حسن حماني… من طالب مهاجر إلى مسير للشأن المحلي في بلدية نانتير الفرنسية إعلان اقرأ المزيد <![CDATA[.a{fill:none;stroke:#9a9a9a;stroke-width:2px}]]>
وصل السياسي الفرنسي المغربي حسن حماني إلى باريس في الثمانينات من القرن الماضي، محملا "بالحماس والأمل في مواصلة الدراسة وبناء حياة جديدة"، ولم يكن في حسبانه أنه سيخوض يوما غمار السياسة الفرنسية من بابها المحلي على مستوى مدينة نانتير ضاحية باريس.
الوضع الصعب الذي يعيشه عادة الطلبة الأجانب في المهجر، لإثبات الذات والنجاح في مشوارهم الدراسي، حفزه على الانخراط في العمل النقابي، وكان "اتحاد الطلبة الشيوعيون" إحدى المحطات المهمة في حياته النقابية كطالب، وفر عبره "الدعم" للطلبة الأجانب في مسيرتهم العلمية.
"لقد اكتشفت الوجه الآخر لهذا البلد، الذي كثيرا ما حلمت بمواصلة دراستي فيه والاستقرار به"، يذكر حماني، الذي يشغل اليوم مسؤولية نائب عمدة نانتير مسؤول التواصل، بدايته الأولى كطالب يكتشف مصاعب العاصمة الفرنسية قبل أن يحصل على الدكتوراه في "الإثنوسيميوتيك" (علم الإشارات اللغوية المطبق على علم أعراق البشر) من جامعة باريس 3 السوربون الجديدة.
ويعتبر هذه المرحلة من العمر "مشوار محارب"، تتوزع حياة الطالب فيها بين معارك حاسمة من "تسجيل في الجامعة، حصول على بطاقة إقامة، إيجاد مسكن، دون الحديث عن ضرورة العمل لتلبية حاجيات الحياة اليومية".
الانخراط في العمل السياسي
انخراطه في العمل السياسي أتى في مرحلة لاحقة، أو كنتيجة مباشرة لعمله النقابي. فاحتكاكه مع الطلبة الشيوعيين في نقابتهم، عبد له الطريق للانضمام للحزب الشيوعي، الذي تقلد فيه عدة مسؤوليات، وانتخب باسمه في بلدية نانتير في 2001 قبل أن يغادره في 2002.
وتجربته الحزبية الثانية كانت مع "اليسار المواطن"، الذي ساهم في تأسيسه على مستوى مدينة نانتير، وهي تجربة كان لها بداية ونهاية كما سابقتها في الحزب الشيوعي حيث غادرها في 2015.
وفي 2018 ساهم في تأسيس جمعية "نانتير إي بلوس" (نانتير وأكثر). ويخوض الانتخابات البلدية الحالية كمستقل مع رفاق آخرين له من نفس المنظمة ضمن قائمة "اليسار المتنوع" التي يرأسها العمدة الحالي لنانتير باتريك جاري. وهي قائمة يدعمها الحزبان الشيوعي والاشتراكي وتشارك فيها فعاليات مثله من الجمعيات.
ويفسر مشاركة هذه الفعاليات في القائمة "انفتاح على المجتمع المدني في تجاوز للأحزاب التقليدية، التي ظلت رهينة نفسها"، وخير مثال بالنسبة له، "حركة السترات الصفراء التي أكدت أن الأحزاب لا تمثل في بعض المراحل إلا نفسها، فيما تظل أصوات كثيرة على هامشها، ولا تسمع إلا من خلال الشارع".
وهذا الوضع الحزبي كان وراء مغادرته للحزب الشيوعي "اخترت الانتماء للحزب الشيوعي في أول الأمر، لأنه الحزب الذي كنت أعرفه أكثر عن طريق مناضليه في نقابة الطلبة الشيوعيين… تعلمت الكثير من هذا الحزب وتقلدت فيه الكثير من المسؤوليات. وغادرته، ليس لأفكاره وقيمه، وإنما لأنه حزب غير قادر على الانسجام مع تحولات المجتمع والخروج من ثقافة الحزب".
ولا يخفي حماني أن نشاطه في جمعيات مهتمة بقضايا الهجرة والمهاجرين، كانت محفزة له في الإقبال على العمل السياسي. لقد سمح له تطوعه لإعطاء دروس في اللغة العربية في جمعية "العمال المغاربيين في فرنسا"، التعرف عن قرب على أوضاع العمال المهاجرين وجميع الأمور المرتبطة بالهجرة بينها الاندماج والجدل المثير حوله.
