يتعامل الفلسطينيون والإسرائيليون مع «كورونا» بصفته عدواً مشتركاً. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يبلغان بعضهما بعضاً عن حالات إصابة بفيروس كورونا ويتعاونان.
ويوجد تنسيق إسرائيل – فلسطيني عالي المستوى حول «كورونا»، بما يشمل تبادل معلومات وإجراء فحوص للسكان.
وقالت مصادر إسرائيلية، إن إسرائيل ستزود الجهات الطبية في قطاع غزة برزم اختبارات للكشف عن المصابين بفيروس كورونا، تماماً كما تقوم بذلك مع المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويفحص جنود إسرائيليون مواطنين فلسطينيين يغادرون بيت لحم إلى القدس أو يعودون منها، ويخضع الكثير منهم للحجر المنزلي. وأبلغت وزارة الصحة الإٍسرائيلية، نظيرتها الفلسطينية عن وفد سياحي ألماني زار مدن القدس وبيت لحم وأريحا، وتبين بعد عودته إلى ألمانيا إصابة بعض أفراده بالفيروس. وتتبع الإسرائيليون والفلسطينيون خط رحلة الوفد الألماني من أجل إخضاع مخالطيه للفحوص والحجر المنزلي.
وأعلنت الحكومة الفلسطينية، أمس، عن إصابة 4 فلسطينيين في بيت لحم بفيروس كورونا المستجد ليرتفع العدد إلى 28 في المدينة وحالة واحدة في طولكرم. وقال المتحدث باسم الحكومة، إبراهيم ملحم، في بيان أصدره في وقت متأخر، أمس، «أظهرت نتائج الفحوص المخبرية لـ50 عينة أخذت من مخالطين للمصابين بالفيروس في محافظة بيت لحم، عن إصابة ثلاثة منهم بالفيروس»..
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أعلن إغلاق المدينة بشكل كامل ضمن حالة طوارئ أُعلنت في كل الأراضي الفلسطينية. وبيت لحم مركز المرض في الأراضي الفلسطينية بسبب استقطاب المدنية سياحاً من كل أنحاء العالم للحج في كنيسة المهد، وهي الكنيسة الأشهر مسيحياً، وزيارة أماكن مقدسة أخرى. وتسبب وفد سياحي يوناني في نشر المرض في بيت لحم بعدما بدا لدى موظفين في فندق نزل فيه هؤلاء السياح. لكن المدينة تخلصت من كل السياح حتى يوم أمس.
ومع ارتفاع عدد المصابين أغلقت إسرائيل بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية معبر الكرامة، معلنة بذلك أنه لا يسمح لأي شخص مغادرة الأراضي الفلسطينية إلى الأردن أو العودة إليها. وأعلنت إسرائيل إغلاق معبر الكرامة بكلا الاتجاهين الذي يربط الضفة الغربية والقدس المحتلة مع الأردن، وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا.
مع إعلان وزارة الصحة في تل أبيب، عن تسجيل 8 إصابات جديدة بفيروس كورونا، أمس (الثلاثاء)، ليرتفع عدد المصابين بالمرض إلى 58 حالة، أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي، استدعاء عدد من فرق جيش الاحتياط التي انضمت إلى جهود مواجهة تفشي الفيروس. وقررت الحكومة الإسرائيلية إدخال كل مواطن يعود إلى البلاد إلى الحجر الصحي في بيته، أياً كان البلد القادم منه، وكذلك إلزام أي سائح يدخل البلاد، بالحجر لمدة 14 يوماً؛ مما تسبب في إغلاق شبه كامل لمطار بن غوريون الدولي.
وجاءت هذه القرارات في أعقاب سلسلة من الجلسات، استغرقت 24 ساعة متواصلة، وتناولت سياسة الدخول إلى إسرائيل من الخارج والاستعدادات الاقتصادية والإجراءات العلمية والتكنولوجية التي تتعلق بفيروس كورونا. وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في ختام تلك الجلسات «في ختام 24 ساعة من الجلسات المعقدة اتخذنا قراراً مفاده أن كل من يصل إسرائيل من الخارج سيدخل الحجر الصحي لمدة 14 يوماً. هذا قرار صعب، لكنه ضروري من أجل الحفاظ على سلامة الجمهور، وهي أهم من كل شيء آخر. سيكون هذا القرار ساري المفعول لمدة أسبوعين، وفي موازاة ذلك نتخذ قرارات من شأنها صون الاقتصاد الإسرائيلي».
وقالت مصادر سياسية، إنه خلال تلك الأبحاث، أبدت القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل تحسباً من احتمال انتشار فيروس كورونا المستجد في قطاع غزة، الذي تفيد التقارير بأنه ما زال خالياً من هذا الوباء حتى الآن. وذكرت أن الجيش وضع خطة لمواجهة خطر تسرب الفيروس من غزة مصنف تحت عنوان «الله يستر». لكن وزير الأمن، نفتالي بينيت، اعتبر الخطر الأكبر قد يأتي من الضفة الغربية، المفتوحة أكثر على إسرائيل. ولذلك؛ قال إنه يدرس فرض إغلاق على الضفة كلها، إلا أنه لم يتخذ قراراً حتى الآن؛ لأن التنسيق الإسرائيلي – الفلسطيني حول الموضوع يتم على أتم وجه، والسلطة الفلسطينية تتخذ خطوات جادة وذات مهنية واضحة لمنع انتشار الفيروس.
وراح الوزير بينيت، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، أبعد من ذلك، فقال إنه يدرس إمكانية السماح لعشرات ألوف العمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل ويعودون إلى بيوتهم يومياً، أن يبيتوا فيها، وذلك لأول مرة منذ سنة 2002. ويقول، إن مثل هذا الأمر سيستثني منطقة مدينة بيت لحم، التي وضعتها الحكومة الفلسطينية في حجر شامل، بعد اكتشاف حالات إصابة عدة فيها. وقال تسفي هرئيل، محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، إن «تهديد الوباء عزز كثيراً التنسيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بعد أن واجه هذا التنسيق أزمات في السنة الأخيرة، حول صفقة القرن، دعم الأسرى والخلاف الأخير حول استيراد العجول. والتنسيق في المجال الصحي وثيق جداً، وإسرائيل تساعد السلطة الفلسطينية في الضفة».
ولفت هرئيل إلى أنه في حال انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة، فإن «إسرائيل ستواجه صعوبة في رفع مسؤوليتها. والمجتمع الدولي لا يقبل الادعاء الإسرائيلي بأن إسرائيل توقفت كلياً عن كونها مسؤولة عن الوضع في القطاع بعد خطة الانفصال في عام 2005، بينما السلطة الفلسطينية، المسؤولة عن القطاع بموجب اتفاقيات أوسلو، ليس لديها أي حضور على الأرض منذ إبعادها من غزة بعد انتخابات التي فازت فيها حماس عام 2007. ونقل هرئيل عن الخبيرة في القانون الدولي في المركز المتعدد المجالات في هرتسيليا، الدكتورة دانا وولف، تساؤلها حول «كيف سنتصرف إذا نظم عشرات آلاف الفلسطينيين مسيرة نحو السياج مطالبين بأن تساعدهم إسرائيل في كارثة إنسانية في القطاع؟ (كورونا) يطرح على أرض الواقع مشاكل غير محلولة بالنسبة لعلاقات إسرائيل مع القطاع، ولم نحسمها على مر السنين».