ما إن يصل عقرب الساعة إلى السادسة مساء بتوقيت الأردن، حتى يدخل موعد حظر التجول الكامل، بعد رفعه جزئياً للتسوق مشياً على الأقدام، في مشهد تبدو فيه العاصمة والمدن كافة، خالية من السكان، محظورة الحركة في أرجاء البلاد، فقانون الدفاع مفردة لها معناها المُلزم عند الأردنيين، الذين يعرفون أن تطبيقاته محصورة بيد القوات المسلحة – الجيش العربي.
في الموعد نفسه وفي تمام الساعة السادسة؛ تضرب صفارات الإنذار ليعتكف الجميع في منازلهم، باستثناءات محدودة للحركة لمهن محصورة، كأنها مورست بنطاق الأطباء والصحفيين فقط، وبعض شاحنات تزويد الخدمات الأساسية من مؤن غذائية، وخضار.
يتبع صوت صافرات الإنذار، صوت عسكري يشق صمت المدن والقرى، يتلو أمر الدفاع الذي يحظر التجول، وتحت طائلة المسؤولية القانونية بحق المخالفين، الذين تجاوز عددهم المئات مع مركباتهم، التي يتم نقلها لأماكن مخصصة للحجز في منطقة القطرانة جنوب البلاد.
المشهد في عمان حصراً؛ تلك المدينة التي يمتد صخب شوارعها وناسها حتى ساعات الفجر الأولى، لتبدو اليوم خالية، إلا من الإنارة التي تكشف امتداد الإغلاقات للأسواق والمحال التجارية على مدى البصر، الصحفيون يرصدون ذلك بكاميراتهم بصور ثابتة ومتحركة. نقاط الغلق التي تتوزع على الشوارع والمنافذ، تتوزع بين الأمن العام في الشوارع الفرعية، والجيش على النقاط الحيوية لمفاتيح المدن والمناطق، في مشهد لم يألفه الأردنيون من قبل، فكلمة الطوارئ محفوظة في الدستور الأردني كحالة نظرية، لكنها اليوم مطبقة عملياً.
يلتزم المواطنون غير المصرح لهم بالحركة، ويلتزم جميعهم في ضبط إيقاع حركتهم من الساعة العاشرة صباحاً، وحتى الساعة السادسة مساء، مشياً على الأقدام، ثم يغلق الجميع أبواب منازلهم على نشرات إخبارية تنقل لهم أرقام الإصابات بفيروس كورونا.
سهرة الأردنيين في منازلهم أصبحت محصورة في مشاهدة القنوات الإخبارية المحلية، التي خصصت كل تغطياتها لقضايا فيروس كورونا. من دون أن ينافس متابعة الأردنيين أي شأن آخر.