أعرب عبد الفتاح مورو، رئيس برلمان تونس سابقاً، عن تخوفه مما اعتبره «غياب الانسجام والتوافق داخل مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والحكومة والبرلمان»، وهو ما يؤكد، بنظره، ما يروّج له عدد من المواطنين وبعض السياسيين عن وجود «خلافات عميقة» بين الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) وأنصارهم.
واعترف مورو في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه الخلافات «ليست جديدة على المشهد السياسي والإعلامي التونسي»، حيث برزت في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي (2015 – 2019)، لكنه سجل أن الأعوام الخمسة الماضية عرفت سلاسة في سير مؤسسات الدولة التنفيذية والبرلمانية لأسباب عديدة، أبرزها فوز حزبين كبيرين، هما «نداء تونس» و«حركة النهضة»، بأكثر من ثلثي مقاعد البرلمان السابق. غير أن نتائج انتخابات الخريف الماضي أفرزت «فسيفساء حزبية وسياسية متشرذمة، حيث أوصلت إلى الحكم شخصيات ومجموعات سياسية، لديها كتل برلمانية صغيرة، لا يمكن أن تضمن السير العادي لعمل البرلمان والحكومة وبقية مؤسسات الدولة»، بحسب تعبيره. ومع ذلك توقع مورو أن «يتغير المشهد السياسي الحالي المتأزم» في أقرب وقت، وبمجرد انتهاء الصراع مع وباء «كورونا» المستجد.
في سياق ذلك، أوضح رئيس البرلمان السابق والمرشح البارز لرئاسيات سبتمبر (أيلول) الماضي أن تونس وأغلب الدول العربية والنامية «باتت مهددة بخطر داهم على عدة مستويات»، وتوجه بنداء إلى قادة الدول المغاربية للتشاور، واتخاذ قرارات جريئة وفورية لتجنيب الشعوب، ودول المنطقة مخاطر أمنية وسياسية واجتماعية اقتصادية كثيرة، بما «يحتم تفعيل آليات الاتحاد المغاربي فوراً».
وتوقع مورو أن يستفحل الفقر والبطالة في تونس والدول المغاربية، وأن يتراجع الرهان على الحريات والديمقراطية، وأن تبرز في المقابل «ديكتاتوريات جديدة» على أنقاض النخب السياسية الحالية، التي تعمقت ثقة الشباب والشعوب فيها، مبرزاً أن وباء «كورونا» كشف انعدام شعبية أغلب السياسيين، وهشاشة البنيات الأساسية والمنظومة الطبية والصحية العمومية في تونس، والدول المغاربية والعربية أيضاً.
كما توقّع مورو أن تشهد الأنظمة الديمقراطية والتعددية، وبينها النظام التونسي، انتكاسة بسبب اقتناع مزيد من المواطنين والسياسيين بأن المستفيدين من الشعارات السياسية الديمقراطية هم أساساً ممثلو أطراف شعبوية، ولوبيات تهريب وفساد مالي وسياسي، عجزت عن تحسين واقع الشعب، وضمان مشاركة الشباب في الشأن العام والانتخابات والحياة السياسية.
وفي هذا السياق، دعا مورو السياسيين في تونس والدول المغاربية إلى إعادة النظر في أولوياتهم المحلية والإقليمية والدولية، والرهان أكثر على الأمن الغذائي، والزراعة والاقتصاد التضامني، وتنويع شراكات البلاد للاستفادة من فرص انفتاح بعض البلدان الأوروبية، مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والدول الصاعدة على دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، وبينها تونس والدول المغاربية.
من جهة ثانية، سجل مورو أن نحو ثلثي القضايا التي تنظر فيها المحاكم التونسية والعربية تتعلق بنزاعات عائلية، وقضايا طلاق ونفقة، وعنف لفظي ومادي بين الأقارب، وخلافات حول توزيع تركة الأب والأم، وهو ما يؤكد تعمق أزمة الثقة داخل الأسرة والمجتمعات العربية، وتراكم الأسباب التي تدفع إلى العنف والفوضى والتحركات الفوضوية، التي يستفيد منها المتمردون على مؤسسات الدولة، وعلى المنظومة الإعلامية والسياسية والاقتصادية الحالية.