واصل الحقوقيون اليمنيون والمنظمات الدولية الأخرى المعنية بحقوق الإنسان في اليمن تسليط الضوء على مختلف الانتهاكات الحوثية المتصاعدة في مناطق سيطرة الجماعة، وبالأخص فيما يتعلق بالقمع المنظم ضد النساء.
وفي هذا السياق نظم التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان «تحالف رصد» بالتعاون مع المنظمات المتحالفة من أجل السلام يوم الخميس ندوة عن انتهاكات الحوثي لحقوق النساء على هامش الدورة 43 لجلسات مجلس حقوق الإنسان بمدينة جنيف السويسرية.
وقدمت في الندوة العديد من أوراق العمل حول أوضاع النساء اليمنيات في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، حيث تناول الباحث الأكاديمي الدكتور فارس البيل الفكر الرجعي للميليشيات تجاه المرأة وقال إن الجماعة «سبب رئيسي لعدم النهوض بالمجتمع، ومعاناة المرأة في مجال التعليم والصحة والمشاركة السياسية».
وأشار البيل إلى الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة اليمنية على يد الميليشيات وزيادة معاناتها وحرمانها من حقوقها في المجالات الحيوية، ومن ثم حرمان المجتمع والأجيال من دورها وخدماتها في التعليم والصحة والمستقبل السياسي.
وسرد البيل عددا من النقاط المهمة حول منهجية فكر الحوثي المتطرف في معاداة المرأة، والموقف الحوثي الطائفي الثابت من قيم العدالة وعدم التمييز، والنظرة الدونية للمرأة، داعياً إلى إنقاذ المرأة من إرهاب الفكر الحوثي بحقها، والمحافظة على المكتسبات التي حققتها قبل الانقلاب الحوثي. وإيقاف سلوك الاعتداء السافر بحقها، اعتقالا وتعذيبا وتخويفا، في مشهد لم يعرفه تاريخ اليمن ولا موروثه أو عاداته.
من جهتها تطرقت رئيسة المبادرة العربية للثقيف وعضو «تحالف رصد» الدكتورة وسام باسندوة في ورقتها بعنوان «المرأة اليمنية في ميزان انتهاكات الميليشيات الحوثية»، إلى ما كشفه فريق لجنة خبراء الأمم المتحدة في تقريره الدوري الأخير عن اليمن لعام ٢٠١٩، بشأن «الزينبيات»، وهي شبكة استخباراتية تتبع جماعة الحوثي.
وأكدت باسندوة أن هذه الشبكة تشارك في قمع النساء اللواتي يعارضن الحوثيين بوسائل مختلفة، منها العنف الجنسي وبعض الممارسات الأخرى، مستعرضة جملة من الانتهاكات الأخرى كالتجسس والإيقاع بالخصوم، ورصد الآراء وملاحقة الناشطات في الجلسات الخاصة وأماكن العمل.
وقالت باسندوة إن عدد النساء المختطفات والمختفيات والمعذبات اللواتي استطاع تحالف رصد الوصول إليهن بلغ عددهن أكثر من 300 امرأة في مختلف المحافظات اليمنية، خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى مايو (أيار) 2019. ودعت الحقوقية باسندوة المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان ولجان التحقيق والتقصي بالضغط على الميليشيات الحوثية للوصول إلى أماكن احتجاز النساء والاطلاع على ظروف اعتقالهن وإبلاغ ذويهن والتدخل الفوري لوقف هذه الممارسات المهينة والعنيفة بحق النساء، والحفاظ على سلامة النساء الخارجات من سجون الحوثي وتقديم الدعم العلاجي المادي المعنوي لهن خاصة في ظل ما تعرضن له من ألم نفسي وجسدي.
في السياق نفسه تطرقت الناشطة اليمنية نورا الجروي إلى قضية السجون النسائية لدى الحوثي وما طال المعتقلات من تعذيب واغتصاب عقب اعتقالهن بشكل قسري في سجون تابعة للميليشيات، وتعرضهن للاعتداء والإذلال والتعذيب بطرق وحشية.
وأكدت الجروي أن عمليات الاختطاف والاعتقال للنساء والفتيات من قبل الميليشيات تمت بمبررات واهية وبأسلوب همجي غير مسبوق يضرب عرض الحائط بكل القوانين المحلية والمواثيق الدولية وعادات وتقاليد وأخلاق المجتمع اليمني التي تحترم المرأة وتحقر وتزدري كل من يحاول المساس بها والاعتداء عليها.
وأشارت إلى أن مصير الكثير من النساء، ما زال مجهولا وتعتبر ظهور قضية مثل قضية النساء في سجون الحوثيين جريمة تضاف إلى جرائم الحرب التي يرتكبها الحوثيون بحق اليمنيين.
وكشفت عن تنوع السجون الحوثية ما بين سجون رسمية مثل البحث الجنائي بصنعاء والسجنين المركزيين بصنعاء وذمار وسجن الأمن السياسي وأقسام الشرطة، إضافة إلى سجون سرية تابعة لقيادات معروفة في ميليشيات الحوثي حيث يعاني المعتقلات ظروفاً سيئة ومأساوية جراء الاعتداءات الجسدية والجنسية عليهن.
وأكدت الناشطة نورا الجروي أن بعض الضحايا من النساء دخلن في حالات نفسية سيئة جراء التعذيب الممنهج والمتعمد لإذلالهن وامتهان كرامتهن وتدمير نفسياتهن.
وكان أحدث تقرير لفريق الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن أوصى المجلس بأن يضمن قراره المقبل عبارات تدين الإخفاء القسري الذي تقوم به الجماعة الحوثية وكذلك العنف الجنسي والقمع ضد النساء اللاتي يعبرن عن آراء سياسية أو يشاركن في المظاهرات والإعراب عن اعتزامه بفرض جزاءات على من يقومون بهذه الأعمال.
وفي حين رصد التقرير الأممي أعمال الانتهاكات الحوثية ضد النساء اليمنيات في مناطق سيطرة الجماعة، ذكر أسماء المتورطين من قادة الميليشيات في هذه الانتهاكات التي طاولت العشرات من النساء في السجون السرية.
وأكد الفريق الأممي في تقريره أنه أجرى مقابلة مع إحدى النساء حرمها قيادي في الميليشيات الحوثية من حريتها وتحرش بها جنسيا، لاحتجاجها على الجماعة، حيث تبين أنه من عناصر جهاز «الأمن الوقائي».
وأكد المحققون أنهم وثقوا نمطا متزايدا من قمع المرأة عبر 11 حالة من النساء اللائي تعرضن للاعتقال والاحتجاز والضرب والتعذيب أو الاعتداء الجنسي بسبب انتماءاتهن حيث تشير اتهامات الفريق للقيادي الحوثي سلطان زابن والقيادي الآخر عبد الحكيم الخيواني المعين قائدا لمخابرات الجماعة السياسية، أو مشاركتهن في أنشطة سياسية أو احتجاجات عامة.
وفي تصريحات سابقة اتهم وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر الجماعة الحوثية باختطاف أكثر من 270 امرأة عن طريق منظمات نسوية تابعة لهم، وعرضوهن للتعذيب وتلفيق تهم تتعلق بالشرف.
وقال الوزير اليمني «المرأة بصفة عامة من الفئات الأكثر ضعفا وتأثرا في حالات الحروب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فإما أن تكون قد فقدت زوجها أو ابنها أو أبيها، وفي بعض الأحيان تتحول المرأة إلى العائل الوحيد للأسرة».