحم والكبد. كما أن مضادات الأكسدة الطبيعية والإلكترونات الموجودة خارج الخلية تلعب دورا هاما في التخليق الحيوي لجسيمات الذهب والفضة النانونية مع برني المدينة بكفاءة أكبر وبدون آثار جانبية لانعدام سميتها بطريقة صديقة للبيئة وأيضا بطريقة اقتصادية غير مكلفة مثل المواد الكيميائية التي عادة تكون ذات تكلفة باهظة، حيث إن مضادات الأكسدة الطبيعية تحمي جسم الإنسان من الجذور الحرة التي قد تسبب بعض الأمراض المزمنة.
وأيضا لأن مستخلص برني المدينة يعمل كعامل مزدوج الوظيفة يقوم باختزال المعدن وفبركة السطح عن طريق التشكل الذاتي (Self – assembly) ونتيجة لطاقة السطح العالية حينها تصبح الجسيمات النانونية مغلفة (Capping) بالفينولات والفلافونيدات والأحماض الأمينية الموجودة في المستخلص، وهكذا فإن الجهاز المناعي لا يمتلك القدرة على التعرف عليها، لذلك ارتبط هذا الاتجاه مع استخدام هذه المواد الطبيعية في الأدوية خاصة في علاج السرطان، لأنه ليس لها آثار جانبية.
– استشاري في طب المجتمع