مشوار منتخب
انتخب حماني لأول مرة في الاستحقاقات البلدية الفرنسية 2001، وكانت بالنسبة له، بداية لمشوار سياسي في تسيير الشأن المحلي، "هي تجربة استفدت منها الكثير وتعلمت أن المنتخب ليس صفة وإنما عمل يومي يكون في بعض الأحيان على حساب الحياة الخاصة"، يقول حماني.
ويعتبر أن "المنتخب لا يعني أنه يملك جميع الحلول للمشاكل المطروحة، وإنما البحث عن حلول يستدعي إشراك الناخب فيه، لأن التطور يأتي بالتكتل ووضع اليد في اليد"، مشيدا في هذا السياق بما يعرف بـ"الديمقراطية التشاركية" وأثرها على تنمية المجتمع.
كما أنه كمنتخب يميل لنظرية النفس الطويل والجهد الكبير في تحقيق الإنجازات، فهو يرى أن ذلك "لا يكون بالقرار فقط، وإنما بالمصاحبة أيضا مع الأخذ بعين الاعتبار كل الوقت الذي تتطلبه الإجراءات الإدارية وغيرها لأجل ذلك".
وحماني هو من المنتخبين الذين عاشوا مجزرة المجلس البلدي لنانتير في مارس/آذار 2002، "عندما اقتحم مجنون مسلح في منتصف الليل المجلس أثناء انعقاده للتصويت على الموازنة، وقتل ثمانية أشخاص وأصاب آخرين. هي مأساة ترافقني حتى اليوم". "لكنها علمتني كيف أتجاوز مثل هذه الأحداث، لأنه دائما هناك ما هو أخطر من ذلك".
قضية الهجرة والسياسة
إذا كان السياسيون المتحدرون من الهجرة يفضلون عادة الانخراط في الأحزاب اليسارية، فهذا يفسره حسب حماني، "المثل المغربي الذي يقول ما يهرب حتى واحد من دار العرس"، أي لا ينسحب الشخص من وليمة بدون سبب، قبل أن يتساءل "كيف تريدون أن نشارك حركات وأحزاب طروحاتها التي تتهمنا بأننا سبب كل مشاكل مجتمعنا. نعتبر من قبل هذه الأحزاب أننا عملة تستخدمنا في المناسبات الانتخابية".
ويعبر حماني عن عدم رضاه عن نسبة تمثيلية السياسيين من أصول مهاجرة في المؤسسات المنتخبة، حيث تظل بالنسبة له بعيدة عن توقعات الفرنسيين من أصول أجنبية. "على المجتمع الفرنسي أن يفهم أن الأجيال الجديدة ذات الأصول الأجنبية هم فرنسيون أيضا".
وساعدته تجربته في المسؤولية كمنتخب "في تطوير قدرته على الاستماع للآخرين"، التي يراها "عملية أساسية بالنسبة للمنتخب"، كما حفزته على "تجديد مقترحاتي لتلبية حاجيات المواطنين، والعمل من أجل الصالح العام".
ويبقى حق تصويت الأجانب المقيمين في فرنسا من غير الأوروبيين في الانتخابات المحلية ضمن أهم "نضالاته السياسية". "كيف يمكن أن نتصور أن دولة كما بلدنا مهد حقوق الإنسان، لا تسمح حتى اليوم لنساء ورجال أمضوا حياتهم على الأراضي الفرنسية، ساهموا في بنائها، يدفعون الضرائب، من أن ينخرطوا في حياة وتسيير مدنهم؟ كيف نقبل أن فرنسا من الدول الأوروبية القليلة التي لا تمنح هذا الحق؟".
وجميع الحكومات التي تعاقبت على الحكم في فرنسا من يمين ويسار يحملها مسؤولية حرمان هذه الجاليات من حق التصويت. "اليمين كان موقفه واضحا. لكن لا أجد تفسيرا لعدم تبني اليسار لهذا الحق عندما كان يتمتع في وقت قريب بالأغلبية في البرلمان بغرفتيه. تصويت الأجانب غير الأوروبيين سيبقى مطلبا سياسيا بل يمكن أن أقول أخلاقيا".
بوعلام غبشي
النشرة الإعلاميةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك
تحميل التطبيق
<![CDATA[.cls-1{fill:#a7a6a6;}.cls-2,.cls-6{fill:#fff;}.cls-3{fill:#5bc9f4;}.cls-4{fill:url(#linear-gradient);}.Graphic-Style-2{fill:url(#linear-gradient-2);}.cls-5{fill:url(#linear-gradient-3);}.cls-6{stroke:#fff;stroke-miterlimit:10;stroke-width:0.2px;}]]>google-play-badge_AR