يسري اليوم حظر تجول عام في الأردن، لغايات عمل فرق التقصي الوبائي، وتعقيم بعض المرافق العامة، وقطع الطريق عن أي مخالفات قد تحصل نتيجة خروج البعض للتنزه خلال طقس الجمعة الربيعي.
ومع دخول قرار الحكومة الأردنية حظر التجول أسبوعه الثالث، تكسرت عادات كثيرة لدى الأردنيين، ودخل المزاج العام في مرحلة تعود على نمط حياة مختلف جذرياً عن أنماط سابقة.
ولم يقتصر التغيير في نمط حياة الأردنيين على التسوق مشياً على الأسواق، فمشهد المواطنين المحملين بأكياس من التزود الغذائي، يعود في البلاد إلى زمن ما قبل امتلاك المركبات الخاصة، ومحدودية وسائط النقل العام، في آخر ثلاثة عقود من القرن الماضي؛ بل زاد المشهد نحو التغيير من خلال تغيير واضح في نمط التسوق، باتجاه شراء محدود لما يلزم، بعيداً عن مشاهد الشراء المفرط والأكياس المنتفخة.
وفي السياق، دخل على خط عادات الأردنيين المتغيرة، إلغاء مئات من الدعوات للأعراس في القاعات العامة والفنادق، في موازاة مشهد محزن خلال حالات الوفاة التي أضحت وسائل التواصل الاجتماعي هي المكان الوحيد للإعلان عنها، واستقبال التعازي.
وفي مشاهد الحزن تلك، أجبرت حالة الطوارئ الأسر الأردنية على دفن موتاهم في حدود ضيقة جداً، فتصاريح الحركة خلال حظر التجول أصبحت تمنح على نطاق ضيق، من خلال منحها لأصول المتوفى فقط، مع إيقاف بيوت العزاء المفتوحة، وأي مظاهر لاستقبال المعزين، إذ كانت السيدة الأردنية الفلسطينية تيريزا هلسة (إحدى من اختطفوا طائرة «سابينا» البلجيكية إلى مطار اللد في إسرائيل عام 1972) قد توفيت دون إقامة أي مظاهر عزاء عامة.
وبرزت بالمقابل مشاهد مجتمعية عززت مفهوم التكافل الاجتماعي، سواء في المدن أو القرى الأردنية، وتبرع شبان الأحياء بمساعدة العائلات التي تترأسها نساء أو شيوخ، بالتكفل بنقل الأغذية والمستلزمات الأساسية لبيوتهم، أو عبر التكفل بتوزيع طرود خيرية تبرع بها ميسورو حال، أو تم شراء محتوياتها من تجار الجملة، ليتم توزيعها سيراً على الأقدام بين الأحياء السكنية، بينما اقتطع عديد من الأردنيين العاملين في وظائف ومهن من أجورهم الشهرية، وتبرعوا بها للعائلات محدودة الدخل أو الأسر المهمشة.
ولم تتوقف مظاهر التكافل الاجتماعي عند هذا الحد، فقد بدأ عديد من أصحاب العقارات والأملاك والبيوت السكنية المؤجرة، بإعلان إعفائهم لمستأجري تلك المساكن أو العقارات، في مشهد من مشاهد التكافل الاجتماعي، من إيجار شهر مارس (آذار)، بينما أعلن أحد المولات التجارية الشهيرة في العاصمة عمان إعفاء مستأجري المحلات كذلك، بسبب الإغلاق الكامل، عدا عن إطلاق عدة مبادرات لدعم الأشقاء العرب المقيمين في البلاد، في بلد يعمل فيه أكثر من 800 ألف عامل وافد من جمهورية مصر العربية، ويقيم فيها نحو نصف مليون عراقي، ونحو 50 ألف يمني، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الليبيين والسودانيين الذين توقفت أعمالهم في حظر التجول، كما توقفت مظاهر الحياة العامة.
وبينما يتفاوت التزام الأردنيين بحظر التجول الجزئي خلال ساعات النهار بين حين وآخر، ثمة صورة تجعل من المواطن أكثر التزاماً، فصورة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في الميدان وغرف العمليات، وظهوره بالزي العسكري، تترك انطباعاً عاماً بطبيعة المرحلة وقراراتها الصارمة، ليخاطب الملك الأردني المواطنين عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مطالباً بتسهيل الحياة على الأردنيين، واعداً بمحاسبة المقصرين من الرسميين.
وحول استقالة وزير الزراعة، أعلن رئيس الوزراء عمر الرزاز أنه نسب إلى العاهل الأردني أمس الموافقة على استقالة الوزير، وفق بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) على صدر صفحتها الرئيسية.
ونسبت رئاسة الوزراء قبول استقالة الوزير، إلى «الالتزام بالمسؤولية السياسية والأدبية، ونتيجة الأخطاء الإدارية التي حدثت في بعض مديريات الزراعة بالمحافظات؛ وضع وزير الزراعة المهندس إبراهيم الشحاحدة استقالته بين يدي رئيس الوزراء».
ولا يزال تفشي فيروس «كورونا» يؤثر في أنماط حياة الأردنيين، فبينما انتشرت على نطاق واسع أدوات التعقيم كلها، ومظاهر الالتزام بارتداء القفازات والكمامات، والحفاظ على التباعد بين المواطنين في الأسواق، لا تزال هناك فوبيا اكتشاف بؤر جديدة للعدوى بالمرض، بعد الكشف أمس عن منزل في منطقة الرمثا الحدودية، انتقلت لسكانه العدوى من أحد أفراد الأسرة الذي عاد مؤخراً من السفر.